الحبيب الجفري..بين الإسلام والإلحاد!
لا نعرف ولم نسع لكي نعرف السبب الذي دفع الداعية الإسلامي المعروف الحبيب على الجفري لكي يلتقي بمجموعة من الملحدين المصريين من المسلمين والمسيحيين على السواء!
مما يعنينا أنه التقاهم فعلا واستمع لهم وتناقش معهم وابتسم لما يسمع ولم يتأفف منه ولم يعل صوته ولم ينفعل ضدهم ولم ينفجر بالغضب ولم يبلغ الشرطة ولم يطردهم من مجلسه ولم يحل دماءهم ولم يمنحهم فرصة للاستتابة ولم يتوعدهم بالنار ولم يعطهم خطبا عصماء ولم يترك مجلسهم وينصرف وربما خرج وخرجوا من اللقاء بصداقات ممتدة!
ما فعله الجفري هو الإسلام بعينه.. ولأنه يعرف دينه بشكله الحقيقي الصحيح لذا تعامل بما يؤمن به..وهو عذر الناس بجهلهم.. والدعوة لما يؤمن به بالكلمة الطيبة وليس بالحسنى فحسب وإنما بالتي هي أحسن..
الجفري حاورهم بما يعرفه من دينه لذا لم يراع إلا رضا ربه.. وليس رضا الناس وتصفيقهم والهتاف له..كما فعل غيره من مدعي العلم والإعلام..والجفري يعلم - كما نعلم - أن قوانين حرية العقيدة في الإسلام ثابتة مستقرة لا نسخ فيها ولا منسوخ..وهو يعلم - كما نعلم - أنه لا حد للردة في الإسلام..وأن كل المرويات بهذا الشأن تتعارض مع القرآن وبالتالي فهي غير صحيحة وأن الإسلام لا يقلل منه خروج من يخرج منه ولا يضيف إليه اعتناق الكثيرين له..
دين الله الأخير العظيم يضع القوانين الأخيره للبشرية..وليس منها إجبار الناس على اعتناقه..فهو الدين الذي يقول كتابه ورسوله عليه الصلاة والسلام إن النية هي معيار ومحل الحساب..وإن الأيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل..ولا توجد قوة في الكون تجبر أحدا على الإيمان بشيء بالقوة والإكراه والإجبار..
دين الله الأخير العظيم يعلمنا أن المعركة مستمرة بين الإيمان والإلحاد..ونحن نؤمن أن الإلحاد مهزوم مهزوم لا محالة..ولا نصر ولا انتصار له مطلقا..لكننا نعلم أيضا أن انتصار الإيمان كلية يعني انتهاء الاختبار الإلهي الأزلي لعباده من البشر..ولا معنى لاستمرار الحياة الأولى..لذا فالصراع قائم ومستمر..
الحبيب الجفري قدم نموذجا مختلفا لرجل الدين المستنير..الذي يوغل في الأمور برفق ولا يخير بين أمرين إلا واختار أيسرهما ويعلم جيدا معنى قوله تعالى " وادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"...وهكذا..يبدو الجفري الهادئ البسيط أكثر التزاما بالقرآن والسنة..أكثر من أولئك الأعلى صوتا..والأطول لحية..والأكثر صراخا وعويلا..الجفري يدرك أن " الله لا ينظر إلى صوركم وأشكالكم" إنما " ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".. كل التحية لك يا جفري..