الحقيقة الكاملة لما يحدث في العراق.. «داعش» دخلت الموصل بمباركة عشائر السنة ومعاونة جيش «النقشبندية».. الدولة تنتظر حربا طائفية وانفجار «شلال دم» بين الشيعة والسنة.. والب
تمكن تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية المعروفة اختصار بـ"داعش"، من إسقاط المدن العراقية الواحدة تلو الأخرى، خاصة بعد إعلان التنظيم سيطرته على "الموصل" ومن ثم "تكريت" مسقط رأس الرئيس العراقى الراحل صدام حسين.. دخول التنظيم بهذه القوى إلى الساحة العراقية في ظل تشدق رئيس الوزراء نوري المالكى بقوة الجيش العراقى، يطرح العديد من علامات الاستفهام حول مدى القوة التي بات عليها التنظيم.. ويفجر السؤال الأكبر حول مدى قدرة الجيش العراقى المدرب على يد البنتاجون، على الثبات في المواجهات؟، علاوة على التدخلات الإقليمية ورموز القوى في بلاد الرافدين، والنهاية المتوقعة لهذه الأزمة المرشحة للتصاعدة بقوة؟.. أسئلة كثيرة تدور في ذهن المواطن العربي البعيد عن هذا الملف الملبد بالغيوم منذ سقوط النظام البعثى هناك.. وخلال هذا التحليل تلقى "فيتو" الضوء على جذور الأزمة وأطرافها الإقليمية، مع تصور مرجح بقوة لمشهد النهاية.
داعش وحلم الدولة
لاشك أن تواجد تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية "داعش" في سوريا والعراق، حمل في طياته حلم وضع بيضة دولة "القاعدة" المزعومة في المنطقة، ووجدت ضالتها المنشودة في دول تشهد فوضى عارمة وأرض خصبة للحرب العقائدية بين "السنة والشيعة" رتب لها المحتل الأمريكى منذ دخوله الأراضى العراقية.
غاية التنظيم الآن هو ميلاد دولته على أنقاض أنظمة قمعية سواء في سوريا على يد الأسد الوالد والابن، أو في العراق على يد نوري المالكى الذي قام بدروه بتحويل الجيش العراقى إلى ذراع مسلح ضمن أذرع الامبراطوية الفارسية المنشودة لدولة إيران.
اضطهاد السنة العراقيين
ممارسات المالكى الطائفية، تسببت خلال الأعوام الماضية إلى خلق بيئة صراع طائفى وشعور بالحنق لدى الطائفة السنية، التي باتت خارج حسابات المالكى، مما دفع الإدارة الأمريكية إلى تحذيرها من انفجار سنى قادم لا محالة خلال زياته الأخيرة بواشنطن.
ظل الانتخابات البرلمانية التي شهدتها البلاد مؤخرا الفرصة الأخيرة التي يراها المجتمع السنى، لتغير الأوضاع برحيل رئيس الوزراء، اصطدم حلم التخلص من الديكتاتور الطائفى عبر الصناديق بممارسات خفية تبناها بهدف الاحتفاظ بولاية ثالثة في منصبه كرئيس للوزراء.
العشائر السنة في البلاد التي وجدت نفسها داخل إقاليم مهمشة، يبدو أنها وجدت في "داعش" سبيل أمن لإنهاء حلم المالكى في الاستمرار ومهدت للتنظيم دخول الموصل، ويؤكد ذلك التقرير الصادر عن صحيفة "التايمز" البريطانية الذي أكد معده أن "الموصل" مولت "داعش" تمهيدا ليوم الفتح الأكبر، ويبدو في خلفي المشهد أن هناك تربيطات وقعت مع قادة الجيش العراقى، بهدف الانسحاب من المشهد وترك المدينة صيد سهل للتننظيم.
جيش النقشبندية على خط المواجهة
أضلاع المثلث الثلاثة المواجهة لـ"المالكى" بدا أنها اكتملت بظهور جيش "النقشبندية" الذي يشرف عليه "عزة الدوري" نائب الرئيس العراقى السابق، والذي ترددت أنباء عن عودته من المجهول إلى الموصل، وسط خطاب محتمل لإعلان تنصيبه رئيسا شرعيا للدولة، طبقا لما كشفه مصدر لـ"فيتو" في خضم هذه الأحداث.
ظهور الدوري يدلل على توافق أركان المثلث على الهدف الرئيس وهو الإطاحة بالمالكى وتكمين السنة من الحكم، وسط تجاهل للشخصيات الشيعية الأخرى المؤثرة في المشهد العراقى.
شخصيات بارزة في المشهد
المخاوف التي ترجح دخول البلاد في أتون حرب طائفية الآن، هو التحريك الشيعى عن طريق مقتدى الصدر، الذي دعا إلى تشكيل "سرايا السلام" لحماية المقدسات من الهجمات الإرهابية، تحسبا لتكرار "داعش" الهجوم على المقدسات الشيعية مثلما فعل في سوريا.
على الجهة الأخرى أعلن المرجع الشيعى أية الله على السيستانى، دعمه للجيش العراقى في مواجهة ما أسماه "الإرهاب" وهذا الدعم ربما يكون إشارة خضراء لحمل شيعة العراق السلاح لمواجهة الثالوث السني، ومن المرجح أن دعوة "المالكى" للتعبئة الشعبية وتشكيل جيش من "الرديف" بعد الخيانة التي تعرض لها من القوات النظامية، وهو ما يعنى بالتبيعة دخول "عمار الحكيم" على الخط بقوة انحيازا للطائفة وليس حبا في رئيس الوزراء الذي أعلن اختلافه معه سياسيا مرات عدة.
إيران تقلب الطاولة
وسط هذه التوقعات بالحرب الطائفية الطاحنة وانتشار القتل على الهوية، تظهر إيران بقوة كراع للشيعة في المنطقة، والتي تعتبر المالكى الفتى المدلل لها في حكم البلاد، ويأتى إعلان طهران غير المتواي بالتدخل في الأزمة ودعم النظام العراقى، ناقوس خطر يدق على تحريك قوات فيلق القدس وربما كتائب من الحرس الثوري، بهدف التصدي لمخطط إسقاط الشيعة من سدة الحكم، خاصة أنها مازالت تعانى من تصدع نظام بشار الأسد في سوريا، واهتزاز "حزب الله" في لبنان.
أمريكا وممرات السلاح
كالعادة تأتى الولايات المتحدة لاعبا على جميع الموائد، ولا شك أن الحراك الذي يحدث في منطقة الرعب على الحدود السورية –العراقية، يصب في مصلحة واشنطن التي وجدت بها سوقا مضمونة للتسليح، إضافة إلى فتح ممرات آمنة لدخول الأسلحة إلى المعارضة السورية التي تسميها بالمعتدلة بهدف إسقاط الأسد، وربما ترتب لهدف أعظم من خلال إشاعة الفوضى الإقليمية ما يبرر عودة قواتها إلى العراق بمباركة دولية بعد أن استشعرت خسارتها بتسليم الدولة إلى إيران.
تنفيذ مشروع التقسيم
بالرغم من كل التكهنات حول مشهد النهاية المتوقعة لهذه الأزمة سريعة الولادة، نهايتها هي الحقيقة الوحيدة المسلم بها عقب انفجار شلال دم "سنى شيعى" هو تقسيم الدولة وبقاؤها للباقى من التاريخ في صراع طائفى بين السنة والشيعة، في ظل احتفاظ الكرد بدولتهم الصغيرة.. لتنتهى مسرحية العراق بدولة للسنة تأوي التنظيمات الجهادية، ودولة للشيعة تأوي الميلشيات الموالية لإيران، وإعلان دخول بلاد الرافدين رسميا إلى سيناريو اليمن وليبيا والسودان، تمهيدا لحرب إقليمية طائفية ترتب لها أمريكا لتظل اليد العليا لإسرائيل.