رئيس التحرير
عصام كامل

صلاة النبى أحسن!


بالصلاة ع النبى كده، عندى سؤال رُفيَّع، لو مفيهاش إزعاج للإخوة النشطاء، اللى منزعجين من كُل حاجة، تقريبًا بيتحاسبوا بعدد مرَّات الانزعاج في اليوم، أو لو مفيهاش قلق للبشوات بتوع حقوق الإنسان، اللى غالبًا برضو بيتحاسبوا بعدد مرَّات الاعتراض على كلام فارغ في الساعة، ويا سلام لو قدرنا إننا منزعجش الحكومة كمان يبقى كده ميت فُل وأربعتاشر، ما إحنا أصلًا بنزعج الحكومة طول الوقت، لو اتكلمنا أو سكتنا، لو فكَّرنا ناكل، الحكومة بتنزعج، هاتجيب منين، لو هانشرب، برضو هاتجيب منين، لو لا مؤاخذة هانعمل زى الناس، بتنزعج برضو بس مش علشان هاتجيب منين، لأ.. علشان هاتودى فين واللا فين!


هل نحن كشعب، مُمكن نكون ضد الصلاة على النبى؟ أكيد مَن يقول ذلك هو إنسان مُخرّف، إحنا غير كوننا شعبا مُتدينا بطبعه، زى ما إحنا شعب فكهى بطبعه، وكييف بطبعه، فإحنا أصلًا حكاية الصلاة على النبى عليه الصلاة والسلام عندنا ملهاش مثيل، وبنستخدمها في كُل حياتنا، والواقع إننا فعلًا مش محتاجين الورقة إياها اللى ملطوعة في كُل مكان لزوم المُزايدات من جانب (ربما تنظيم خبيث)، أو لزوم حُب الكثيرين منا ـ بصراحة ـ لإظهار التديُّن الإضافي، لكن حقيقى إحنا شعب بيصلى ع النبى بطبعه، إحنا لما بتحصل خناقة، بنقول يا جماعة صلوا ع النبى إنتوا إخوات، ولما بنيجى نفتح أي حوار بنقول: بالصلاة ع النبى كده كذا وكذا وكذا.. ولما ييجى واحد يحكى لناس أو لحد موقف أو حكاية يروح مستفتح بالسؤال التقليدى: صليتوا بينا ع النبى؟!

طيب إيه لزوم الورقة دى؟ قد يكون اللى عاملها قصده خير، وقد يكون قصده خبيثا إنه يعمل فخا عبيطا للحكومة، وللأسف وقعت الحكومة في الفخ العبيط هذا، خصوصًا وبما إننا يعنى شعب بيحب الرايجة بطبعه برضو، خلينا الورقة تنتشر في كُل سنتيمتر في مصر، مع الاعتراف حقيقى إننا مش محتاجينها، وأتحدى يكون المُسلمون في كًل أنحاء العالم بيصلوا على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام زيّنا، كما سبق توضيحه بعاليه، دة حتى الراحل (توفيق الدقن) اللى يُعتبر من أرخم الناس (تمثيليًا) في تاريخ مصر، له عبارة خالدة بتقول: صلاة النبى أحسن، أقول لك إن الورقة انتشرت زى موضة، وبما إننا شعب بيحب الرايجة، انتشرت الورقة دى زى ورق المُقاطعة إياه، اللى كُنا بننشره زى الهبل، علشان نخرب ـ بحسن نية ـ المصانع المصرية اللى واخدة توكيلات من برة، ونساهم في تشريد الأيدى العاملة ورفع نسبة البطالة، من أجل القضاء على ماركات وصناعات مُعينة لصالح بدائلها!

إحنا يا عزيزى شعب بيحب الرايجة.. وورقة (هل صليت على النبى اليوم)، في كُل حارة ومحل وعمود نور، لا تختلف كثيرًا عن تحويل كُل محال مصر لأندية فيديو في التسعينيات، أو تحويل نفس المحال لسنترالات ودقيقة المحمول بخمسين قرش في مطلع القرن الحالى، لكن ألوم على الحكومة التفاتها المباشر لهذا الأمر ـ بصراحة ـ واهتمامها به، ولو تُرك لانتهى لوحده من غير تدخُل رسمى يخلى المتآمرين يقولوا مصر بتحارب الإسلام، مع إننا شعب مسالم بطبعه، ويكفى تدليلًا على هطل هؤلاء أنهم يحسرون الإسلام دائمًا وكعادتهم كمُغفلين مش عارفين حتى يعملوا تمويه في مُجرد مظاهر، بعيدًا عن جوهر الدين نفسه، ولو مش مصدَّقنى ارجع بذاكرتك شويه لبرامج الفضائيات القال إيه دينية إياها، وكيف كانوا يقضون خمسمائة حلقة، كُل حلقة خمسمائة ساعة، من أجل مناقشة قضايا تافهة زى هل يجوز أكل ورك الدجاجة الأيسر أم لا يجوز، وهل الخيار على السلطة حرام واللا حلال، وما هي كفارة أكل البابا غنوج!

على بوابة بيتنا، توقفت أمام هذا المُلصق، وقد تم لطعه بعناية وكمية غراء مُبالغ فيها في وقت متأخر جدًا من الليل، أو مبكر جدًا من الصباح، عرفت منين يا عم (كرومبو)؟ لا (كرومبو) ولا حاجة، بالصُدفة أنا رجعت بيتنا في الليلة دى بعد الساعة واحدة، ولم يكُن المُلصق موجودًا، وخرجت في السابعة والنصف صباحًا وكان ملطوعًا، طيب إيه المُشكلة؟! ربنا ميجيبش مشاكل بالصلاة ع النبى طبعًا!

الغريب إنى لاحظت ـ للمرَّة الأولى ـ أن هناك رقم هاتف محمول أسفل العبارة الشهيرة، أخرجت هاتفى وسجلت عليه الرقم، وقلت أنه لا يصح الاتصال بشخص لا أعرفه في الوقت الحالى، وقد كُنت مُخطئًا، فبالتأكيد هو انتهى لتوّه، أو لا يزال يُمارس هواية اللزق ع الحيطان والبوابات، أو يُتابع صبيانه وهم يقومون بالواجب، المُهم أننى عندما اتصلت به بعد العصر، فوجئت به عدوانيًا متعجلًا للاستفسار عن سبب اتصالى!

سألته عن الهدف من هذه العبارة؟ فقال إنها شيء لوجه الله، قلت له الله يفتح عليك، ويقدرَك على فعل الخير، طيب هل وراها أي غرض سياسي خاصةً وأن انتخابات مجلس الشعب تقترب؟ قال لى لأ طبعًا، وسألنى إيه دليلك إن وراها هدف سياسي؟ قلت له أنا بسأل بس.. ثم تطرَّقت للسبب الحقيقى للاتصال، وسألته طيب ليه سيادتك كاتب عليها رقم التليفون بتاعك، لما هي لوجه الله؟ سألنى بإلحاح عن اسمى، فمنحته بياناتى، ولم أحصل على رد مُقنع لحكاية رقم تليفونه المُدون على الورقة هذه!

ألوم على الحكومة مُجددًا اهتمامها بالأمر، ولو كان على الدولة أن تُزيل كُل اللافتات المُزعجة، وتمسح القرف المُنتشر على كُل جدران بلدنا بلا استثناء، فهذا أمر طيب للغاية، ولكن لما نمسح هذا القرف والسباب السخيف والعلامات الأسخف على كُل جدار في بلدنا، نبقى نفكَّر نهتم بهذه الورقة، وأعلم أن لصق مثلها على السيارات ممنوع من زمان حسب قوانين المرور، لكن بنظرة سريعة لأى ميكروباص أو توك توك، سنجد أنها تحوَّلت منذ سنوات بعيدة إلى سبورات، مليانة بكلام من عيّنة "مليش صحاب والزمان كداب" و"في الواقع البحر مليان قواقع"، فمش مشكلة لما نعلَّق صلاة النبى كمان، أهى أكيد أحسن من الكلام الفارغ التانى، رغم إن مُعظم سواقين الميكروباصات والتكاتك، بيسبوا الدين في الساعة ألفين مرَّة، لكن الرايجة تحكُم، والمفروض إننا مندخلش في ضمير حَد!

وعلى فكرة، فمن التغفيل إنك تردد: الإخوان هما اللى ورا انتشار "هل صليت على النبى اليوم".. إنت كده ببساطة بتكرَّس فكرة إن الدين حكر عليهم، يعنى بتخدمهم خدمة العبد للسيد.. أرجوك لا تنسى ـ تانى ـ إننا شعب متدين بطبعه.. وشعب بيحب الرايجة بطبعه برضو، وربما يكون الإخوان هُم مَن أطلقوها فحسب، وتركوا الشعب ينشرها للتغطية على صور (السيسي) التي انتشرت في كُل مكان، فلو قامت بغرضها خير وبركة، ولو وقعت الدولة في الفخ وقررت أن تُحاربها رسميًا ـ كما حدث للأسف ـ فخير وبركة برضو، والجزيرة تشتغل، وتقول حرب ضد الإسلام، والدولة الكافرة بتشوف شغلها، إلى آخر هذا الهُراء الذي يعوى به كُل مَن يجلس أمام ميكروفون وكاميرا الجزيرة، ويقعد يشتم في بلده بكُل حماس، من غير ما يفكّر لحظة في إنه يستهدى بالله كده ويصلى على النبى، ويعرف إن اللى بيعمله ده مش هايجيب نتيجة، علشان اللى بيتخلع مبيرجعش!
الجريدة الرسمية