رئيس التحرير
عصام كامل

العلاقات المصرية السعودية تاريخ ممتد من القوة والازدهار.. 30 يونيو فصل جديد يؤرخ لعلاقة البلدين.. 6 مليارات دولار حجم الاستثمارات السعودية في مصر.. معاهدة الصداقة بين البلدين بدأت عام 1926

العاهل السعودى الملك
العاهل السعودى الملك عبد الله بن عبد العزيز

تشهد العلاقات المصرية السعودية أزهى عصورها بعد ثورة 30 يونيو بعد الدعم الكامل التي قدمته المملكة ملكا وحكومة وشعبا لإرادة الشعب المصرى في مواجة قوى الطغيان العالمية التي أرادت القضاء على الثورة المصرية بدعم الإخوان وتأتى العلاقة المتميزة بين البلدين على مر التاريخ نظرًا للمكانة والقدرات الكبيرة للبلدين على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية فمصر والسعودية هما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي والعربي.


وقد أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال حديثه في حملته الانتخابية قبل فوزه بالرئاسة أن المملكة السعودية ستكون وجهته الخارجية الأولى، إيمانا بأهمية ترسيخ العلاقات مع السعودية الشقيقة وفى المقابل جاءت تهنئة خادم الحرمين لمصر والرئيس السيسي، وتأكيده بضرورة دعم مصر في مثل هذه الظروف بل والدعوة إلى مؤتمر المانحين للأصدقاء وجاءت هذه الخطوة بعد لحظات من إعلان فوز السيسي برئاسة مصر.

ويرى محللون أن للزيارة التي يقوم بها العاهل السعودى لمصر لتقديم تهنئة للرئيس الجديد خلال الساعات القادمة لها دلالات كبيرة على المستقبل المشرق الذي ينتظر العلاقات بين البلدين، خاصة أن جدول تحركات الملك الخارجية يوحي بذلك.

مصر والعرب
"لا غنى للعرب عن مصر، ولا غنى لمصر عن العرب" مقولة شهيرة تتداول كثيرًا، فطن اليها الملك عبد العزيز آل سعود كما فطن للدور المصري في بداية تأسيس وبناء الدولة السعودية، في ١٩٠٢، حيث حرص على إقامة علاقات طيبة ومتينة مع مصر، لكن العلاقات المصرية الحجازية كانت ابعد من ذلك، اذ تمتد إلى عصور الدولة الإسلامية الأولى، وشهدت العلاقات أزهى عصورها بدء من عصر الدولة الفاطمية التي بدأت تتردد إلى أمراء الحجاز.

مرورا بالقرن الثامن عشر والذي شهد علاقات مميزة بين مصر، والحجاز، وكانت منطقة الحجاز غاية في الحيوية بالنسبة لمصر سواء من الناحية الدفاعية أو الهجومية، اذ كانت هي، ووفقا للداراسات التي تناولت هذه المرحلة هي بوابة مصر لتجارة الشرق، الأمر الذي ساهم في ثراء مصر في العصرين المملوكي والعثماني، حيث كان ميناء جده المصدر الرئيسي لتجارة مصر مع الهند.

كسوة الكعبة

وكان موكب الحج أحد المظاهر المتميزة للعلاقات التي جمعت مصر والحجاز، وكانت مصر ترسل كسوة الكعبة كل عام منذ عهد الفاطميين وحتى وقت قريب.

وتتسم العلاقات بين مصر والمملكة العربية السعودية بأسس وروابط قوية نظرًا للمكانة والقدرات الكبيرة التي تتمتع بها البلدين على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية، وكان المحور العربي وحتى وقت ما قبل ثورات الربيع العربي يرتكز على مثلث " القاهرة- الرياض - دمشق".

دعم الاستقلال
ويبدأ التطور الحديث في العلاقات بين مصر والسعودية في أعقاب توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين عام 1926م، حيث شهدت العلاقات حالة من الترابط القوى، ووقفت المملكة إلى جوار مصر وأيدت مطالبها في جلاء الاحتلال البريطاني عن مصر ووقفت إلى جانبها في الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية، وفى 27 أكتوبر عام 1955 وقعت اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين.

وأثناء العدوان الثلاثي على مصر وقفت المملكة إلى جانب مصر، وقدمت لمصر ١٠٠ مليون دولار بعد سحب العرض الأمريكي لبناء السد العالي، وفى 30 أكتوبر ٥٦ أعلنت المملكة التعبئة العامة لجنودها لمواجهة العدوان الثلاثي على مصر.

حرب اليمن
ولا تخلو العلاقات الثنائية عادة من بعض المناوشات، أو الأزمات التي تعكر صفوها، الأمر الذي جرى مرة خلال حكم الرئيس جمال عبدالناصر، وأخرى في حكم الرئيس السادات وعقب التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد، وكان السبب في الأزمة خلال حكم عبد الناصر نتيجة حرب اليمن، حين أرسلت مصر في 26 سبتمبر 1962 قواتها المسلحة لدعم الثورة اليمنية التي قامت على غرار الثورة المصرية،

وأيدت السعودية الإمام اليمنى محمد البدر حميد الدين، خوفا من امتداد الثورة إليها، وهو ما أدى إلى توتر العلاقات المصرية السعودية، إلى أن انتهت بالصلح بين ناصر والملك فيصل في مؤتمر الخرطوم، بعد نكسة 67 عندما ساهمت السعودية في نقل الجيش المصرى من اليمن.

ووقفت المملكة إلى جانب مصر بصورة كبيرة ومميزة عقب النكسة، والعدوان الصهيوني على مصر وسوريا والأردن، حيث وجه الملك فيصل نداء إلى الزعماء العرب طالبهم بالوقوف إلى جانب الدول الشقيقة المعتدى عليها، وتخصيص مبالغ كبيرة لمساندتها في الصمود،

وكان للسعودية دورا لا ينسى في حرب أكتوبر حيث أصدر الملك فيصل بن عبد العزيز قراره التاريخي أثناء حرب أكتوبر بقطع إمدادات البترول عن الولايات المتحدة والدول الداعمة لإسرائيل دعما لمصر في هذه الحرب.
السادات وفيصل
كما قام الأمير سلطان بن عبدالعزيز بتفقد خط المعركة في أحد الخنادق على الجبهة المصرية، وقام الملك فيصل بن عبد العزيز بالطواف بموكبه في عدد من المدن المصرية في استقبال شعبي بهيج، ورفعت رايات ترحيبية كان من ضمنها لافتة تقول (مرحبا ببطل معركة العبور "السادات" وبطل معركة البترول "فصيل").

وتقف المملكة السعودية إلى جانب مصر مجددا في أعقاب ٣٠ يونيو حيث أعلنت دعمها السياسي والدبلوماسي وايضًا المالي للثورة، وكان لها موقفها الواضح من جماعة الإخوان، وتبنيها للإرادة المصرية، وأصدرت السعودية قرارا باعتبار جماعة الإخوان إرهابية وحظرت أنشطتها على أراضيها.
العلاقات الاقتصادية
وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية والاستثمارات المتبادلة، فإن هذه العلاقات تشهد تفاعلًا ونموًا مستمرًا بين البلدين، تضاعف عدة مرات منذ الثمانينات من القرن الماضي، فقد احتلت الاستثمارات السعودية المرتبة الأولى بين الدول العربية المستثمرة في مصر، والمرتبة الثانية على مستوى الاستثمارات العالمية.

ووفقًا لبيان الهيئة العامة للاستثمار يبلغ حجم الاستثمارات السعودية في مصر نحو 5.777 مليارات دولار بعدد شركات مؤسسة 3.057 شركة خلال الفترة من 1/1/1970 حتى 31/12/2013،.
الاستثمارات السعودية
ويحتل القطاع الصناعى المرتبة الأولى باستثمارات تبلغ مليارى دولار، يليه القطاع الإنشائى باستثمارات مليار دولار. وتأتى الاستثمارات السياحية في المرتبة الثالثة بـ933 مليون دولار بعدد شركات مؤسسة 268 شركة، بينما تحل الاستثمارات في القطاع التمويلى في المرتبة الرابعة بـ112 شركة باستثمارات تبلغ 693 مليون دولار، تليها الاستثمارات الزراعية ثم الخدمية وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وفي إطار تعزيز هذه العلاقات، قامت اللقاءات الثنائية وتم التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم.
ملف العمالة
ويعد ملف العمالة المصرية من أهم الملفات على صعيد العلاقات بين البلدين، ووفقا للإحصاءات فان عدد المصريين العاملين في المملكة تجاوز ١.٨ مليون مصري، في حين أن تقديرات أخرى غير رسمية تذهب إلى أن هذا العدد تجاوز الثلاثة ملايين مصري، وتعد الجالية المصرية في المملكة هي أكبر جالية مصرية في الخارج، يعملون في كافة ارجاء المملكة، وفي كافة القطاعات والمجالات الحيوية.
الجمهورية الثالثة
ومن المأمول أن تشهد العلاقات المصرية السعودية جولة مميزة من التواصل وعلاقات الأخوة في بداية الجمهورية الثالثة برئاسة عبدالفتاح السيسي، الذي أعلنت المملكة تأييد مصر في عهده ودعمها للخروج من أزمتها، والدفع بمساهمات على المستوى الاقتصادي، عبر دعوته التي لاقت ترحيبا كبيرا من مؤتمر أصدقاء مصر لدعم اقتصادها.
الجريدة الرسمية