رئيس التحرير
عصام كامل

ورحل الصحفي الصادق


كان صادقا منذ أن صادقناه، طالبا نشيطا، ملتزما، رائعا فى صداقته، فارسا في خصومته، واحدا من جيل الكبار.. كان عبد الله كمال كبيرا منذ صغره وكان فارسا منذ نعومة أظافره يدافع عما يعتقد أنه صحيح، يرى الحق حقا فيقف مدافعا عنه مهما كانت الصعوبات ويرى الباطل باطلا فيقف ضده مهما كانت التكاليف.

ما زلت أذكر "عبد الله كمال" ذلك الشاب القاهرى الملتزم يتنقل في مدرج رقم واحد الذي لم يكن لدينا غيره بكلية الإعلام.. ما زلت أراه منتصب القامة مرفوع الهامة بيننا حاملا الأمل عندما كنا نغترف من اليأس بكفوفنا ونضعه فوق الرؤءس بينما كان هو صاحب الابتسامة الشامخة يتنقل بين موقعين لا ثالث لهما.. مدرج واحد ومبنى روزاليوسف العتيق بشارع قصر العينى.

ما زلت أذكره يتأبط أوراق الدشت يرسم عليها ملامح الغد الذى كان يؤمن به وما زلت وما زلنا نعترف له بالفضل بين أبناء جيلنا، فقد كان مثالا يحتذى به وكان قدوة فى العمل والجد والإخلاص والأمانة.. كان صاحب رؤية لا تضيع بين ملامحها الحقائق وكان صاحب مبدأ عندما كنا نمارس التوهان سبيلا للبحث عن مبدأ.

عشنا معه سنوات الدراسة الأربع وهو بيننا كطائر مغرد أنيق يداعب هذا ويمازح هذا ويصادق هذا.. لم نره يوما عدوا أو خصما أو حاملا في قلبه حقدا أو غلا.. مارس المعارضة بإخلاص كما كان مخلصا فى الصف الآخر عندما كنا في المواجهة.

أخذتنا دوامة الحياة إلى مناح متنافرة فكان دوما يحرص على تواصل أواصر الود والمحبة والصداقة.. كنت رئيسا لتحرير "الأحرار" المعارضة وكان رئيسا لتحرير روزاليوسف فلم تنقطع لقاءاتنا ولم تنقطع حواراتنا فقد ظل داخل أروقة روزا  الأبية البهية الجميلة فكان جزءا منها منحها كل الحب والإخلاص ومنحته كل تقدم حتى جاءت لحظات اختلط فيها الحابل بالنابل فظل عبد الله كمال ثابتا كالطود الشامخ يدافع عما يعتقد أنه صحيح.

رحل عبد الله كمال فى لحظة صامتة وإجلال دون أن يترك قلمه لحظة واحدة.. رحل وقبل أن يرحل كانوا قد فتشوا دفاتره وحساباته وضميره فلم يجدوا إلا كل خير فقد كان نقيا مثل سطوره التى خطها طوال حياته.. رحم الله عبد الله كمال ورحم كل رفاقه وأصدقائه وزملائه الذين فقدوا اليوم رجلا من أعز الرجال.. رجلا قلما جاد الزمان بمثله.
الجريدة الرسمية