الأهم من تبرع الرئيس
الجميع توقف أمام ما فعله الرئيس عبد الفتاح السيسي وإعلانه التبرع بنصف راتبه ونصف ثروته التي ورثها عن والده لصالح مصر، ومن المؤكد أن هذا التصرف لم نعهده من قبل أن تكون التضحيات من أجل الوطن واقعا ملموسا وليس شعارات تتردد في المناسبات، وافتتاح المشروعات وما فعله الرئيس دفع البعض لإعلان نفس موقفه استشعارا للظروف التي تمر بها البلاد.
ورغم تهليل البعض وركوب رجال الأعمال الموجة إلا أن الكثيرين لم يتوقفوا أمام شىء خطر للغاية ذكره الرئيس خلال خطابه في حفل تخرج الكلية الحربية، واعتبره من وجهة نظرى أنه أهم من إعلان التبرع بنصف راتبه ونصف ثروته عندما قال على الملأ إنه لا يريد أن يحرج الوطن أكثر من ذلك مع الإخوة الأشقاء هؤلاء الذين قدموا لمصر خلال الفترة الماضية، وطرح الرئيس سؤالا: هل نظل على هذا الحال دائما ؟ من المؤكد أن هذا لن يحدث فلا يوجد أحد ينفق على أحد دائما وطول الوقت، كما أن ثقافة التسول لا يمكن أن تبنى دولة أو تنعش اقتصادا أو تستر شعبا.
نحن نحتاج أن نعتمد على أنفسنا، وأن تعود مصر كما كانت دائما فضلها على الجميع، وهذا الأمر لن يتحقق من تلقاء نفسه أو بالعثور على الفانوس السحرى وتغيير الواقع بين يوم وليلة، هذا سيتحقق عندما تكون هناك خطة واضحة ورؤية محددة للنهوض بالدولة وبالشعب المصري، فمسئولية تغيير الواقع مسئولية مشتركة بين الشعب والحكومة فلم نسمع من قبل ذلك عن شعب حقق طفرة اقتصادية دون وجود خطة حكومية، ولم نر قبل ذلك حكومة غيرت واقع شعبها دون مساندة هذا الشعب.
لقد عانينا كثيرا من الاستهبال الاقتصادى، حيث يتقمص الكثيرون شخصية الخبير الاقتصادى والرجل الذي يتحول التراب على يديه إلى ذهب وما على الحكومة إلا تنفيذ اقتراحاته وعصارة فكره الاقتصادى، وحتى الآن يبدو أن الحكومة تأخذ "بفتاوى" هؤلاء المهابيل حيث لا نجد خطة وتحديد لأولوياتها ومشروعاتها خلال الفترة المقبلة.
كل ما نراه منافسة قوية بين الوزراء في الاستيقاظ مبكرا ونحن لسنا ضد هذا ولكن لا بد م أن يربطوا الاستيقاظ مبكرا بجودة الأداء ونتيجة على أرض الواقع، كما أن حرص رئيس الوزراء على الجولات الميدانية واهتمامه بها في كل مكان يذهب إليه جعلها الحصة الأولى في جدول الوزراء اليومى، وتحول الأمر من رغبة حقيقية في الإنجاز والعمل على تخفيف معاناة المواطنين اليومية إلى نفاق للرئيس ورئيس الحكومة وهذا لن يبنى وطنا.