ننشر نص استقالة الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة.. توفيق: عصفور لا يريد أي إنجاز حقيقى لـ"الثقافة".. الوزير الجديد يسير على خطى الإخوان.. ويُقصى المخالفين ويمكن الموالين والأتباع
قدم الدكتور سعيد توفيق الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، استقالته من المجلس إلى الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة، بعدما أعلن عنها قبل بدء اجتماع إعلان جوائز الدولة اليوم، بعد التصويت عليها.
وجاء نص الاستقالة كالتالى:
الأستاذ الدكتور جابر عصفور – وزير الثقافة ...
يؤسفنى إبلاغكم بأننى لا أرغب في العمل تحت رئاستكم بصفتى نائبا لكم، أو بأيه صفة أخرى تربطنى بوزارة الثقافة: ولذلك فإننى أعلنكم اليوم – كما أعلن على الملأ – استقالتى من أمانة المجلس الأعلى للثقافة، ومن مجلس أمناء بيت الشعر ومن رئاسة تحرير سلسلة الفلسفة، ومن رئاسة تحرير مجلة الفكر المعاصر التي عملت على بعثها قوية من جديد بشهادتكم، وإن كان لا يراد لها الاستمرار مثلما لا يراد استمرارية بقعة مضيئة في هذه الوزارة.
وأضاف "لن أخوض هنا في المآخذ التي يأخذها على تاريخك المهنى كثير من المثقفين الشرفاء المتجردين من الأهواء والمصالح، فواقف كل امرئ هي تاريخه المسئول عنه أمام الله والوطن. لا تسند استقالتى إلى شيء من ذلك وإنما إلى أسباب موضوعية منها ما يلى:
بعد توليكم الوزارة قمتم في اليوم التالى بحملة تفتيش مسرحية على المجلس الذي تعرفونه وتزورونه باستمرار بحكم علاقتكم به، وذلك في ساعة مبكرة قبل الموعد المفترض أن التقيكم فيه في الوزارة عند الحادية عشر صباحا لكى نناقش عبر أكثر من اجتماع مع باقى قيادات الوزارة خطط التطوير الثقافى، ولكننى فوجئت بأنكم اتجهتم مباشرة إلى دورات المياه بالمجلس التي أغضبكم غضبا شديدا عدم نظافتها.
وقد يكون معكم الحق في عدم نظافة هذه الدورات، لضعف أداء شركة النظافة التي سبق أن قررت إنهاء التعاقد معها، فضلا عن حضوركم قبل أن تستكمل الشركة القيام بأعمال النظافة الصباحية، وعلى الرغم من أننى كنت أتابع شخصيا مهام النظافة التي تدخل ضمن مهام مسؤولين وموظفين أخرين بالمجلس، فقد أدهشنى أن تكون أول مهام وزير الثقافة هي متابعة شئون الصرف الصحى بالمجلس، إذا اعتبر أن دورات المياه هي واجهة المجلس الأعلى للثقافة – على حد تعبيره في اجتماع القيادات - !!
وتابع "على أثر هذه الحملة المسرحية قمتم بنقل مدير مكتبى دون علمى واستشارتى أو حتى إخطارى، رغم أن شئون الصرف الصحى هذه لا تقع ضمن مسؤولياته الوظيفية، وقد تبين لنا قيما بعد أن قرار نقله كان معدا سلفا إرضاء لبعض أعوانكم في المجلس.
وأشار إلى "علمت بمحض الصدفة من العاملين بالمجلس أنكم قمتم بندب ثلاثة من الموظفين إلى المركز القومى للترجمة بعد أن وافقت على عودتهم إلى المجلس محل عملهم الأصلى بناء على مذكرة الدكتورة الفاضلة رشا إسماعيل، المديرة السابقة للمركز التي تآمر عليها الجميع.
وقد أتى هؤلاء الموظفون إلى المجلس وقاموا بإجراءات ندبهم من شئون العاملين بالمجلس، دون أن أعلم عن ذلك شيئا، وهو ما يمثل إهانة مقصودة موجهة لى شخصيا باعتبارة السلطة المختصة المخول لها بمقتضى التفويض الوزارى إصدار قرارات المتعلقة بالشئون المالية والإدارية للمجلس !"
وأكد "تبين لى من خلال حديثكم معى أنكم عاقدون العزم على إسقاط لائحة منح جوائز الدولة التي ينعقد المجلس بخصوصها غدا، وهي اللائحة الأولى لمنح جوائز الدولة التي أنفقت أكثر من سنة لإنجازها بمعونة كبار الأساتذة بهدف إيجاد آليه موضوعية دقيقة لمنح الجوائز التي تليق باسم الدولة المصرية، بحيث لا يتم تصعيد أسماء للتصويت عليها في المجلس إلا من خلال الخبراء المتخصصين في المجال النوعى للجائزة، وقد تأكد لى عزمكم هذا من خلال طلبكم منى قبل توليكم الوزارة أن أعرض قائمة الأسماء كاملة وليس مجرد الأسماء التي رشحتها اللجان العلمية المتخصصة، وذلك بعد أن لمستم بأن اسمكم ليس من بين هذه الأسماء.
ولكن ما كنتم تطلبونه وترجونه منى، أصبح يتخذ الآن صيغة أمرة بعد أن توليتم الوزارة باعتباركم السلطة النهائية في هذا الشأن !
إننى بت أعلم علم اليقين أنكم مثل سلفكم لا تريدون لأى إنجاز حقيقى أن يظهر باسم غيركم أو ينسب إليه، ولذلك فقد عانيت طويلا لتمرير هذه اللائحة التي تحاولون إسقاطها.
وقد ظهر ذلك جليا أيضا من خلال إعاقة تفعيل مشروع تعديل قرار إنشاء المجلس الذي عكفت عليه مع أساتذه كبار منذ أن توليت أمانه المجلس، وهو المشروع الذي سيتيح إعادة هيكلة المجلس كليا ( والوزارة جزئيا ) باعتبار أن المجلس – بحسب الغرض من إنشائه – هو عقل الوزارة، ومن ثم فهو المنوط به رسم سياسة عامة تاتزم به قطاعات الوزارة كافة."
وأوضح "لقد ظل هذا المشروع في درج مكتب الوزير السابق أكثر من نصف سنة بحجة أن الحالة الأمنية التي تمر بها البلاد لا تسمح بالنظر في مثل هذه الأمور".
ولعل ما لديك من ضمير يستحثك على أن ترفع هذا المشروع إلى السيد رئيس الجمهورية، وهو المشروع الذي وافق عليه المجلس الأعلى للثقافة، الذي أنت عضو فيه، بعد سلسلة من الجلسات والمناقشات التي تصارع فيها المحافظون مع المجددين، ووافق عليها المثقفون بعد أن أبدوا بعضا من الملاحظات الطفيفة، فإن لم تفعل – وأظن أنك لن تفعل – فسوف أترك ذلك كله مع المثقفي، وخاصة مع المثقفين الشباب ليكونوا شهداء عليكم جميعا.
وسوف أترك لديهم أيضا مشروع صندوق رعاية المثقفين الذي يتم تعويقه منذ عهد الوزير الأخوانى، وهو ما كان من حيثيات استقالتى المسببة التي قدمتها آنذالك.
من عجائب الأمور أننى قدمت استقالتى من قبل في عهد الإخوان، ولكننى أقد استقالتى مجددا بعد ثورة قامت على نظام الإخوان في 30 يونيو من العام السالف.
قد يبدو في ظاهر الأمر أننا إزاء وزارة جديدة، ولكن المتأمل الفطن لحقائق الأمور سوف يكتشف أننا إزاء نظام شكلى جديد يستخدم أدوات نظام الإخوان ذاته: إقصاء الآخرين المختلفين وتمكين الاتباع والموالين والحفاظ على المصالح دون اعتداد بمصلحة الوطن، بل محاولة تشويه الشرفاء بكل السبل الممكنة !.. ما أشبه الليلة بالبارحة !