النائب العام
النائب العام الحالى لا أعرفه ولم ألتقه إطلاقًا، ولكن يلفت نظرى واهتمامى عدم خلو برنامج فى قناة تليفزيونية أو محطة إذاعية عامة أو خاصة، وكذلك عدم خلو صحيفة قومية أو حزبية أو مستقلة من ذكر اسمه فى عبارة واحدة وهى "مطلوب إقالة النائب العام"، هذه العبارة تتكرر مئات المرات يوميًا ويقرؤها ويسمعها ويشاهدها ملايين المواطنين يوميًا خارج وداخل مصر، وكل المبادرات التى طرحتها الأحزاب والتيارات السياسية على اختلاف أفكارها ومبادئها واتجاهاتها وأيديولوجياتها طبعًا ما عدا الحزب الحاكم، كلها اتفقت على أمر واحد فقط هو إقالة النائب العام، بل إن أعضاء السلك القضائى أنفسهم يطالبون بذلك، ووصل بهم الأمر إلى أن اعتصموا وأضربوا ووقفوا احتجاجًا لأول مرة فى تاريخ العمل القضائى المصرى الطويل.
أنا شخصيًا أتألم من كل ذلك لأن المفترض أن النائب العام يمثل المجتمع، وأن يكون فوق مستوى الشبهات، وأن يكون خطاً أحمر، وهو بالفعل كان كذلك ولم يحدث من قبل أن ورد ذكره إلا فيما يتعلق بمجال عمله، وأنا وغيرى ما كنا لنتجرأ أن نتناوله بكلمة واحدة خيرًا أو شرًا، ولكننا الآن نرى ونسمع ونشاهد الملايين فى الإعلام والميادين يتهمونه ويتناولونه بأمور قبل أن تُهينه شخصيًا فإنها تُهين المنصب الرفيع.
أنا لا أعرف كيف يستقبل هذا الرجل وأسرته هذه الاتهامات؟ جاءته فرصة تاريخية لكى يسجل موقفًا مشرفًا حينما تقدم باستقالته، ولكنه أضاعها بالرجوع فيها، لم يهتم بالاتهامات الموجهة إليه فى وسائل الإعلام ومن الأحزاب والتيارات السياسية والمواطنين ولم يؤثر فيه اعتراض زملائه وكلاء النيابة، وكثير منهم رفض العمل معه وطلب العودة إلى القضاء، بل وصل الأمر إلى أن المستشار محمود حمزة رفض دعوى لأنها مرفوعة من نائب عام باطل، ومع ذلك هو ماضٍ فى طريقه ولم يبالِ حتى باتهامه أنه سبب انقسام السلطة القضائية وضرب وحدتها وتماسكها، بل هو فرحٌ بالمنصب وما يمنحه له من مزايا مادية وأدبية.
كلامى قد يكون سببًا فى قرار من النيابة العامة بضبطى وإحضارى بتهمة إهانة النائب العام أنا مستعد لذلك، ولن أمثل أمام النيابة ولكن سوف أطلب انتداب قاض للتحقيق معى أو إحالة ملف الدعوى إلى القضاء، لأننى لا أثق فى تحقيق تجريه النيابة العامة فى ظل وجود هذا النائب العام فى منصبه، مع اعتذارى الشديد عن هذا الوصف لأحبائى وأصدقائى وإخوتى وكل أعضاء النيابة العامة الشرفاء الذين هم مستقبل القضاء المصرى الزاهر ولكن اعتراضى على هذا الرجل يأتى انطلاقًا من اعتراضاتكم أنتم عليه، وختامًا أقول لكل من يتولى منصبًا "لن يُوجد فى مصر بعد ذلك من يتمتع ويُسافر ويذهب ويأتى ويجمع الأموال والمناصب مثل الرئيس السابق، وكل متع الثلاثين عاما ذهبت فى أول يوم خلف القضبان" والتاريخ سوف يكتب المواقف المشرفة بحروف من نور، أما غير ذلك فإن مصيره صندوق القمامة.
egypt1967@yahoo.com
نقلاً عن جريدة "فيتو" الأسبوعية