الشعب مع السيسي.. الله مع مرسي!
لا أعلم يقينًا السبب وراء رغبتى في استعادة بعض أجزاء تاريخنا القريب، ربما لأن هذا التاريخ يُعيد نفسه مرَّتين.. كما قال (كارل ماركس).. الأولى كمأساة والثانية كمهزلة، ونحن نعيش الآن الإعادة الهزلية للماضى الذي لا يجب أن ينساه أحد!
فرضت علينا الجماعة الإرهابية المدعوة بالإخوان المسلمين، صراعًا مُجتمعيًا لم تسلم منه مُعظم الأسر، ناهيك عن الأصدقاء، من جدال وعراك لفظى وربما بدنى، بسبب سعارهم على السُلطة مُنذ انطلاق ثورة يناير، والتي تحوَّلت من انتفاضة شعبية تلقائية للمظاليم الغلابة الساخطين على أوضاع اقتصادية وفساد وانحدار في كُل أمور الوطن، إلى نقمة على بلدنا، ليتضاعف الظلم والسخط والانهيار الاقتصادى والأخلاقى والحضارى، ونتخلَّص من السيئ (الحزب الوطنى وأعوانه)، لنجد فوق صدورنا الأسوأ والأكثر انحطاطًا، جماعة الإخوان وأنصارها ومؤيديها والمتعصبين لها، مُحتكرى الدين، والقابضين على صكوك الوطنية والإسلام!
الحزب الوطنى الفاسد حكمنا بالسرقة والنهب وزواج رأس المال مع السُلطة تحت مُسمى الوطنية ومصلحة الدولة، بينما رغب الإخوان في أن يحكمونا ـ باختصار ـ باسم الله، تحت مُسمى شرع الله والرئيس بتاع ربنا، فكانت مُعارضتك للحزب الوطنى" زمان" تضعك في خانة الخونة والعُملاء، أما مُعارضتك للإخوان ومندوبهم (مُرسى) الذي أصبح رئيسًا بالصدفة لأن رئيسه ورئيسهم الحقيقى (الشاطر) فشل في خوض الانتخابات، فكانت ـ هذه المُعارضة ـ تضعك في خانة الكفرة والزنادقة وكمان غير الوطنيين!
عندما اختلف الزعيم الخالد (مصطفى النحاس) مع الملك (فاروق) الذي قامت ضده ثورة يوليو، وكان ذلك في عام 1937، خرج الشعب مُساندًا لزعيمه الوفدى، وهاتفًا بحياة (النحاس) ومهاجمًا الملك، وكان المصريون يهتفون في ذلك الوقت "الشعب مع النحاس"، رافضين تصرفات (فاروق)، ومؤيدين الزعيم الوطنى الخالد!
وقتها ولأن الإخوان ومرشدهم (لاعق بلاط السُلطة والخاصة الملكية) كانوا مع الملك قلبًا وقالبًا، واستخدمهم (فاروق) لتكوين حزب أو قوة سياسية مُضادة ضد قوة الوفد الشعبية الكبيرة، فقد قام (البنا) بتسيير أتباعه ومُريديه المأمورين بأمره، والفاقدين لأى قدرة على التمييز أو التفكير، أو حتى التدبر في مصلحة الوطن، وإنما خياراتهم كانت دائمًا جبرية، يأتيهم الأمر الأعلى من المُرشد فيُنَفَّذ على جُثثهم حتى، وخرج الإخوان في مُظاهرات مُضادة لمُظاهرات الشعب (ده بيفكرك بحاجة؟ الإخوان دايمًا ضد الشعب)، مؤيدين للملك، وهاتفين نكاية في هتاف المصريين "الشعب مع (النحاس)" فكانت هتافات قطعان الإخوان "الله مع الملك"!
ولا تدرى هل وضع الله سره أمانة لديهم، أم ـ والعياذ بالله ـ أرسل لهم ملكًا أو رسولًا لإخبارهم بأنه مع الملك، مثلما ادعوا وصدق السُذج والعبط ادعاءاتهم أيام رابعة، بأن (جبريل) نزل لواحد منهم، والرسول طلب من رئيسهم "المقلوع" أن يُصلى به إمامًا، ولا تزال أذيال الإخوان تؤمن بذلك الهُراء حتى الآن، ولم يُفكر الكثيرون منهم في الاستعانة بنصف عقل لإدراك الكارثة الحقيقية في كونه مُغفلًا!
هكذا حمل الإخوان سر الإسلام وتوكيل الحديث باسم الله، وهكذا أوهمهم قادتهم بدايةً من (حسن البنا) وحتى (صفوت حجازى)، الذي صرخ لما قفشوه وهو هربان كالجرذ أنه مش إخوان، فقد كان يمر فيه العصير والساندوتشات بتاعة الداخلية، قبل أن تعاوده الرجولة المصطنعة فيما بعد في قفص المحكمة، فيرفع علامة الأصابع الساذجة بتاعتهم، وهكذا كانت مواجهتهم للمصريين كشعب، لا للسُلطة فحسب منذ قديم الأزل!
وعندما تولى (إسماعيل باشا صدقى) رئاسة الوزراء سنة 1946، كان الشعب كُله يرفض ذلك القرار، وبالطبع مادام الشعب رفضه فقد أيده الإخوان لأنه صادر من السراى التابع لها المُرشد بالولاء، مجرجرًا وراءه قطيعه الذي لا يرُد له كلمة، ولا يستخدم من بعد أوامره عقلًا، قام (صدقى) بزيارة مقر الجماعة، فاحتفوا به كما ينبغى بخائن وعميل مثله (الطيور على أشكالها تقع)، لدرجة أن أحد قادتهم المُنافقين (كُلهم كذلك على مَرّ التاريخ إلا مَن رحمه ربى وانشق عن الجماعة أو فصلوه ما عدا "أبو الفتوح" طبعًا)، قام القائد الإخوانى المُنافق (خريج مدرسة النفاق العُليا) بتلاوة الآية الكريمة: "واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولًا نبيًا".. كأن الآية الكريمة نزلت خصيصًا من أجل (إسماعيل صدقى) أو ربما بالأحرى وكما يرغب قادة الجماعة الإرهابية في الإيحاء به وقتها، في النبى (إسماعيل صدقى) والعياذ بالله، طبعًا مش صكوك الدين معاهم؟!
ولمَن لا يعرف (إسماعيل صدقى) الذي كرّمه الإخوان بإقحامه في القرآن، فقد كان دمويًا صديقًا لليهود والإنجليز، متعاطفًا معهم ـ مع اليهود ـ في القضية الفلسطينية، وكمان كان مزورًا لانتخابات مجلس النواب خلال ولايته الأولى سنة 1930، ومع ذلك أيده الإخوان بحماس لدرجة التكريم بالقرآن الكريم، ولِمَ لا.. وقد جاء بعد ذلك بسنواتٍ طوال رئيس إخوانى اسمه (محمد مرسي) يُخاطب رئيس إسرائيل بلقب صديقى العزيز العظيم، ويجد مُخرفًا جديدًا من إخوانه أو المتحالفين معه يقول إن الآية الشريفة "وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها" جاءت لتدلنا على الاختيار الإلهى لـ(مرسي).. السؤال: عُمرك شوفت سفالة أكتر من كدة؟!
هكذا استخدم الإخوان المسلمون الدين، وجعلوه عجينة في أيديهم، يصنعون من الفاشلين أمثال (مُرسى) ملائكة ورُسلًا، ولا يستحى أحدهم أبدًا من الاستعانة ـ كذبًا ـ بآيات قرآنية أو أحاديث شريفة، أو حتى ادعاءات بوجود وحى نازل عليهم مخصوص لتثبيتهم ومساندتهم ضد الكُفار (سائر المصريين طبعًا من خارج الجماعة وخارج مؤيديها)، وليس بعيدًا عليهم أبدًا أن يظلوا مُعتقدين أن الشعب الذي اختار (السيسي) رئيسًا بكامل إرادته، بعد أن نبذ طرطورهم بعد ثورة مجيدة، هو ـ الشعب ـ عدوهم الأول!
وعلى سبيل المثال فإن (مُرسى) الذي وضعوه في مرتبة الرُسل، هو إنسان مُنافق حسب رأى الدين لا رأيى الشخصى، فرسولنا الكريم (عليه الصلاة والسلام) يقول: "آية المنافق ثلاث؛ إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان".. ولم يمتلك الرئيس المقلوع آية واحدة من الثلاث، ولكنه امتلكهن جميعًا؛ فكان كاذبًا عندما قال إنه سيكون رئيسًا لكُل المصريين ولو ثاروا ضده فسيرحل فورًا، ولما ثاروا بالملايين قال هو وجماعته إنها صورة أو ثورة فوتوشوب، ولم يكُن رئيسًا لكل المصريين ولا حتى لبعضهم، فوجد المصريون أنفسهم بلا رئيس، وحتى الإخوان كان رئيسهم المرشد و(الشاطر) ولم يكن (مرسي) رئيسًا أبدًا لهم ولا لغيرهم حتى، ووعدنا بالنهضة والخير فعشنا أيام الفقر الدكر أكثر وأكثر، واؤتمن الخائن على أرواحنا (لا فلوسنا ولا وطننا) فسمح لكلابه بنهش الناس وقتلهم وتعذيبهم على أبواب قصره وهو سعيد بالحفاظ على مقعده!
ولقد رأيت بعينى وسمعت بأذنى ما يكفى من آراء شاذة مكتوبة وشفهية، يتمنى أصحابها أن تشتعل نيران الغلاء والمشاكل والانهيار في البلد، وينحدر الوطن حتى ينهار بمَن فيه، بل قال أحدهم: أنتظر بلهفة بالغة اليوم الذي تذهب فيه عجوز من مؤيدى (السيسي) لصرف معاشها الضئيل فلا تجده، أو يتوجه مريض للمستشفى والألم ينهشه فلا يجد علاجًا، وقتها سأقول إن الله قد انتقم من هؤلاء بسبب اختيارهم لـ(السيسي)، وصمتهم على ظُلم ((مُرسى(( ..
فهل هناك أي أمل في إصلاح أمثال هذا الشخص، أو حتى دفعهم لتمنى الخير لغيرهم، أو على الأقل محاولة إقناعهم أن هُناك حديثًا شريفًا يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه"؟ ولو سردت على مسامعه الحديث وسألته: إيه رأيك؟ يمكن يقول لك إنى مش من المؤمنين؟ أنا من الإخوان المسلمين؛ فهم أعلى درجة من المؤمنين أنفسهم!
