رئيس التحرير
عصام كامل

على إسماعيل.. عندما انطلق "العندليب" إلى الشارع حافيا!!


كانت الصدمة قاسية وعنيفة.. سقط الرجل على خشبة المسرح.. وقع على الأرض بجسده الممتلئ.. كان قد أوشك على الانتهاء من اللمسات الأخيرة لمسرحية "كباريه".. لكنه القدر.. يضع نهاية مأساوية لموسيقار عبقري !



كانت أحلام الرجل أن يعبر المصريون القناة ويستردون الأرض والكرامة.. وقد كان.. وها هي ذكرى النكسة تمر وتعبر منتصف يونيو من العام 74 وهو ما يعني أن عيد الانتصار العظيم في أكتوبر قد اقترب.. وأن شراكة غنائية وطنية ستحدث لا محالة مع رفيق المشوار الفني وخصوصا الوطني منه.. لذا.. كان من أوائل من أبلغوهم بالخبر هو " العندليب."

عبد الحليم حافظ والذي كان في بيته متصلا بأوامر طبية وإشراف تمريضي كبير ودقيق بأجهزة علاجية ضرورية لحالته التي أصابتها قبل أيام وعكة طارئة.."العندليب" الذي يعرف قيمة على إسماعيل لا يصدق.. الصدمة تزلزل كيانه كله.. تنسيه نفسه وحاله ومرضه.. ينزع بعض الأجهزة ويحمل الأخري وينطلق بالجلباب المنزلي حافيا إلى الشارع.. كان الرجل مذهولا.. مصدوما.. يكاد يجن.. سيفقد عقله.. يستوقفه الأبنودي عند مدخل البيت.. يعرف منه الخبر يتقاسم الصدمة معه لكنه يسيطر بصعوبة على حالة الحزن الشديدة وبحر الدموع المنهمر، والتي لم يرها على عبد الحليم ومنه إلا عند رحيل جمال عبد الناصر!

لم يكن على إسماعيل مريضا بالشكل الذي يجعل احتمالات موته واردة في لحظة قدرية مفجعة.. ولا ليرحل في مفاجأة مؤلمة من مفاجآت الزمن القاسية.. لكنه قضاء الله وقدره.. ولا راد لقضائه.. ولكنه أيضا لم يكن مجرد موسيقار كبير.. أبدع في التأليف والتلحين الموسيقي كما لم يبدع غيره..

ليس لأنه من وضع ألحان فرقة رضا بكاملها تقريبا.. وليس لأنه من لحن في العدوان الثلاثي النشيد الشهير "دع سمائي ".. ولا لأنه من لحن في حرب أكتوبر أغنيات "رايحين شايلين في إيدنا سلاح" أو "فدائي.. أهدي العروبة دمائي المعروفة شعبيا بــ  "إن مت يا أمي ما تبكيش"، ولا لأنه لحن "أم البطل لــ "شريفة فاضل" ولا لأنه مبدع فكرة الغناء الجماعي وفرقة الثلاثي المرح التي غنت ولحن لها "حلاوة شمسنا" و"ما نتاش خيالي يا ولا" و"العتبه جزاز وغيرها.. ولا لأنه من وزع أغلب أغاني عبد الحليم الوطنية "صورة" و"المسئولية" و"ومطالب شعب"، و"يا أهلا بالمعارك".. وإنما يتجلي إبداعه الحقيقي في موهبة أخرى تجعله شريكا في تشكيل وجداننا نحن المصريين والعرب، ولكن.. لا يتسع المجال ويصبح للحديث عن رجل عظيم حلت ذكرى رحيله هذا الأسبوع.. بقية..

الجريدة الرسمية