هاتوله شغلانة!
كلام في سِرَّك، لا أثق أبدًا أو أصدق أي واحد ممَن يحصلون على تمويل خارجى، تحت أي اسم بقى، دعم ديمقراطية، تنمية مجتمعية، إثارة ثورات أو نعرات أو تشنجات، ربما جاء ذلك بسبب حقدى عليهم، خاصةً وإن الحالة ضنك، والواحد لا عارف يحصل على تمويل خارجى ولا حتى داخلى، بس قولت لنفسى يا واد أهى بلدنا ونستحملها، وإن مكانشى المواطن الشريف العفيف مننا يشيل بلده وقت الزنقة، هايشيلها إمتى؟ وبينى وبينك أنا شايلها من زمان أوى، ما إنت فاهم بلدنا طول عمرها مزنوقة!
قولت لذات نفسى في قعدة صفا كده، وقعدات الصفا أصلها نادرة شويه، طلبات البيت مش بتخلص، وعليها كمان طلبات رمضان، ومن بعديه العيد، وبعدين العيد التانى، وبعدين المدارس، جرى إيه يا جدعان؟ هو مفيش غيرى في البلد؟ لأ وتلاقى موضوع التبرعات دة طلع لك في البَخت، طيب أتبرع بأيه؟ أنا ممكن أتبرع بمقالات، عندى استعداد أتبرَّع بخمسين مقالا، يا أخى ميه وخمسين، قالولى طيب مقالاتك دى هاتنفع البلد بإيه؟ يا عم انشروها بمعرفتكم، واللى يطلع من وراها حلال على مصر، وأبقى ابن ستين برادعى لو جيت قولتلكم عاوز مليم منها!
نرجع مرجوعنا لحكاية التمويل دى، قاعد بتفرج على التليفزيون، وحلقة مُعادة من العاشرة مساءً، كان نفسى أغيَّر القناة، بس كنت بتعشى، وعقبال أمالة حضرتك كنا عاملين زَفَر على العشا، وهى مُناسبة نادرة، نُقبل عليها بنهم وشراسة وشراهة وإلحاح، لدرجة إن أيدين الواحد مستحيل تكون فاضية أو نضيفة علشان تجيب الريموت وتغيَّر القناة، وللعلم وأكيد هو واضح، إن العبد لله مش بتاع شوكة وسكينة وباتون ساليه وبون أبيتى وبون نوى، والكلام بتاع قبيضة الدولارات ده!
نرجع بقى؟ نرجع بجد، متهيألى لازم نرجع، المُهم البرنامج مستضيف الدكتور (سعد الدين) بتاع مركز (ابن سعدون)، وهاتك يا غسيل في الراجل، من المُذيع والضيف، وما تيسَّر من السادة المُتصلين، إنه ينضف مفيش فايدة، وامتلك الرجل قدرًا من التناحة، لدرجة أنه طلب ساخرًا من أحد المشاهدين الكرام إنه يجيب له شغلانة بدل الشغلانة المشبوهة اللى كُلها خيانة وقبض وتمويل وعمولات دى، وبصراحة وقتها وفى لحظة ضعف إنسانى، اتمنيت إن المُشاهد الكريم يجيب له فعلًا الشغلانة، جايز لما مكانه يفضى ويصبح شاغرًا، يطلبونى أنا فيه، خصوصًا إنى سمعت إنهم بيدفعوا كويس أوى، ده غير السفر والرحلات على اليخوت، والأكل زفر في زفر، مش يوم زفر وست أيام بدنجان وطعمية لما الواحد بطنه وأوأت، ولسَّه بيقول بلدنا ونستحملها!
ونرجع تانى على رأى الكابتن (ممدوح فرج)، طيب تفتكر إيه الشغلانة اللى تليق بالدكتور (سعد) بتاع مركز (ابن سعدون)؟ الراجل ده ضحك على (مبارك) متفهمش إزاى، واتحد مع الإخوان برضو مش عارف إمتى، وراح مديلهم واحدة براوليه كده، وعامل تحالف ظاهرى مع ثورة يونيو، وفى نفس الوقت عمَّال ينخور للدولة المصرية، ويروح قطر مش عارف ليه، جايز الحمامات بتاعتهم هناك أريح من هنا، وياريت تحُط نفس حضرتك مكان واحد بيقبض بملايين الدولارات، تفتكر ده مُمكن يستنضف حماماتنا ومجارينا؟ لأ طبعًا، ده كُل ما يتزنق بيروح يفُك في قطر، أصل بينى وبينك بيوت الراحة هناك أريح وأوسع، وبالمرَّة يعمل لك مبادرة، ويقول لك الشيخة (تفاحة) قالت، والحاجة (كمتراية) عادت، ويطلعوا هما يكدبوه، ويقولوا إنه مدخلشى القفص أصلًا، ومع ذلك يفضل هو محتفظ بهدوئه، ومن الواضح إن القرش (عفوًا السنت) بيسند القلب جامد، وبيؤدى لكفاءة غير مسبوقة في الغدة التناحية، وهى المسئولة عن إفراز هرمون التباتة، ويقول لك شوفولى شغل!
طيب مُمكن مركز (ابن سعدون) ده بوضعيته وتاريخه يتحوِّل لمركز ثقافى، آه ثقافى من اللى إنت فاهمه، مش الثقافة الفارغة بتاعة فتح ونصب دى، ماله الثقافى؟ ماهو فاتح بيوت في أوربا وأمريكا، وأهو يليق بصاحب المركز وخبراته العريضة وتاريخه الملظلظ، وفى نفس الوقت يحافظ له على مستواه المادى كمان!
ولو كان الدكتور (سعد) عاوز يتعب ويشتغل بعرقه شوية، ويعتمد على روحه، ويكسبها بشرف، فهو مُمكن يشتغل سمسار عقارات، أو سمسار وظايف، أو سمسار أنفار، أو حتى ريجيسير من اللى هما بيجيبوا الممثلين والكومبارس للأفلام، أي حاجة فيها سمسرة ضرورى هاتنفع سيادته، وده مش عيب مادام هايكُلها بإخلاص، والحقيقة الموضوع مُحيِّر جدًا، بعدما أصبح المطلوب منى كمواطن عادى، لا هو مسئول كبير في الدولة، ولا حتى موظف نُص كُم مستنى التثبيت أو الحد الأدنى للأجور، إنى أقعد أفكر لحضرته يشتغل إيه، وأدخل على الفيس بوك أعمل له صفحة عليها صورته، ومكتوب تحتيها حملة (هاتوله شغلانة)، أو نكلم له حد في القوى العاملة، أو نقدم له في مكتب سفريات يشوف له شغلانة في الكويت واللا السعودية، وأهو يكوِّن نفسه ويرجع بالفيديو والمروحة.. يووو.. لا بلاش حكاية السفر برَّة دى، علشان هي أُس مشاكلنا مع الراجل أصلًا!
رجعت قولت لنفسى بعد ما هضمت العشا، طيب هو يشتغل ليه؟ الراجل ده عمل فلوس من بلاد بره تكفيه يعيش ملك لحد آخر عُمره، وملك ملك يعنى بمعنى الكلمة، يعنى يبعت يجيب العشا من باريس، والإزاز من بلجيكا، ولما يتزنق لا مؤاخذة، يروح قطر برضو ويرُد تانى، بس ناخد عليه تعهُد يرحمنا من مبادراته الوهمية دى، يا عم إحنا مش عاوزين نتصالح مع حد، ولما نحب نتصالح عندنا أجهزة الدولة تشيل مسئوليتها، وعلى رأى المثل ـ بتصرُّف ـ "لا توسَّط (سعد) ولا تخلى (سعد) يتوسَّط لك.. في الحالتين هايفضحك"، ويُقال إن أحد المُقربين من الدكتور بتاع (ابن سعدون) بيؤكد إن الراجل مؤمن جدًا بالمثل القائل "يا بخت من وفَّق راسين".. وسكت الراجل فعملت نفسى ناصح وأكملت له المثل "في الحلال".. ضحك جامد وقال لى: "مش مُهم.. النُقطة دى بالذات برَّه اهتماماته"!