رئيس التحرير
عصام كامل

دراسة حديثة: 19.7 مليار دولار فجوة غذائية متوقعة بحلول 2030.. السيناريوهات الأكثر تشاؤما تقدر الفجوة بـ 51.2 مليار دولار.. الوضع الهش للغذاء بمصر يجعلها عرضة للآثار السلبية للتغيرات المناخية

قمح
قمح

أكدت إحدى الدراسات الحديثة التى أعدها كل من دكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، ودكتور شريف فياض، الأستاذ بمركز بحوث الصحراء، حول أثر التغيرات المناخية على وضع الزراعة والغذاء فى مصر أن الوضع الراهن للغذاء ينطوى على عجز شديد فى معظم المنتجات الغذائية تتمثل فى انخفاض نسب الاكتفاء الذاتى بمعدلات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بمحاصيل الحبوب والزيوت النباتية والبقوليات.


وأن مصر تعتبر دولة مستوردة بشكل أساسى للغذاء إذ تعتمد على الخارج فى استيفاء احتياجاتها الغذائية بنسبة تصل إلى 40%، الأمر الذى يجعلها معرضة لكثير من المخاطر التى تتراوح بين مخاطر التقلبات فى أسواق الغذاء العالمية، مضيفًا إليها المخاطر المتعلقة بالتغيرات المناخية المرتقبة أو المحتملة سواء على الصعيد العالمى أو المحلى.

وأكدت أنه على الرغم من الاعتماد على الزراعة المروية، وهو ما يقلل المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية بعكس الحال فيما يتعلق بالزراعات المطرية، فإن الوضع الهش للغذاء فى مصر بسبب محدودية الموارد الأرضية والمائية المتاحة يجعلها تظل عرضة للآثار السلبية للتغيرات المناخية العالمية، مثل الجفاف والفيضانات والانبعاثات الكربونية والتى تؤثر على العرض العالمى للغذاء خاصة فى الدول المنتجة الرئيسية للغذاء التى تعتمد عليها مصر كمصدر لاستيراد الغذاء.

وأضافت الدراسة أنه من المحتمل تأثر الأمن الغذائى بالتغيرات المناخية فى إنتاجية المحصول بنسبة 17%، أو تعرض أجزاء من الدلتا للغرق بنسبة 15% بسبب الاحتباس الحرارى الذى يؤدى إلى ارتفاع مياه البحر مترا خلال الأربعة عقود القادمة.

وتناولت الدراسة عدة سيناريوهات للوضع المستقبلى للزراعة والغذاء فى ظل التغيرات المناخية، وتبين من خلالها أنه حتى فى ظل سيناريو الاستراتيجية الذى يتجاهل تمامًا أثر التغيرات المناخية سوف تزيد الفجوة الغذائية لأغلب المنتجات، الأمر الذى يعود إلى الزيادة فى الطلب على الغذاء بمعدلات تفوق الزيادة فى الإنتاج رغم المستويات المتفائلة لتقديرات الاستراتيجية, وقد قدرت قيمة الفجوة الغذائية فى ظل هذا السيناريو بنحو 19.7 مليار دولار فى 2030.

وهو ما يزيد على 380% عن قيمة الفجوة الحالية فى حين أن السيناريو الأكثر تشاؤمًا، وهو الذى ينطوى على أكثر الاحتمالات سوءًا فيما يتعلق بأثر التغيرات المناخية سيؤدى لفجوة غذائية 51,2 مليار دولار أى بمعدل زيادة يصل إلى أكثر من ثلاثة أضعاف قيمة الفجوة الغذائية الحالية وينطوى هذا السيناريو على انخفاض نسب الاكتفاء الذاتى فى جميع الحاصلات الغذائية إلى مستويات فى غاية التدنى.

وفى ظل سيناريو زيادة الانبعاثات الكربونية والتى تقدر بنحو 47.5 مليار دولار قدرت قيمة الآثار السلبية بنحو 5.3 مليار دولار، أما الفجوة الغذائية فقدرت قيمتها بنحو 42.2 مليار دولار فى 2030، كما قدرت الآثار السلبية لغرق الدلتا بنحو 5.4 مليار دولار وهى الفرق بين قيمة الفجوة الغذائية فى ظل سيناريو الاستراتيجية مع غرق 15% من الدلتا والتى تقدر بنحو 25.1 مليار دولار, وقيمة الفجوة الغذائية فى ظل سيناريو الاستراتيجية مع عدم غرق 15% من الدلتا والتى تقدر بنحو 19.7 مليار دولار فى 2030, وعلى ذلك يقدر الأثر الكلى لمخاطر الآثار السلبية للتغيرات المناخية على الزراعة المصرية بنحو 10,7 مليار دولار بحلول عام 2030.

وأوصت الدراسة فى النهاية بضرورة إحداث تغيرات جذرية فى السياسات الزراعية الحالية تركز على إعطاء الاهتمام لتحقيق أكبر معدل نمو فى الإنتاجية الزراعية , فإذا كان معدل النمو فى الناتج الزراعى الحالى لا يتجاوز 3% سنويا فينبغى مضاعفة هذا المعدل إلى 5% على الأقل الأمر الذى يتحقق عن طريق زيادة مضاعفة الاستثمارات الزراعية من 8 مليار جنيه فى الوقت الحالى إلى 16 مليار سنويا بالأسعار الثابتة خلال العقدين القادمين أى باستثمارات كلية تصل إلى 160 مليار جنيه حتى عام 2030.

وأكدت على أهمية مضاعفة الإنفاق على البحوث الزراعية لاسيما البحوث المتعلقة بإنتاج وتطوير الأصناف المتأقلمة مع التغيرات المناخية وخاصة الأصناف المقاومة للملوحة والحرارة وقصيرة المكث والموفرة للمياه, والإنفاق على تحسين السلالات الحيوانية مع العلم بان الإنفاق الحالى على البحوث الزراعية لا يتجاوز 25 مليون جنيه سنويا الأمر الذى لا يتناسب مطلقا مع التحديات التى تواجه مصر على صعيد الأمن الغذائى مستقبلا وعلى ذلك ينبغى مضاعفة هذا الإنفاق إلى أكثر من 20 ضعفا أى بما لا يقل عن 500 مليون جنيه سنويا وهو ما لا يتجاوز 0.5% من الناتج الزراعى الإجمالى.

وطالبت التوصيات بتجنب الآثار السلبية لزيادة درجة الحرارة على الإنتاجية لتعويض النقص فيها , بالإضافة إلى التوسع فى زراعة القطن وبعض المحاصيل الصيفية الأخرى مثل عباد الشمس على أن يكون ذلك بديلا لجزء من مساحة الذرة الشامية المتوقع انخفاض إنتاجيتها , وكذلك إعادة توزيع أصناف المحاصيل على مناطق زراعتها والزراعة فى المواعيد المثلى مع استخدام مزيد من التسميد الأزوتى فى الزراعة لتجنب الآثار السلبية لزيادة درجات الحرارة وإن كان هذا الإجراء له أثار سلبية فى زيادة تلوث المياه والتربة بالإضافة إلى زيادة التكلفة.

وشددت على أهمية إتباع الاستراتيجيات الملائمة لمقاومة ارتفاع منسوب مياه البحر لمنع تآكل الشواطىء الشمالية للدلتا وقدرت تكلفته بنحو 300 مليون دولار.
الجريدة الرسمية