رئيس التحرير
عصام كامل

يوسف السباعى..كاتب ووزير وجندى مجهول..حاور الموت فى أدبه وتنبأ باغتياله.. يعشق الصحف والكتابة.. ناضل من أجل المهنة.. ورفض "تقديرية" الدولة

يوسف السباعى
يوسف السباعى

ماذا سيكون تأثير الموت علي؟ وعلى الآخرين؟ لا شيء، ستنشر الصحافة نبأ موتى كخبر مثير ليس لأنى مت، بل لأن موتى سيقترن، بحادثة مثيرة".

بهذه السطور التى كتبها يوسف السباعى فى رواية (بين المحيطين) عام 1971 كان يتنبأ بموته فى حادثة مثيرة عام 1978 فى قبرص باغتياله على أيدى مجموعة فلسطينية تابعة لأبو نضال برصاصتين أثناء تفقده مكاناً لبيع الصحف والكتب فى بهو الفندق الذى كان ينزل فيه مع مجموعة من الأدباء والسياسيين لحضور مؤتمر لمنظمة التضامن الأفرو أسيوى بدعوى تأييده لمعاهدة السلام مع إسرائيل التى أعلنها الرئيس الراحل أنور السادات وأن السباعى لم يعد يهتم بالقضية الفلسطينية.

و"السباعى" الذى تحل اليوم ذكرى وفاته الـ 35 مثل أى مصرى دومًا ناصر القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطينى فى أعماله الأدبية فعلى سبيل المثال نقرأ فى رواية "ابتسامة على شفتيه" على لسان البطل "أن القدس كالقاهرة .. كعمان .. كدمشق .. كبغداد.. إننا نؤدى واجبنا فى كل مكان .. إن القدس عزيزة على المصري.. معزة القاهرة للفلسطينى ولكل عربى .. ونحن نخوض المعركة فى كل جبهة".

تخرج "السباعي" من سلاح الفرسان من الكلية الحربية عام 1937 لم يكن يخشى الموت لكونه ضابطًا يعرف معنى الشهادة فى سبيل الله وفى سبيل الحق ففاز بها بهذا الفعل الغادر والسباعى الأديب يعرف معنى الموت وحاوره كثيرًا فى أعماله فقد قال " بينى وبين الموت خطوة سأخطوها إليه أو سيخطوها إلي.. فما أظن جسدى الواهن بقادر على أن يخطو إليه ..أيها الموت العزيز اقترب.. فقد طالت إليك لهفتى وطال إليك اشتياقي" .

ومن يتناول مسيرة الأديب يوسف السباعى لا يستطيع فى سطور قليلة أن يلم بكل الجهود التى بذلها الأديب الكبير الذى خاض فى مجالات عديدة متنوعة فهو الأديب والناقد والصحفى ونقيب الصحفيين والضابط والوزير والمنشئ الهيئات والمجالس الثقافية والنوادى الأدبية التى أثرت فى الحياة الأدبية بفاعلية كبيرة إلى الآن فقد لعب السباعى دورًا ملحوظًا فى تطور الحياة الأدبية والفكرية والصحفية والسياسية لا ينكر أحد فضلها.

وعلى سبيل المثال ستظل روايات رد قلبى وبين الأطلال ونادية والسقا مات وأم رتيبة وأرض النفاق أعمالًا رائدة فى فرعى الرواية والمسرحية ولكن هناك من تناول أعماله ومسيرته بالغمز واللمز ولا نريد أن ندخل فى جدل عقيم حول ما أثاره بعض هؤلاء معارضيه من التيارات السياسية بأن أعماله ليست لها الخلود وأن السينما هى التى أفادته شهرة.

ويوسف السباعى المولود فى العاشر من يونيو عام 1917 فى حى السيدة زينب للأب محمد السباعى المترجم والأديب مما أثر فى خيارات وتكوينات أديبنا الذى تولى العديد من المناصب والتى تدرج بها حتى وصل لأعلاها ونذكر من هذه المناصب: عمل كمدرس فى الكلية الحربية، وفى عام1952م عمل كمدير للمتحف ، وتدرج فى المناصب حتى وصل لرتبة عميد، وبعد تقاعده من الخدمة العسكرية تقلد عدداً من المناصب منها: سكرتير عام المحكمة العليا للفنون والسكرتير .

حصل السباعى على عدد من التكريمات والجوائز منها: جائزة الدولة التقديرية فى الآداب، غير أنه رفض تسلم الجائزة لكونه وزيرًا ، ووسام الاستحقاق الإيطالى من طبقة فارس، وفى عام 1970 حصل على جائزة لينين للسلام، ومنح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى من جمهورية مصر العربية.

وفى عام 1976 فاز بجائزة وزارة الثقافة والإرشاد القومى عن أحسن قصة لفيلمى " رد قلبي" و"جميلة الجزائرية"، وأحسن حوار لفيلم رد قلبى وأحسن سيناريو لفيلم "الليلة الأخيرة" ورغم عداء يوسف السباعى للشيوعية فلم يتخذ موقفًا من معتنقى التيار الشيوعى فى مصر بل ساعد أنصار التيار ووقف معهم ضد محاولات البطش والتشريد فعمل معه فى منظمة الأفروآسيوى الشاعر أحمد فؤاد نجم وصنع الله إبراهيم وأمل دنقل وآخرين فقد كان كما أطلق عليه "توفيق الحكيم" لقب "رائد الأمن الثقافي" وذلك بسبب الدور الذى قام به فى المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية.

الجريدة الرسمية