الاختبار الثلاثي على مصر
كعادتنا في التعامل مع رؤسائنا في مصر - باعتبار أننا نغير رئيسا كل عام - أن نتكلم فقط في الإيجابيات في المائة يوم الأولى. والحقيقية أنه في العشرة الأوائل للرئيس السيسي كان بهم أكثر من اختبار مهم له وللدولة المصرية.
أولا: بعد ساعات من القسم الرئاسي وأثناء الاحتفال بتنصيب السيسي رئيسًا، تعرضت إحدي مؤيديه لما هو أكثر من التحرش حيث تم التعدي عليها ونزع ملابسها كاملة وسط تصوير كامل لما حدث وكان الفيديو بعد دقائق من الحدث على مواقع اليوتيوب.
وهو التحدي أعتقد أنه كان الأكبر للرئيس الجديد. فبصرف النظر عن بشاعة وهمجية وحجم الإساءة لمصر والمصريين بسبب ما حدث وما شاهده العالم. إلا أنه كان اختبارا حقيقيا عن مدي "مدنية" الحكم الجديد، فالمرأة التي تعرضت للظلم البين من قبل الإخوان وباقي التيارات المتأسلمة والتي جعلت منها جسدا فقط، تلك التيارات التي تلاعبت في عقول المصريين لعقود على أن المرأة ليس لها حقوق بل وصل الأمر إلى اعتبارها جانيًا وليست مجنيا عليها في جرائم التحرش بدعوي أن ملابسها أثارت الرجل.
ذلك الكائن الضعيف كان يترقب هل سينحاز السيسي وحكمه له وينصفه أم سيعبأ بهؤلاء المتشددين الذين لا يريدون ولا يرون لها أي حق؟؟، فكانت الإجابة أسرع بزيارة رسمية للسيسي لتلك الفتاة وبعدها قرينته، وإعلان الدولة الحرب على هذه الظاهرة وسن قوانين رادعة.
ثانيًا: منذ ثورة الثلاثين من يونيو والإخوان وعبر قناتهم الإعلامية، "الجزيرة" وهم يحاولون تصدير فكرة "الرئيس الخائف" للمصريين. والتأكيد على أن السيسي لن يستطيع الخروج من قصره خوفًا من الاغتيال أو القتل والخوف عنوان الهزيمة. ولهذا وبعد خمسة أيام فقط من تنصيبه رئيسًا قاد السيسي ماراثون دراجات به المئات من الشباب والفنانين والوزراء لمسافة 20 كيلو مترا بدأت من الكلية الحربية، وحتى إن أجزمنا بأن من حوله كانوا حرسه الخاص أو ما شابه ذلك، فإن قيادة "دراجة" ولتلك المسافة يحمل القدر الأقل من الأمان والحماية. كانت خطوة شجاعة من رئيس يعلم أنه هدف لجماعة إرهابية لم تعرف إلا الاغتيال والقتل على مدي تاريخها.
ثالثًا: كعادة الإخوان دائمًا يحاولون جر أي خلاف إلى أرضية المؤمن غيره، ومن مع الدين وضده، وبالطبع هم يعتبرون أنفسهم هم الدين وبالتالي من يختلف معهم يختلف مع الإسلام ويتربص به. وأتذكر بعد تنصيب "مرسي" رئيسًا بأيام كنت ضيفًا على قناة الجزيرة في برنامج "من واشنطن" وأتذكر كيف حاول الضيف الإخواني جر الحوار بأية طريقة لفكرة أن من يعارضون مرسي إما "أقباط" أو علمانيون ملاحدة.
تلك الاستراتيجية الإخوانية المعروفة في مغازلة الهوية الدينية للشارع المصري ولو على حساب وحدة الوطن وأمانه. ولهذا بدأت حملة ملصقات "صليت على النبي اليوم؟" والتي قاموا بوضعها على الحوائط والسيارات وذلك بالمخالفة لمواد الدستور الجديد والتي تُجرم الملصقات الطائفية وذلك ظنًا منهم أن هذا سيضع السيسي والدولة المصرية في حرج إزالة ملصقات دينية وهو ما كان اختبارا حقيقيا لهيبة الدولة المصرية وهل ستنحاز للقانون أم ستخشي الاصطدام بالتيار المتأسلم الذي يمكن أن يروج بأن السلطة الحالية ضد الدين. ولكن الدولة كانت أكثر ذكاء وانحازت للقانون وأزالت هذه الملصقات وكان رد ورسالة مهمة من سلطة قوية.
تحية للحكم الجديد انحيازه للقانون في الوقائع الثلاث ونأمل أن ينحاز للقانون أيضًا في كشف من وراء موقعة الجمل وبورسعيد ومذبحة ماسبيرو وأخيرأ ما حدث من إجبار عائلة قبطية بالمطرية على.....،،، أعتذر فقد قلنا لن نتحدث في السلبيات قبل انتهاء المائة يوم أي بعد 90 يومًا من الآن.