ثورة الأمراض النفسية فى مصر
ليس الحديث هنا عن الأمراض النفسية التى يُعانيها الساسة أو الثوار المصريين،
لأنها بسيطة ومعروفة. ولكن التناول يتعلق بالأمراض التى ولدتها تلك المدعوة
"ثورة" وما تمخض عنها من أفعال أثرت بقوة فى نفسية الشعب المصرى، فأغلب السياسيين، وكما هو ظاهر، يعانون جنون العظمة و"الأنانية
المُفرطة" و"النرجسية" وعدم التعلم من الأخطاء ويعتقدون أن عقل كل
واحد منهم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو الأمر الذى سينهيهم قريبا
جدا فى الشارع إن لم يكونوا قد انتهوا بالفعل من واقع أفعالهم!!
وأما أغلب الثوار فحدث عن "الأحقاد" و"الغل"
المكبوتين اللذين صُدرا للساحة السياسية من الكثير منهم ولا حرج. وتذكر
"شتائمهم"
وألفاظهم الخارجة فى الساحة دون مُداراة. ولا تنس "جهلهم"، رُغم غرورهم الطاغى!!
أما ما ولدته تلك الثورة المزعومة، لدى عموم الشعب، فكان الخوف
الشديد من المُستقبل، منذ حلول الانفلات الأمنى الرهيب بدءا من 28 يناير
2011، فلقد ولد مناخ الفوضى فى مصر حالة من الذعر للمواطن المصرى، مما جعله يكره أغلب
ما حدث. هذا الخوف أدى إلى الكثير من المشاعر الفرعية، منها إحساس المواطن "بوحدته"
و"استهدافه فى الطريق العام"، مما قلل من خروج المواطنين ليلا، كما كان
من قبل، خاصة الأطفال والنساء ومتوسطى العمر ومن هم أكبر سنا.
هذا بدوره لون حياة المصريين بلون "الحُزن" و"الأسى" و"الاكتئاب
الشديد" و"الكُره"، تجاه الإخوان أو السلفيين المسيسين أو الساسة
المدنيين أو الكثير من الثوار والنشطين، أو حتى تلك الثورة المزعومة
فى حد ذاتها، وهو الكره الذى يزيد مع سقوط أقنعة هؤلاء، فى ظل ازدياد وعى المواطن
بالحراك السياسى!!
ومع سقوط تلك الأقنعة أيضا، "زاد شك المواطن" فى كل ما
يُحيط به وشعر أن دولته إلى انهيار، حتى كره طرح من سقط قناعه. ولقد سقط الكثيرون
فى نظره، بينما يظلون على مسرح الأحداث يلعبون دور "عبده مُشتاق"، وهو
ما يؤكد أنهم ليس لديهم الإدراك السياسى الكافى ليدركوا أنهم سقطوا بالفعل فما
بالك بقدرتهم على إدارة الدولة؟!
لقد أصبح المواطن وبسبب خوفه و"تشككه" فيما حوله، "يصدق
الشائعات" بسرعة، وفى ظل شيوخ الفضائيات الذين أساءوا للإسلام بشدة تحت حكم الإخوان
المجرمين، زاد يأس المؤمنين رغم اقترابهم أكثر من الله مُناجينه من أجل الخلاص من
تلك المأساة، بحيث يتمنون أن ينزل الجيش ليقتنص السلطة فى أسرع وقت ممكن، ليُخلصهم
من كل هذا البله والفوضى التى يحيون بها!!
ولقد أصبح لدى المواطن رغبة عالية فى "الانتقام" أيضا من كل
من تسبب فيما يحياه، وأصبح على عكس ما مضى، يتمتع بكم كبير من "عدم
التسامح"، بحيث يريد أن يرى نهاية ولو بلون الدم، لأنها تُخلصه من تلك
المأساة التى يعيشها!!
إلا أنه وفى أوقات أخرى، وفى إطار التناقضات الإنسانية التى تملأ الإنسان
فى أوقات الإحباط، يعود ويقول "ربنا يستر" فى ظل مشاعره المُتداخلة، ورفضه
العنف، حيث إن ذاك الاعتدال عامل أساس فى شخصيته كمصرى، يرفض أن تسيل الدماء فى بلاده
بين أبناء جلدته. فشخصية المصرى التاريخية بداخله، تغاب عليه، رغم أنه أصبح أكثر
عُرضة لتغيرات كثيرة، نتيجة الفوضى المحيطة به!!
لقد عانى المصريون الكثير فى العامين الماضيين وما زالوا يُعانون، وهم
ينتظرون "على أحر من الجمر"، الخلاص من تلك الملهاة المأساوية المُريعة،..
ولكننى مُتأكد أن موعد الخلاص قريب... وبالقانون!!
سلمت يا شعب مصر،
والله أكبر والعزة لبلادى،
وتبقى مصر أول دولة مدنية