رئيس التحرير
عصام كامل

الــ"فيس بوك" والطبقة المتعجرفة من أبناء "مبارك"

فيتو

الــ"فيس بوك" الذى ساهم بدرجة كبيرة فى تفجير الثورات العربية تحول مع الوقت إلى وسيلة لنقل الشائعات والأخبار الكاذبة، والعجيب أن هذه الأخبار التى تبدو أحيانا ضد العقل والمنطق، تجد صدى لدى بعض الناس، لأنها تصادف هوى فى أنفسهم، وتلائم معتقداتهم فيتناقلونها بلا ضمير، وهو طريقة سريعة أيضا لنفى هذه الإشاعات مما يصنع نوع من البلبلة، فما عاد بعض الناس يثقون فى أى أخبار عن طريقه.


وبالرغم من هذا؛ هو وسيلة تعارف وتواصل سريعة جدا، وله قدرة على الحشد وتجميع الناس.. وفى الآونة الأخيرة تحولت تجمعاته وجروباته إلى حقيقة على أرض الواقع، وأصبح لكل فعل رد فعل، مؤديون للنظام يحشدون، ومعاروين للنظام يحشدون!!.
 
هناك أمور كثيرة تدبر خلف الفيس.. الذى تحول إلى أخطر وسائل تدمير فى مصر، وأخطر وسائل للتوجيه وبث سموم وأفكار للتلاعب بعقول الناس والتشويه بشكل أساسى.

وأصبح شعار المرحلة على الفيس.. لماذا تناقش بالحجة إن كنت تستطيع إهانة من يحاورك فتجبره على الصمت متصورا أنك هزمته بهذا الأسلوب؟!.
 
وأصبح الشعار الثانى.. لماذا تنافس بشرف إن كنت تستطيع أن تشوه من يخالفك ويعارضك؟.

 وأصبح أسلوب تصيد الأخطاء هو السمة السائدة لدى كل التيارات، فكل كلمة أو تصرف لمسئول فى الحكومة أو رمز معارضه معرضة إلى التحوير واستغلالها بشكل مبالغ فيه لتشويه من قالها.
 
وأكثر المفاجآت التى صادفتنى على الفيس بشكل شخصى، هى اكتشافى أن مصر بها طبقة برجوازية لم أكن أعرفها قبل سفرى إلى فرنسا منذ 15 عاما، وأن هذه الطبقة تشعبت وانتشرت فى مصر بأفكارها وأسلوبها، ومن المعروف أنها كانت وماتزال أكثر طبقة استفادت من النظام السابق!.

إنها الطبقة المتعجرفة من أبناء مبارك.. وكانت صدفة أن وقعت عينى فى أحد الجروبات الخاصة بهم، على صورة لامرأة منتقبة، وأسفلها كانت أسوأ التعليقات والإهانات، وهو الأمر الذى لم أكن أتصور أنه يحدث فى مصر، فما كان منى إلا أن تدخلت وسألتهم بأى لغة يريدونى أن أحدثهم بلغة مصرية مسلمة، إذن.. فهذا زى يعبر عن مظهر إسلامى حتى وإن لم يكن إجباريا، ويجب احترامه وإن كانوا يريدوننى أن أحدثهم بلغة أوربا وأنا متخصصة فيها، فهذا يندرج تحت بند حرية كل شخص فى اختيار عقيدته وزيه داخل بلده، فكيف لهؤلاء أن يطالبوا بحرية رأى وزى، وهم مبدئيا لا يحترمون حرية الرأى والزى الإسلامى.

الله سبحانه وتعالى قسم الأرزاق وقسم معها ظروف البشر، فربما تقابل أشخاصا على قدر كبير من الذكاء فى أماكن أقل كثيرا من مستوى كفاءاتهم فقط، لأن الظروف وقفت حائلا بينهم وبين تحقيق أحلامهم، وآخرين فى أماكن أكبر كثيرا من مستوى قدراتهم فقط، لأن الظروف ساعدتهم.. وعن هؤلاء لنا أحاديث طويلة، فأمثالهم أبناء مبارك من كانوا يحملون كل الولاء لنظامه وساروا على دربه ونهجوا نهجه.. هم ضد النظام الحالى والنظام المستقبلى، وضد أى نظام آخر يهز مكانتهم، هم بعد سقوط مبارك يصارعون البقاء بالمعارضة متحدثين باسم الثورة البريئة منهم، ينادون بالمساواة والعدالة الاجتماعية التى يرفضونها فى قرارة أنفسهم.. ينظرون إلينا من شرفات أبراجهم العالية الضاربة جذورها بالغرور لمسافات منذ سنوات بعد أن زلزلتهم الثورة على غفلة.. يهللون ويتشنجون ليقنعونا أنهم ثوار، والسوس ينخر فى أساس أبراجهم  التى تكاد تنهار.

وهكذا نرى أن "فيس بوك" أصبح بالفعل سلاحا ذا حدين.

وللحديث بقية...
الجريدة الرسمية