رئيس التحرير
عصام كامل

زوجة محمد عبدالمنعم شهيد «مذبحة رفح الأولى»: «دم زوجي في رقبة مرسي».. «ابني بيسألني عن أبوه فبقوله سافر للجنة».. والدولة حرمتنا من أبسط حقوقنا والمسئولون أغلقوا جميع الأب

 محمد عبدالمنعم شهيد
محمد عبدالمنعم شهيد مذبحة رفح الأولى

دماء شهداء مذبحة رفح لم تبرد حتى هذه اللحظة، رغم مرور أكثر من عام على استشهادهم برفح، المشهد مروع، هالة الإعلام انحسرت عن الشهداء وأسرهم.


محمد أحمد عبد المنعم، ابن قرية ساقية داقوف، مركز سمالوط بالمنيا، استشهد برصاص الغدر والخيانة، لم يذق إفطاره، كان متوضئا لصلاة المغرب، واخترقت رصاصات الغدر جسده الطاهر أثناء رفع الأذان برفح، أسرته تؤكد أنه عقب مرور الحادث بأيام وضياع زهوته الإعلامية غاب عنا كل شيء، حتى حقوق الشهيد، فلم يسأل عنا أحد، ولم يعرفوا منزل الشهيد ومطالب أسرته كما أشيع.

الشهيد محمد أحمد عبد المنعم، مشهور بلقب "محمد أبو كف" من شدة حبه وعطائه للخير، والد الشهيد يستنكر ما آلت إليه أحوال أرملة الشهيد وطفليه، فقد أصبحوا بلا مأوى، ويقيمون في مسكن بلا مياه شرب، كما ترفض المحافظة تسليمهم إحدى الشقق السكنية التي أشيع تخصيصها لأسر الشهداء، حتى أن سكرتير عام المحافظة رفض مجرد لقائهم.

الحاج أحمد عبد المنعم - 65 عاما- أوضح أن الشهيد كان شقيقا لـــــــ 9 أبناء، بينهم 4 فتيات وشاب معاق، وأنه لم يخرج من الدنيا إلا بأولاده، وكان خبر استشهاد ابنه وزملائه من الجنود البواسل، دون معرفة القاتل، أمرا أشد من المرارة، ويضيف: ليت الدولة عرفت الجناة وأعادت حقوق الضحايا، فبعد أن بكتهم مصر، وانهالت المزايدات الإعلامية من مسئولي الدولة والمحافظة علينا، مر عام ولم نر أيا من هذه الوعود، فيعيش طفلا الشهيد "عمر- 3 سنوات" - وشقيقه "طه - تسعة أشهر"، في مسكن بلا مياه شرب أو أي مقومات الحياة، أو معاش شهري تقتات منه الأسرة، أو حتى وظيفة لأرملته الشابة تستعين بها على تربية طفليها.

والد الشهيد يناشد المسئولين سرعة توفير مسكن لليتامى عرفانا من الدولة بدور ابنه الذي استشهد أثناء أداء واجبه الوطنى، خاصة وأن الشهيد كان يعمل بدولة ليبيا - قبل التحاقه بالخدمة العسكرية التي كان مقررا انتهاؤها في شهر أكتوبر من العام الماضي أي بعد شهرين من الحادث - وكانت تراوده الأحلام للعودة مرة أخرى للعمل في ليبيا لمساعدة أسرته، كما يشهد له أبناء القرية بأنه عاش بطلًا ومات شهيدًا وكان محبا للخير.

زوجة الشهيد تقول: ماذا يفيد الندم، كنا نعتبر أنفسنا أبناء هذا البلد، ووسط بكائها الشديد بدموعها الساخنة أكدت أنها تعانى وطفليها أشد المعاناة بسبب فقد زوجها الذي عاش معها عدة أيام، فقد تزوج ودخل الجيش ولم يمر على زواجها أيام، وعاد في إجازته الأولى لتخبره بأنها حامل في مولودها الأول، وتمر الأيام وهو في التجنيد وتلد دون أن يرى ابنه لمدة 4 أشهر، ونضطر لإرسال المراسيل له لتسمية نجله، وسماه، عمر، حبا منه في سيدنا عمر بن الخطاب وعدله، ثم يعود ليحاول التعرف على طفله، وما كاد الطفل يألف وجهه ويرفض البكاء بين يديه حتى يضطر للعودة إلى وحدته في الجيش، رافضا كل محاولات الغياب ولو لأسباب قوية، وكان يقول للجميع "أيام هنقضيها وبعد كده هنعيش أحلى عيشة".

وتضيف الزوجة باكية، وتمر الأيام وأشعر بحملى الثاني حتى وصل في شهره الثالث وأخبره به قبل سفره فيفرح ويقول سأكون معك هذه المرة، فلم يبق لى في الخدمة سوى شهرين، ولن أتركك مرة أخرى، ويسافر ليأتى إلى خبره، وأحرم منه أنا وطفلاه مدى الحياة،لأعيش في مرار، حتى وضعت طفلي الثاني بعد استشهاد زوجي بستة أشهر، وأسميته "طه" لمعرفتى بحبه لاسم طه، حبا منه في النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، وليكبر طفله الأول ويسأل عن والده فأقول له "أبوك سافر للجنة"، ونعيش في مرار الحرمان من كل شيء، حتى من أبسط حقوقنا على الدولة التي تنكرها علينا، فالمسئولون أغلقوا جميع الأبواب في وجوهنا، وتتساءل الأرملة الشابة: من يأخذ بثأر زوجي الشهيد؟.

سعيد علوانى، ابن عمه، يقول إن أعمال الخير كانت سر حب الناس له، فقد كان" أبو كف" شابا مكافحا يأتى إجازته وكانت أياما قليلة معدودة، وكان يعمل بها في التجارة، وفى اليوم السابق لسفره وعودته لوحدته العسكرية برفح أخرج صدقات كثيرة للفقراء من أهل قريته.

"طارق" شقيق الشهيد، أصيب في حادث مروري أقعده عن العمل، يقول إنهم يشعرون بالمرار حتى الآن بسبب عدم معرفة قاتل شقيقهم، والدماء تغلي في عروقنا، وسوف نستمر في البحث عن القتلة للأخذ بثأر أخي، ونسى المسئولون أن الشاب المجند هو عهدة وطنه، وعلى وطنه تأمين أسرته، ورد الحقوق إليها، وأكد أنهم تلقوا أول دعوة من الفريق أول عبد الفتاح السيسي في 5/8/2012، وكنا في انتظار هذا اللقاء لنعرف من قتل أبناءنا، ولماذا ؟ وماذا فعلت الدولة تجاه هذا القاتل، ونتعرف على حقوق أسرته وأطفاله الذين فقدوا سندهم في الحياة، ولنعلن تجاهل المسئولين بالمحافظة لحقوق هؤلاء الشهداء.
الجريدة الرسمية