رئيس التحرير
عصام كامل

أطفال الشوارع


بعد سنوات طويلة فى الخارج، نتابع لحظة بلحظة أخبار بلدنا الغالى مصر ونتابع المشاكل التى تظهر يوما بعد يوم والتى تبدو فى الظاهر وليدة الحدث ولكنها عميقة الجذور منذ زمن بعيد، ومنها أطفال الشوارع:

هم قنابل موقوتة، كثيرا ما نوه عنها الناس وتناولها الإعلام والأفلام والمسلسلات منذ سنوات، تنفجر فى وجوهنا جميعا الآن مؤذنة بتخريب مصر والعجيب أن يتعامل معها بعض الناس على أنها مفاجاة وكأنهم كانوا يعيشون فى بلد آخر ولم يسمعوا بها، وكأن عيونهم لم تلتقط حجم الفقر والبؤس الذى راح يتزايد سنة وراء سنة فى العشوائيات. تطفو على سطح حياتنا مدن جديدة غنية تغلق على أصحابها حتى لا يتعاملوا مع باقى طبقات المجتمع المصرى، متصورين بهذا أنهم نجوا من المأساة وتخطوا الأزمة، تلك الفوارق الاجتماعية الملاحظة جدا لاحظتها عينى كل أجازة لمصر وهى تزداد وأنا أنتظر يوما أن تفجر غضبا عارما يشبة الثورة ولم يتأخر انتظارى كثيرا.
الآن نجنى ثمار إهمال عشرات السنين وكما أخرجت لنا جيلا رائعا صنع ثورة بمنتهى الجرأة أخرجت لنا جيلا لا يعرف معنى الانتماء لأنه ليس محسوبا على الأحياء ولم ير من مصر إلا كل الهوان، بضعة جنيهات فى يده من صاحب مصلحة ويخرب بكل حماس، تلك أدوات يستخدمها أصحاب المصالح فى الداخل والخارج مسئول عنها مئة فى المئة نظام فاسد سابق، وللأسف مطلوب من النظام الحالى أن يجد لها حلولا لأنه هو من تقدم بكل اهتمام ليتولى مسئولية مصر فى هذه الفترة الحرجة وإن كنت أثق أن أنظمة العالم لو اتحدت لن تستطيع أن تجد حلولا سريعة ولعل ما يخيفنى ليس أن يبدأ النظام فى وضع خطة إحياء مصر من العدم وليس أيضا من سيسعى لهدم كل خطة حتى قبل أن تبدأ ولكن ما يخيفنى حقا كيف يمكن تطويع شخصية بعض الناس للبناء إن كانوا تعودوا الهدم ...مظلوم معهم كل مصرى شريف يدفع أثمانا وليس ثمنا واحدا.
بائع البطاطا الذى تم قتله بالخطأ عمره 13 سنة أمثاله فى الدول المتقدمة يتعلمون فى المدارس ويتلقون كامل الرعاية والتربية، وأمثاله عندنا فى هذه السن الصغيرة يبيعون البطاطا وأمثاله آخرين يجرون فى الشوارع وأمثاله آخرين يتناولون المخدرات ..أمثاله ضحية.. ضحية نظام سقط رأسه واستمر جسده.. واستمر الناس فى مصمصة الشفاة ... أسقطنا نظام مبارك من الحكم ظاهريا ولم نسقطه داخل أنفسنا فعليا لأننا نمضى على نفس الطريق وبنفس أسلوب الحياة.
انتهاك حقوق الأطفال ليس فقط بالقتل الخطأ ولكن أيضا بالعمل فى هذه السن الصغيرة ...اغتيال براءة الأطفال ليست فقط بالقتل الخطأ ولكن أيضا بعدم محاولة مساعدتهم مساعدة جدية للبحث عن حلول لهؤلاء واستغلال صورهم إعلاميا لتحقيق أهداف خفية.
- الميزة الوحيدة للانتهازيين والمنتفعين من الناس هى قدرتهم على الاتحاد، توحدهم أطماعهم وسطحية أفكارهم والشرفاء ليست لديهم القدرة على التجمع رغم نبل أخلاقهم ووحدة أفكارهم.. فإن اتحد المنتفعين وأصبحوا فى الصدارة فليس على الشرفاء أن يلوموا إلا أنفسهم.
الجريدة الرسمية