حلول عاجلة لغش الثانوية العامة
صفحات إلكترونية تتحدى رقابة الثانوية العامة، وسماعات بلوتوث معدلة لا يراها المراقب، وأجهزة محمول موصلة بشبكات الإنترنت، وجروبات مغلقة لحل الامتحانات، وتليفونات محمولة احتياطية في حالة ضبط الأصلية. إنها العبقرية المصرية يا سادة! علينا أن نعترف بهذا أولا، فما نراه في الثانوية العامة هو بالأساس مظهر لذكاء الطلاب، هذا الذكاء الذي لم يتم توظيفه في عملية تعليمية فاعلة. فلنعترف بهذا أولا – ثم نحاول بعد ذلك أن ندرس الظاهرة في حجمها الحقيقي.
ولكي يكتمل الاعتراف علينا أن ندرك أن «الغش» ليس بهذا الحجم الذي تم تقديمه، فالكثير من الامتحانات المصورة هي امتحانات سابقة أساسا – «اشتغالة» للوزارة والإعلام يعني! – لكن لا شك أن الظاهرة ليست بالحجم المنعكس في مواقع الأخبار – ونتائج الطلاب ستثبت ذلك، لأنه كالعادة سيكون هناك انهيارات عصبية وبكاء مع ظهور النتيجة، وبداية التنسيق.
لا شك أن «كابوس الثانوية العامة» يحتاج للإنهاء، وخصوصا نظام التنسيق، لنبدأ عهد اختبارات القبول بالجامعات، لكن هذا لن يتم في يوم وليلة، ويحتاج لتهيئة مجتمعية وأكاديمية أيضا قد لا تتوفر مقوماتها حاليا؛ لذا نحن الآن في حاجة لحلول عاجلة قصيرة المدى، للتعامل مع الوضع الراهن.
أول هذه الحلول ضرورة خروج بيان تفصيلي بأسماء المضبوطين في الغش، والقرارات المتخذة بشأنهم والعقوبات التي وقعت عليهم، واتخاذ ذلك بشكل سريع وحازم.
ثانيا: ضرورة مكافأة المعلمين الذين أسهموا في ضبط هذه الحالات وعرضوا أنفسهم لخطورة المواجهة مع الطلاب، لو حتى تكريم معنوي.
ثالثا: سرعة صرف بدلات الانتقال للمعلمين حتى لا نعرضهم لشبهة الرشوة.
رابعا: سرعة حصر المكتبات، وحصر المدرسين الذين يعملون في إصدار ملازم، وتلخيصات غير مرخصة؛ تنشر ببعض المكتبات.
الغش في الثانوية العامة يقوم على ثلاث مراحل، الأولى إخراج ورقة الأسئلة أو محتواها من داخل اللجنة لخارجها، وأندر طريقة أن يتم ذلك بتواطؤ من داخل اللجنة فتخرج ورقة أصلية أو مصورة للخارج، وهذا أمر نادر جدا، أو أن يتم عن طريق البلوتوث إملاء الأسئلة للموجودين بالخارج، كأن يتظاهر طالب أنه يقرأ الأسئلة مع نفسه، ومع السماعات المعدلة تلتقط أقل صوت هامس، أو تصوير الورقة في غفلة من المراقب وإرسالها بالمحمول عن طريق الفيس بوك.
تبدأ بعدها المرحلة الثانية، مرحلة المدرس الذي سيقوم بحل الامتحان خارج اللجنة، لذا ضروري جدا ألا يكون هناك مدرس مادة ثانوية عامة خارج لجان المراقبة، يجدر احتواؤهم جميعا في عملية المراقبة، كما أن أغلب من يقومون بحل هذه الامتحانات خارج اللجان، هم من مدرسي الملزمات والشروحات غير المرخصة، والذين غالبا ما يتخذون ألقابا تجارية «كنمر الفيزياء، وأسد الكيمياء، ومرعب التفاضل، وغيرهم». ثم تبدأ بعد ذلك، مرحلة إدخال الإجابة التي تم حلها إلى الطلاب المستهدفين، وأي كسر لمرحلة من هذه المراحل هو إيقاف لعملية الغش.
في الوقت الحالي لا نملك إلا أن نشد أزر المعلمين المراقبين، وأن نبعث لهم رسائل الثقة بالنفس ونطالبهم باليقظة والوعي، ونؤكد على أهمية دور الشرطة في تأمين اللجان، وفي توفير أكبر قدر من الأمن والهدوء للطلاب والمراقبين.
لكن في مقالات قادمة – إن شاء الله - سأناقش العديد من الإجراءات متوسطة المدى، يمكن اتخاذها قبل بداية العام الدراسي القادم حتى لا يتكرر الأمر ذاته مستقبلا، ثم في وقت آخر سأتناول الحلول الجذرية لإنهاء كابوس الثانوية العامة.