تنظيم هل صليت على النبى
هل نستمر في استدعاء نظرية المؤامرة ضد الدولة المصرية عند حدوث أي فعل سواء، كان شخصيا أم جماعيا.. ولماذا تسيطر على الجميع مخاوف وهواجس مرعبة من انتشار فكرة أو دعوة أو ملصق.. فهل نحن أصبحنا مجتمعا ونظاما أسير الخوف والشك من كل شيء، فما يحدث من خوف وهلع وهجوم غير مبرر على الملصقات التي انتشرت في ربوع مصر في الفترة الأخيرة تدعو للصلاة على النبى (صلى الله عليه وسلم) لامحل له من التفسير سوى شيء واحد أننا أصبحنا بلا وعى حقيقي بما يحدث.
وقبل أن يتساءل الجميع ويدرس سبب الانتشار الكبير لدرجة وجوده على حوائط الشوارع وواجهات المنازل والمحال ووصوله للسيارات، فهو ظاهرة بحق وعلينا دراسة سبب هذا الانتشار ولكن كالعادة لا نواجه شيئا بالعكس نهاجم ونشكك ونخون ونستخدم مصطلحات كبيرة وجامدة للقضاء على أي شيء دون تفكير ووعى.. ولنتساءل معا ما خطورة دعوة للتذكير بذكر الله والصلاة على نبينا العظيم خاتم المرسلين، ولماذا الخوف والهلع الأمني من كل ماهو دينى فهل نبنى وطنا جديدا في ظل هذه الحالة العبثية من التفكير أم علينا أن نكون واقعيين عقلانيين ندرس كل شيء بعمق حتى نصدر قرارات لا تؤتى بنتائج عكسية تدمر ما زرعه المصريون وكافحوا لأجله في السنوات الثلاث الأخيرة لبناء مستقبل وطن.
الحرب الدائرة عبر وسائل التواصل الاجتماعى حول هذه النوعية من الملصقات مشروعة في ظل حراك سياسي وفكرى.. ولكن أن يتحول هذا الحراك لقلب الحقائق وتزييف الوعى فلابد من وقفة، لأن انتشار دعوة لذكر الله والصلاة على النبى لايمكن بكل الأحوال أن تكون ذات طابع سياسي، تحديدا في الفترة الحالية نتيجة للسقوط الكبير لتجربة جماعة الإخوان وعزل الشعب لهم.
وكذلك فقدان الثقة في كل الأحزاب المسماة إسلامية نتيجة لأدائهم المتدنى في عهد حكم الإخوان وسقوط الأقنعة من عليهم، فشاهدناهم بلا وعى سياسي ولاخبرة ولا حتى قدرة على التعامل مع ملفات وأزمات الدولة المصرية، وبالتالى الدعوات الخبيثة التي تريد نشر أن هذه الملصقات هي من فعل الإخوان والسلفيين لمعرفة مدى نفوذهم وانتشارهم على الأرض، هي دعوة لا تعى ولا تقدر المزاج العام للمصريين الذي عزل كل المتاجرين بالدين وعرف أن الدين لديهم وسيلة للحكم وأنهم أبعد خلق الله عن كتابة سنته.. لذلك الحرب الدائرة عبر وسائل التواصل الاجتماعى والتي امتدت لوسائل الإعلام وتطورت لدرجة تصدى وزارة الداخلية لها بإزالة هذه الملصقات من كل مكان، هي حرب لا داعى لها بكل المقاييس لأن المصريين بطبيعتهم وتدينهم وحبهم للتقرب لله أغلبهم فعل ذلك بعفوية وحب ورغبة في إرضاء الله لا أكثر.
عدم التفكير قبل الهجوم على هذه الملصقات والرغبة في إزالتها من كل مكان، ووصف موزعها أو من يقوم بنسخها وتوزيعها على جيرانه ودوائر تعاملاته أنه متطرف أو طائفى هي تهم تعزز ثقافة الاحتقان والغضب المجتمعى، والأهم من ذلك أمنيتى ألا تتورط الحكومة في ذلك حتى لا تتهم بمحاربة الدين وتلك الكارثة التي أحذر منها فتلك الفعلة سيكون لها رد فعل عكسي لدى نفوس قطاع كبير من المصريين، وسوف يتاجر بها كل أعداء وكارهى ثورة المصريين على الإخوان، وسنفاجأ بحوارات من نوعية الحكومة والنظام يحاربون الإسلام والله.. فهل تقع الحكومة في الفخ وتساهم في هبوط شعبيتها وشعبية النظام ككل أم تتعلم من دروس الماضى أن الفكر يواجه بالفكر والإقناع والحوار وليس التعامل الأمني هو الحل في ملفات كثيرة.
الشعوب الواعية المتحضرة المثقفة التي تريد بناء وطن حقيقي لاتحارب ملصقا ينشر دعوة لذكر الله لأنه ليس دعوى طائفية، لأن لكل أتباع دين نبيا فليصلوا عليه، وبالعكس هناك جانب مهم، وهو أن هذه الظاهرة فرصة ذهبية للدولة في ظل حالة التدين الفطرى للمصريين، وقرب شهر رمضان الكريم ومابه من روحانيات إيمانية عالية في أن تتحرك الدولة على الأرض لنشر المفاهيم الصحيحة للإسلام بعيدا عن التطرف والمغالاة من قبل جماعات الإرهاب السياسي التي تتاجر بالدين لتحقيق أهدافها والتي عرفهم الشعب وأسقطهم في 30 يونيو 2013 وعزل حكمهم.
وبالتالى هي فرصة حقيقية للدولة للنزول للمواطنين في كل مكان لشرح مفاهيم الدين من الكتاب والسنة ووقتها سنجد مجتمعا غير طائفى، أخلاقيا لايوجد به انفلات أو تحرش أو الكثير من الأمراض المجتمعية والتي سببها في الأساس البعد عن الدين والغرق في بحور الجهل التي هي البيئة المناسبة لصناعة التطرف.. فهل يعى النظام الجديد الدرس جيدا ويعلم أن نشر الفكر الصحيح السمح هو بوابته الحقيقية للمستقبل ؟!
DREEMSTARS@GMAIL.COM