العراق.. الحل في التقسيم
وهكذا وصلت داعش إلى مرحلة الإعلان النهائي عن الدولة الإسلامية في العراق والشام، بعد سنوات من الكفاح في سوريا والعراق، وبالاستيلاء على معبر "اليعربية" الحدودي الذي سيؤمن توفير الأسلحة والمقاتلين بتمرير كميات كبيرة من الذخائر إلى المقاتلين على جانبي الحدود، وهو مايضمن لأي دولة أن تنشأ وتستمر.. المعلومات المؤكدة هي أن المسلحين من تنظيم داعش حصلوا على قواعد جوية وطائرات وأسلحة ثقيلة ومعدات دعم ومستشفيات ومصارف وفنادق ومؤسسات دولة، عدا إحراق المؤسسات التي تتبع للحكومة.
وبإنهاء وجود الدولة العراقية الرسمي لم يعد من أمر يعيق قيادة داعش لتنظيم شئونها وابتزاز إقليم كردستان، حيث يبدو أن التنظيم الإسلامي توفر على ضمانات من دول إقليمية فاعلة ستمكنه من السيطرة على المناطق السنية بالكامل وإقامة الدولة وإدخال تلك المناطق في دوامة عنف يصعب تحجيمها وإنهاؤها.. ولكن مسلحي التنظيم لا يبدو أنهم سينساقون بسرعة إلى حماقة التوغل بعيدا باتجاه بغداد ومناطق الوسط والجنوب الشيعية، حتى يتحقق لهم ضمان كامل للسيطرة على مناطق السنة واتخاذها كقاعدة للانطلاق.
اتصل أحد الصحفيين بقريب له، أخبره أنه
تحدث إلى مقاتل في التنظيم كان متواجدا في شارع من شوارع الموصل وسأله عن إمكانية
إقامة الدولة الإسلامية في المدينة لكنه أخبره أن الموصل ولاية فقط تابعة للدولة،
بينما الهدف الحقيقي هو دار السلام (بغداد) التي يبدو أنها ستكون عاصمة الدولة كما
يرغبون ويتمنون مع صعوبة تحقق ذلك، وربما استحالته بالفعل لجملة أسباب موضوعية
مرتبطة بالنوع العقائدي والدور الإقليمي والنهايات الممكنة للصفقات التي تبرمها
دول كبرى لايمكن أن تمضي الأمور على غير هواها ومصالحها الحيوية في العراق، وفي
غيره من دول تشهد توترا عميقا.
دعا المالكي البرلمان -المنتهية ولايته-
إلى إعلان حالة الطوارئ، بينما سينتهي عمل البرلمان بالفعل منتصف الشهر الحالي عدا
حقيقة عدم وجود برلمان على الأرض بانتظار البرلمان الجديد الذي سيتيه بين الخصومات
والخلافات مالم يتم الاتفاق على تشكيل حكومة، وهو أمر مستبعد في الوقت الراهن.. حيث استبق
المالكي تلك المتطلبات بإعلان حالة تأهب قصوى وإنذار في عموم البلاد.
وهو ما يضع
الفرقاء السياسيين في دائرة حرجة لايمكن معها تحقيق مكاسب على الأرض، ولأمن فرصة
للمفاوضين على تشكيل الحكومة لأن الوضع الراهن هو حالة حرب حقيقية، بانتظار وصولنا
إلى مرحلة الحاجة إلى التقسيم النهائي للدولة العراقية التقليدية... فمشروع
"بايدن" -سيئ الصيت- سيوفر ضمانات أفضل للمكونات لكي لا تحتك ببعضها حيث
لايتوفر العراقيون على رغبة حقيقية في التعايش بينهم نتيجة سيطرة مجموعات سياسية
أكثر قدرة على التوجيه، ولضعف يحكم الطبيعة العراقية لا يساعد في ترسيخ المواطنة
وقيم التعايش السلمي...