فاضل إيه تاني يا مصر ؟
لن أعلق على الحكم الذي
صدر بخمسة عشر عاما، على متظاهري مجلس الشورى.. فكل الدنيا قالت إنه شديد ويثير
الشقاق أكثر بين الدولة وشبابها.. الدولة الجديدة وشبابها من صناع الثورة التي أتت
بها.. بالدولة الجديدة. لن أعلق على الحكم ولا على كواليسه، فلقد بدأت الشكوك بسؤال
على مواقع الفضاء الافتراضي من شابة تقول "كيف يكون الحكم غيابيا ولقد رأينا
صورا لبعض المتهمين في معهد أمناء الشرطة، حيث تجري المحاكمة".. ثم تكشفت الأمور أنهم أدخلوا هؤلاء الشباب مكانا احتجزوهم فيه وسارت
المحكمة وجاء الحكم غيابيا ثم تم القبض عليهم حتى يتم الاعتراض على الحكم"..
بل،، وأعلن عدد من
المحامين والمنظمات الحقوقية أن القاضي كان يعرف.. وسواء كان يعرف أو لا يعرف فقد
ضاعت فرصة تأجيل الحكم التي كانت متوقعة أكثر إذا وجد القاضي عددا قليلا أمامه،
ومن ثم تتأجل المحاكمة لسماع بقية المتهمين أو حتى الشهود، وبالذات شهود النفي..
لكن هذه تفاصيل قانونية يتفق عليها أهل القانون أو يختلفون.. الذي يثيرني أنا في
هذا الأمر.. هي السيرة الرائعة لهؤلاء الشباب في مسيرة الثورة.
طبعا سيقف هنا البعض عند
علاء عبد الفتاح كما وقفوا على مواقع الفضاء الافتراضي.. وبالذات تويتر والفيس
بوك، وقال الكثيرون إنه بما يكتبه على حسابه يستحق! وكان البعض أكثر رحمة فقال إنه
رغم خلافه معه فيما يكتبه، فالحكم قاس.. قلت لهم جميعا الحكم لا يجب أن يكون على
آراء الناس لأنه لو كان كذلك سيأتي الدور على الجميع ممن لهم رأي آخر.. الحكم يا
شباب في كل الدنيا على الأفعال، فما هي الأفعال التي ارتكبها هؤلاء على الرصيف
أمام مجلس الشورى في اليوم التالي لصدور قانون التظاهر وهم قد حددوا من قبل موعد
التظاهر.. لقد جمع القاضي التهم الموجهة إليهم بأحكامها المقررة بالقانون في حكم
واحد.. هذه هي المسألة.
على الأقل،، حتى أكون متجردا
عن لوم القضاء، هل هذا يصح أم لا، أمر يفهمه أهل القانون وليس أنا. ما يهمني هو
كما أقول لا تفرحوا في أي متهم يحكم عليه بقسوة، لأنه يختلف معكم في الرأي أو حتى
لأن لسانه طويل.. تابعت أسماء المتهمين من الشباب، عرفت روعتهم وحبهم لهذا الوطن،
ووقفت حزينا أمام الشاب الجميل محمد تيمور الملواني، فهو ابن المناضل العظيم تيمور
الملواني أيقونة النضال في الإسكندرية ومصر كلها في السبعينيات، بل ومنذ مظاهرات
الطلبة عام 1968 ضد الأحكام التافهة على قادة الطيران وغيرهم والتي كانت المظاهرات
الأولى الحقيقية في مصر في عهد عبد الناصر والتي كسرت حاجز الخوف وانطلقت بقوة
بعدها المظاهرات والاحتجاجات في عهد السادات.. استمر تيمور مناضلا في عهد السادات
ومبارك حتى توفي مبكرا.
ترك لنا محمد الجميل،
الذي رأيته كثيرا أثناء الثورة حالما كأبيه بغدٍ أجمل ووطن أعظم، أصيب محمد في
إحدي عينيه وفقدها في أيام الثورة الأولى ولم يتوقف ولم يتأخر.. والآن بعد أن فقد
عينه يجد نفسه، هو الشاب الجميل الصغير، محكوما عليه بخمسة عشر عاما.. فاضل إيه
تاني يا مصر تعمليه في أجمل أبنائك؟
ibrahimabdelmeguid@hotmail.com