رئيس التحرير
عصام كامل

"أقباط 38" متضررون من "الطلاق إلا لعلة الزنا".. بدأت قبل ثورة يناير بعد "موقعة الكلب".. تطلب التصريح بالزواج الثاني.. غاصت في بحر الأحوال الشخصية.. وطالبت بالاحتكام للشريعة الإسلامية

فيتو

"أقباط 38" اسم يتردد على مسامع الكثيرين، يطالب ويثور ويتظاهر، إلا أن البعض لا يعرف من هم "أقباط 38"، ولماذ أطلق عليهم هذا الاسم.

"من أنتم"

"أقباط 38"، هم مجموعة من أقباط مصر المتضررين من عبارة الطلاق "إلا لعلة الزنا"، فقاموا بتكوين رابطة بهذا الاسم ليكون لهم صوت موحد في مطالبتهم بحقوقهم.

واشتقوا هذه التسمية من لائحة 38 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التي أقرها المجلس الملي سنة 1938، ثم ألغاها المجمع المقدس سنة 1942، حيث تتيح الطلاق لعدة أسباب منها إساءة أحد الطرفين للآخر أو إخلاله بواجباته نحوه.

وجاءت تلك الرابطة، بعد أن تعددت المطالبات والاحتجاجات قبل عام من الثورة، كانت من العشرات الراغبين في الحصول على تصاريح بـ«الزواج الثاني»، وقتها كان البابا شنودة الراحل حاسمًا في موقفه مع الدولة والأقباط، عبر تأكيده على قاعدة «لا طلاق إلا لعلة الزنا».

غواص في بحر الأحوال الشخصية
وغاصت الطوائف المسيحية حينئذ في جلسات ممتدة للانتهاء من مشروع قانون «الأحوال الشخصية الموحد» الأمر الذي لم يكتب له الخروج من الأدراج على مدى عامين إبان أزمة حكم الإدارية العليا الملزم للكنيسة بإصدار تصاريح الزواج الثانى للأقباط.

البطريرك ذو القبضة الحاكمة لم يكترث بظهور «حركة» قبطية جديدة في أواخر عام 2010، تحت مسمى «ادعموا حق الأقباط في الطلاق»، تلك التي استعانت بدراسات للعلمانيين الأقباط، تكشف عن عدم قانونية تعديل لائحة 38 الخاصة بالأحوال الشخصية من قبل البابا شنودة، وتدعم في الوقت ذاته حق منكوبى الأحوال الشخصية في الحصول على تصاريح زواج إزاء استحالة إثبات الزنا أمام القضاء باعتباره سببًا وحيدًا وفقا لرؤية البابا.

ومثلما أحدثت الثورة تغييرا جذريا في المشهد السياسي المصرى، طال التغيير ذاته طبيعة العلاقة بين الأقباط الراغبين في عودة العمل باللائحة التي تتضمن ثمانية أسباب للطلاق غير الزنا، والكنيسة التي لم يفارقها حتى 17 مارس 2012 البطريرك الراحل.

"موقعة الكلب"
وذهبت الاحتجاجات إلى أعتاب المقر البابوى، منددة بممارسات المجلس الإكليركى، ومطالبة بإصلاحه وعزل الأنبا بولا رئيس المجلس، إبان إحدى الوقفات أطلق أحد الأساقفة كلاب الحراسة الخاصة بالمقر البابوى على المحتجين –فيما عرف إعلاميًا وقتها- بـ«موقعة الكلب» وطفت على السطح حركة جديدة تبلورت فيما يسمى «أقباط موقعة الكلب».

تطوير الأداء الاحتجاجي
وطورت الحركة من أدائها الاحتجاجى، وشرع «منكوبو الأحوال الشخصية» في تأسيس كيان يوازى موجة الائتلافات التي سيطرت على المشهد الإعلامي منذ أن وضعت الثورة أوزارها، وعرفت الحركة نفسها بـ«أقباط 38» نسبة إلى اللائحة التي عدلها البابا شنودة، لاغيا أسباب الطلاق إلا لـ «علة الزنا، أو تغيير الملة»، وبدأت الرابطة رحلة المطالبة بـ«قانون مدني» يتيح للأقباط حرية الطلاق والزواج بحسب اللائحة التي يرون تعديلها باطلا- على حد قولهم.

لم تتوقف مساعى الرابطة، رغم صدور قرار بحل البرلمان، اتجهت أنظارهم سريعا إلى الجمعية التأسيسية للدستور باعتبارها طوق نجاة قادرًا على العبور بهم إلى شاطئ الاستقرار دون الدخول في سجالات مع المؤسسة الكنسية.

حق الاحتكام للشريعة الإسلامية.. إن شاءوا
طرق أعضاء الرابطة أبواب لجنة الاقتراحات والشكاوى أملا في جلسة استماع تمنحهم فرصة البوح بما لديهم من معاناة، وعرض مقترح ربما تسعف الجمعية التأسيسية آلامهم بتضمينه في الدستور الجديد، وبعد أشهر متتابعة منذ بداية عمل اللجنة وصلت الرابطة إلى مبتغاها، وعقدت جلسة استماع حضرها المستشار إدوارد غالب ممثل الكنيسة بالتأسيسية، وأتت رياح الجلسة بما لا تشتهيه الكنيسة عبر إصرار أقباط 38 على الاحتكام للشريعة الإسلامية في الأحوال الشخصية، وإضافة عبارة «إن شاءوا» لـ «بند حق الأقباط في الاحتكام لشرائعهم».

انتهت الجلسة العاصفة وبقيت توابعها تحيط بالمقر البابوى الذي يسعى حسبما أكدت مصادر كنسية إلى عقد جلسة لأعضاء الرابطة مع الأنبا باخوميوس قائم مقام البطريرك لـ«احتواء» الموقف القابل للاشتعال.

الرابطة والبرلمان
وجاءت الرابطة الآن لتجد نفسها تشارك في الحياة السياسية، وتمارس حقوقها المشروعة كما نص لها الدستور، وتبدأ الدخول في ماراثون الاستحقاق الأخير لخارطة طريق البلاد "الانتخابات البرلمانية".

وطالبت الرابطة فعليا بالمشاركة من خلال الانضمام لقوائم الأحزاب المشاركة في الانتخابات البرلمانية، وأعلن عدد من الأحزاب ترحيبهم بانضمام الأقباط لقوائم المرشحين للانتخابات المقبلة، وكان منهم حزب النور، الذي أعلن ترحيبه بهم، قائلا: إن الحزب يرحب بمبادرة "أقباط 38" التي تتعلق بانضمام الأقباط لقوائم النور في الانتخابات البرلمانية المقبلة، مشيرا إلى أنه لم يتقدم "أقباط إلى المجمع الانتخابي لحزب النور للترشح في الانتخابات البرلمانية".

تصريحات "بولا" غير موفقة
وأضاف الحزب أن تصريح الأنبا بولا، أسقف الشباب، حول انضمام أقباط إلى القوائم الانتخابية لحزب النور "غير موفق"، في إشارة إلى تصريح الأنبا بولا الذي قال فيه: "هل يقبل حزب النور أن ينضم لقوائمه 3 كفار في الانتخابات؟!"

ولفت حزب النور، إلى أن الأنبا بولا تعامل بطريقة غير لائقة مع حزب سياسي مثل حزب النور، موضحا أن تلك التصريحات تثير الفتنة الطائفية، وأنه "ليس لدينا أي مشكلة في التعايش مع إخوتنا الأقباط".
الجريدة الرسمية