صفحة إعلانية.. تخدم القضية
بادئ ذي بدء.. يجب أن نعترف لأنفسنا بحقيقة واحدة.. لا هروب من مواجهتها.. ومحاولة فهم أبعادها.. والوقوف على أسباب فشلنا في اتباعها.. وهي أن "النظام ما بيعرفش"..، وقبل أن تتجاوز وتأخذك الظنون لـ"أرض الرمال المتحركة"، عليك أن تتأكد أن "الأزمة" التي يعاني منها النظام، سياسية "بحتة".. والغريب في الأمر أن الأنظمة السابقة، وبنظرة واحدة لتاريخها، عدا نظام "المرشد والذين معه"، هم أيضا كانوا ضحايا لـ"عدم المعرفة".
ولأنه "إذا عُرف السبب.. فبالقطع يبطل العجب".. فإن الدافع الذي جعلنا نتيقن من الأمر السابق، سببه الأحداث المتتالية، الأزمات التي تضرب أركانه، تهدد مستقبله، وهو يصر دائما أن يبقي في "مقعد المشاهد"، وعندما يحاول أن "ينزل الملعب" يكتفي بلعب دور "المدافع".
فمثلا.. عندما تزداد حدة الانتقادات لـ"القاهرة"، وبعض قراراتها، يمارس النظام المصري -أي نظام-، وفقا لأبجديات "العمل السياسي"، سياسة "التوضيح.. والهجوم إن لزم الأمر"، يبدأ في طرح وجهة نظره للعالم، يقنع بها الأصدقاء، يحاول أن يصنع "معسكر الحياد"، ويواجه البقية الباقية بـ"سيف المعز أو ذهبه"، أما هنا في مصر "أم الدنيا"، فالحال "غير الحال"، فما هي إلا ساعات قليلة من تصاعد حدة الانتقادات لـ"الأداء السياسي"، وتجد "جلمود صخر.. حطه السيل من على"، ينزل على رءوسنا نحن، الذين ندرك الأمر "من أوله لآخره".
يخرج "جهابزة" البرامج الليلية، يزعقون فينا، يهددون بـ"السبابة".. ويلوحون بـ"الإبهام"، يمارسون علينا كل أنواع "التعذيب المعنوي".. و"الاغتيال" الذي لا يعاقب عليه القانون، وإذا كنت من الذين أكرمهم الله "وفهموا الفولة"، فإنك من المؤكد ستصرخ "وأنا مالي يا جدعان.. كلموا الناس التانية"، ولكن دائما يذهب صوتك دون أية نتيجة، سوى أنك تضغط "بكل ما تملكه من قوة" على جهاز "الريموت" باحثا عن قناة " ناشيونال جيوغرافيك"، أو "سبيس تون"، لعلك تجد قليلا من المتعة التي تشفيك من داء "الأذان في روما".
نظام الرئيس "السيسي" رغم حالة الزخم الشعبي التي يتمتع بها، إلا أن التجربة أثبتت أنه يعشق "التقليد"، فأزمة إثيوبيا، التي انتقلت لنا مثل "الملاريا"، من نظام "مبارك"، وظهرت أعراضها الجانبية بقوة في عهد "المعزول وإخوانه"، تهدد اليوم الجهاز المناعي لـ"نظام السيسي"، وبعيدا عن حملة "التطبيل والتهليل" التي خرجت بها صحف "القاهرة" السيارة، وحكاية "البنود السبعة" التي توصل لها "الجنرال" مع رئيس الوزراء الإثيوبي، فإن حالة "انعدام التوازن" تنبئ بـ"أسوأ لم يأت بعد"، فبعدما كانت تقف مصر على أرضية "الرجل القوي"، وجدنا أن "الروس اتساوت".. وأديس أبابا تشترط، والرئيس المصري يقدم الوعود، ورئيس الوزراء الإثيوبي يطالب، و"السيسي" يتعهد، ووسط هذا كله، نفاجأ بأن إثيوبيا استطاعت - ودعك من التقارير التي تقدمها الصحافة المصرية- أن تصنع قضية، ليس هذا فحسب، ولكنها "أحسنت الدفاع عنها"، تمكنت من رسم صورة "المجني عليه" لدى الرأي العام العالمي، بصفحات إعلانية "مدفوعة الأجر"، أظهرت مصر في هيئة "البلطجي" الذي يريد أن يحكم ويتحكم في "مجري النيل".. من بيده "الحنفية"، بينما كانت القاهرة مشغولة بـ"مظاهرات الإرهابية".. والتوقيت الشتوي "اللي ساعة يروح وساعة ييجي".
"الإخوان..لعبوها صح"
أما استثناء فترة حكم "الإخوان" من سيناريو "النظام اللي مبيعرفش" فسببه واضح، لمن يريد المعرفة، فالجماعة كانت - ولازالت- تدرك أهمية "الميديا"، وخاصة "الخارجية"، وتاريخها الطويل جعلها تتقن لعب دور "المجني عليه" بحرفية عالية، فلم يكن غريبًا أن تخرج "كتائبها الإلكترونية"، بعد ساعات قليلة من الحكم على "خلية الماريوت" لتشير إلى أن الصحافة الغربية "بربطة المعلم"، "واخدة على خاطرها من مصر"، ليس هذا فحسب، ولكنها "فرطت" في صفحات كاملة من أعدادها الصباحية، في اليوم التالي لصدور الحكم، لتخرج "بيضاء ناصع لونها يسر الشامتين"، وذلك اعتراضا منها على "حكم حبس الصحفيين".
ليس هذا فحسب، لكنها استطاعت تسويق صور عدد من أفراد الـ"بي بي سي" وهم يضعون "الشريط اللاصق" على أفواههم، في دلالة لكبت الحريات في زمن "السيسي"، أفضل تسويق، ووسط هذا كله، لا تزال "شلة الرئيس" تحاول أن تنفي تهمة "عودة الفلول" تحت مظلته، ولا تزال تتحدث عن "بشاير الخير اللي جاية"، ولا تزال تبحث عن "منفاخ" لمئات العجلات التي استجابت لـ"ماراثون الرئيس"، ولا تزال أيضا تحصي "الملايين" التي تبرع بها -لاحظ "تبرع"- عدد من رجال الأعمال استجابة لـ"تبرع السيسي"، متجاهلين أن "التبرعات لا تبني الأمم.. لكنها تمنح المخيمات فرصة للحياة".