رئيس التحرير
عصام كامل

في بيت فتحية العسال!


عرفتها بنفسي..وقلت لها إنني تركت حزب التجمع الذي تنتمي إليه وإنني من بين مؤسسي الحزب الناصري..ضحكت وقال طريقهما واحد وأهلا بك..لم أكن قد عملت بعد بالصحافة وكنت فقط طالبا بالدراسات التمهيدية العليا بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية إلا أنني وعندما حاولت أن أذكرها بأصدقائها ممن تعرفهم..وهم أساتذتي في الوقت نفسه من بين قيادات حزبي التجمع والناصري مثل المحامي اليساري الأسيوطي الكبير صلاح فراج والقيادي اليساري الراحل مجدي عبد الكريم والقيادي الناصري وأستاذ الطب الدكتور أحمد يس نصار رفضت أن أكمل وقالت إن الأمر لا يحتاج إلى وسطاء..أهلا بك في أي وقت..

في بيتها بشارع المبتديان الشهير الذي يربط حي "السيدة زينب " بشارع "القصر العيني" - وهو القريب جدا من بيت جدي - كنت في الموعد المحدد..كان هناك زوجها الأديب الراحل عبد الله الطوخي..وكانت هناك ابنتهما الفنانة صفاء الطوخي..كان يقولون أنهما انفصلا لكنهما أصرا وهما في هذه السن استكمال ما تبقي من عمرهما في بيت واحد ومع ابنتهما الوحيدة. 

لكن..الترحاب والذوق والكرم مع البساطة هو عنوان كل شىء..هنا البيت الذي شهد ولادة أعماله المهمة "رباعية النهر" و"عينان على الطريق" و"قصة عصر" و"طيور الحب" ومذكراته ذات الأجزاء الخمسة" سنين الحب والسجن"..وفي هذا البيت الذي شهد أيضا أعمالها الشهيرة " هي والمستحيل" و"حتى لا يختنق الحب" وبدر البدور " و"نساء بلا أقنعة" وغيرها وغيرها من عشرات الأعمال التي تتناول قضايا المرأة المصرية وقد طرحته دراميا مبكرا جدا وبشكل بسيط يتناسب مع عقلية المشاهد في وقتها ومع إمكانيات التليفزيون بقناتيه الأرضيتين فقط قبل ظهور الفضائيات!

قدمت مشروع سيناريو تليفزيوني..وراحت تقرأ وتقرأ..والخجل يعتصرني..وقالت ما قالت مندهشة إنني أكتب للمرة الأولى ! وأنها لم تصل إلى هذا المستوي إلا بعد دراسات وقراءات وتجارب..ونصحتني أن لا أعمل إلا كاتبا للسيناريو !!

ونكون أمام ما قالته - وقد بقيت فخورا به لسنوات أحكيه عند كل مناسبة - أمام احتمالين لا ثالث لهما..أن رؤيتها فيما كتبته حقيقيا..لكنها تمتلك قدرا كبيرا من النقاء الداخلي ولا تعاني من عقدًا نفسية من أي نوع..وتتواضع إلى أكبر حد ممكن وأنها لا تمارس مع شاب صغير أي نوع من القهر أو الغطرسة أو الغرور أو المنظرة...أو تكون تجاملني ولا أستحق شيئا مما قالته..لكنها تعطي الأمل وتشجع على المضي في مشوار بدأناه وأنها ليست من أولئك الذين يقطعون حبال النجاح ويوصلون وبسعادة مدهشة كل حبال البؤس والفشل! وهي في الحالتين كبيرة ورائعة وعظيمة وكريمة ومعطاءة..خصوصا ونحن في زمن لا يستقبل فيه الكثيرون حتى أقربائهم ولو على أبواب مكاتبهم !!
وللحديث غدا بقية..
الجريدة الرسمية