إحنا الحيطة المايلة "1"
إذا كنت إعلاميًا مصريًا، أو أحد الليبراليين الذين يحبون "الجعجعة"، أو كنتِ فتاة من عشاق كلمة "أنا بنت بمية راجل"، أو فتاة تضع المانكيير صباحًا ولا تجد شيئًا تفعله في الليل فتفتح الفيس بوك لتكتب إلينا أروع ما تفتق عنه ذهنها.. إن كنت رجلًا كهلًا أكل عليه الزمن وشرب، ومن عشاق مقولة "ده مكنش بيحصل على أيامنا"، وحتى إن كنتِ سيدة أو فتاة لديها عقدة ما من كلمة "مجتمع ذكورى"، فمن حقكم جميعًا أن تسبوا شباب هذا البلد كلما سنحت لكم الفرصة، وتصفونهم بأسوأ وأفظع الألفاظ، فنحن السبب في خراب هذا الوطن.
قبل أن أذكر لك جرائمنا التي ارتكبناها في حق هذا الوطن، دعنى أبدأ معك من النهاية، حيث الحدث الأهم والجلل هذه الأيام، وهى واقعة التحرش بإحدى السيدات وابنتها في ميدان التحرير، الأمر الذي ترتب على حدوثه وصف شباب مصر بأنهم عديمو النخوة والرجولة، وأن أخلاقهم فسدت، ولم يروا ذرة تربية في بيوتهم، وامتلأت صفحات فيس بوك وتويتر بنشر نعى للمأسوف على شبابها "الرجولة"، وأخرجت كل فتاة معقدة ما لديها علينا، فيما تمنت الأخريات بأن يتم اغتصابهن حتى يزورهن السيسي كما فعل مع سيدة التحرير، وتغنين بوسامته وجماله.
وفتح الإعلاميون النار على الشباب، وكأن الـ 30 مليون شاب الذين يعيشون على أرض مصر شاركوا جميعًا في عملية الاغتصاب، هؤلاء الإعلاميون الذين تصدوا بشدة لقرار رئيس الوزراء بمنع عرض فيلم "حلاوة روح"، وهؤلاء الذين يستضيفون السبكى ليشرح وجهة نظره الفلسفية في إغراق سوق السينما بالأفلام الجنسية، كما تسابق أبناء الشعب على الاتصال بالبرامج لـ "تهزيق" هذا الجيل المستهتر، وتسابق بعض الفنانين من مشجعى ثقافة "العرى" على أن ينتقدوا الوضع، وغيرهم وغيرهم.
معكم كل الحق، فنحن "الحيطة المايلة"، التي تركنون إليها كل أخطاء هذا المجتمع، نحن المتحرشون، نحن من فقدنا الأخلاق والفضيلة، نحن من نسرق وننهب ونحرق، نحن من "خربنا البلد" بثورتنا، نحن من نريد إسقاط الدولة، نحن السبب في انهيار الاقتصاد بسبب مظاهراتنا، نحن من نعيش بلا هدف.. هكذا تروننا.
ولكن اسمحوا لى، نحن من أطهر وأنقى الأجيال التي رزق الله بها هذه الدولة، ليس ذنبنا أن داخليتكم المفضلة رعت البلطجة في دولة مبارك، حتى خرج البلطجية عن السيطرة وأصبحوا وباء في هذا البلد، ليس ذنبنا أن من نزلوا للاحتفال بفوز السيسي بهذه الأخلاق، ليس ذنبنا أن الفتيات والسيدات كن يرقصن أمام اللجان ليعطوا فرصة لأحد للتحرش بهن، ليس ذنبنا أن أحدنا لم يكن موجودًا في التحرير ليمنع تلك الحادثة من الوقوع، ليس ذنبنا أن السادة ضباط الداخلية تركوا مهتهم الأولى في "تأمين الشارع" وتفرغوا لمحاربة الإخوان، ليس ذنبنا أنكم شجعتم الإلحاد والأفكار الليبرالية والزواج المدنى وغيرها من الاتجاهات المستفزة، هذا ما جنته أيديكم.
قبل أن تلوموا شباب هذا البلد على أي شيء انظروا إلى أنفسكم، فلينظر الإعلامي إلى نفسه وينظر كم هو مدلس وكاذب ويطالب الآخرين بالتحلى بالأخلاق، فلينظر هؤلاء مدعو الفن كيف يظهرون على الشاشة بشكل غير مقبول، فلينظر الأب والأم إلى منازلهم وكيف يربون أولادهم، فلتنظر كل فتاة إلى ملابسها هل هي مناسبة للمنطقة التي ترتديها فيها أم لا، فلينظر السادة الضباط إلى عملهم ويراعوا الله قليلًا في تأمين حياة الضعفاء والمحافظة على شرفهم وكرامتهم.
وأخيرًا.. لا تضغطوا على الشباب أكثر من ذلك وتحملونهم كل شيء، فبالطبع هناك من يستحقون العقاب ولا ندافع عن شاب متحرش، ولكن لا تتعامل مع كل الشباب على أنهم متحرشون، لا تلصق هذه الصفة بجيل كامل، لأن هذا الجيل أنقى ممن يتحدثون عنه.
ويكفى من مات منهم على مدى ثلاث سنوات ونصف ولم يعد حقه حتى الآن، بسبب خنوعكم وتواطؤكم على الثورة وتحليلكم للدم والقتل، والآن صحت ضمائركم!! لله الأمر.