رئيس التحرير
عصام كامل

عبد المطلب: بعض رجال الأعمال "يلعبون" في البورصة

فيتو

  • خسائر البورصة لاتعبر عن مجتمع الأعمال بشكل حقيقى
  • نحن أمام نقطة مفصلية في تاريخ اقتصاد مصر
  • مصر عانت من أزمة إدارة خلال الفترة الانتقالية
  • 2014 سيشهد مضاعفة معدل النمو الاقتصادى إلى 4،2 % 

حوار: عيسى سدود

هو أحد الخبراء الاقتصاديين البارزين في مصر، تبوأ عدة مناصب منها المستشار الاقتصادي للدكتور كمال الجنزورى، لديه الكثير من الآراء الهادفة لتحسين صورة الاقتصاد المصرى.
إنه الخبير الاقتصادى عبد النبى عبد المطلب، مدير عام الإدارة العامة للتحليل والتوقع بوزارة التجارة الخارجية، الذي يؤكد في حوار لـ"فيتو" أن قدوم السيسي رئيسًا للبلاد سوف يحسن من معدل النمو الاقتصادى في مصر، لافتًا إلى أن خطاب السيسي تضمن عبارات هادفة لتحقيق الأمن والاستقرار ودفع عجلة الاقتصاد والاستثمار في مصر، وأضاف أن النمو الاقتصادى لا يتحقق إلا بالاستقرار الأمني والسياسي، وإلى تفاصيل الحوار:

* بصفتك خبير اقتصادى ومن خلال موقعك الحالى كمدير عام للتحليل الاقتصادى بوزارة التجارة الخارجية.. كيف تقرأ وتحلل المشهد الاقتصادى في مصر وفقًا للظروف الراهنة؟
نحن أمام ما أسميه أنا نقطة مفصلية في تاريخ مصر ككل ليس الاقتصاد فقط، لأن أحد أسباب المشكلة الاقتصادية الموجودة بدأت بالمطالبات الفئوية ثم الإضرابات العمالية والتي نتج عنها فيما بعد ما يسمى بالانفلات الأمني، كل ذلك أدى إلى عدم وجود مناخ جاذب للاستثمار الأجنبى أو حتى تشجيع الاستثمار الأجنبى على ضخ استثماراته في مصر، وهناك بعض الأفراد والمجموعات الذين كانوا يفرضون إتاوات على بعض المستثمرين في المناطق الصناعية - سواء كان في جنوب مصر بمحافظات الصعيد أو حتى في 6 أكتوبر أو حتى في شرق التفريعة وقناة السويس وغيره - حيث أدى غياب الأمن في الفترات السابقة وعدم تعافيه لفترات، إلى تخوف عدد غير قليل من المستثمرين ورجال الأعمال والصناعة والاستثمار في هذه المناطق الصناعية.. أما الآن الوضع بدأ يتغير إلى حد ما في ظل استكمال المرحلة الثانية من خارطة المستقبل التي وضعتها القوى السياسية، حيث إن انتهاء الانتخابات الرئاسية يعتبر مؤشرًا جيدًا يثير التفاؤل بين المستثمرين، كما أن خطاب الرئيس المنتخب المشير عبد الفتاح السيسي تضمن نقاطًا كثيرة تؤكد عن عزمه على استعادة هيبة الدولة، وهى تعنى انضباط الشارع وشعور العامة من المواطنين بالاستقرار، وهذا بالتأكيد يساهم في دفع عجلة الاستثمار على المستويين المحلى والأجنبى، حيث سيتمكن المستثمر من إيجاد مناخ آمن يحصل من خلاله على ربح في بيئة اقتصادية آمنة ومطمئنة، وإذا توصلنا إلى نوع من الاستقرار الأمني وإلى نوع من التوافق السياسي، أعتقد أن ذلك سوف يعطى انطلاقة حقيقية للاقتصاد المصرى؛ خاصة وأن هناك عددًا كبيرًا من المنظمات الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولى، تؤكد أن عام 2014 /2015 سوف يشهد مضاعفة معدل النمو الاقتصادى، أي أن يرتفع من 2،2 % إلى 4،2 %، ومن ثم سيكون لدينا إمكانية لمضاعفة معدل النمو وهذه دراسات محلية قامت بها مؤسسات اقتصادية عالمية، مثل صندوق النقد الدولى، وبالتالى أعتقد أن لدينا حافزًا أكبر للأموال الباحثة عن فرص استثمارية حقيقية للقدوم إلى مصر، وأعتقد أن هذا هو ما نحتاج إليه، مادام هناك استقرار سياسي وأمني.

* هل أفهم من كلامك أن النمو الاقتصادى لا يتحقق إلا بتحقق الأمن والاستقرار؟
نعم.. هناك عبارة مشهورة جدا تقول "رأس المال جبان"، أي أنه لن يمكن لمستثمر أن يضخ أمواله في مكان غير آمن ولن يتمكن من إقامة مبنى أو مصنع في مكان وهو لايضمن أن تصل استثماراته أو حتى منتجاته بأمان، سواءً إلى الأسواق المحلية أو إلى أسواق التصدير، بمعنى أنه لايمكن لمستثمر أن ينشئ مصنعًا في منطقة صناعية لايضمن فيها نقل مستلزمات الإنتاج بأمان وسهولة وتكلفة معقولة إلى الأسواق، سواءً المحلية أو نقلها إلى موانئ التصدير، وحالة عدم وجود الأمن وهو مانسميه بحالة عدم اليقين، وفى ظل حالة عدم اليقين من الصعب جدا على أي مستثمر أن يتخذ قرارًا بالاستثمار، أضف إلى ذلك أن حتى دراسات الجدوى لن تكون حقيقية لأنها سوف تكون معرضة للمخاطر أو قطع طريق أو حتى قطع التيار الكهربائى أو وقف إمدادات الوقود أو حتى الإضرابات العمالية، كل هذه الأمور مرتبطة بالاستقرار والأمن.

*يتوقع خبراء الاقتصاد أن يساهم مجيء السيسي رئيسًا في تحقيق مزيد من المكاسب للبورصة خلال الأيام المقبلة ؟
مما لاشك فيه أن انتهاء الاستحقاق الثانى من خارطة المستقبل وقدوم السيسي رئيسًا، سوف يساهم في استقرار الوضع الأمني في البلاد، وهذا سيكون سببًا رئيسيًا في دفع عجلة الاستثمار في مصر، أما فيما يخص البورصة فإن هناك عددًا قليلًا من رجال الأعمال يتحكمون فيها وما تشهده من تراجع معدلات أوخسائر أو ارتفاعات، أغلبها خسائر لا تعبر عن مجتمع الأعمال أو الاستثمار بشكل حقيقى، فمضاربات البورصة أغلبها صفقات دفترية، بمعنى أنه عندما نقول إن البورصة خسرت 4%، فإننا نتحدث عن خسائر بنحو 20 مليار جنيه، وليس معنى ذلك أن هناك مصانع توقفت أو أفلس رجل أعمال، إنما المسألة أن الأسهم الخاصة لبعض الشركات بدأت تهوى فمن يمتلك هذه الأسهم لن يتخلى عنها، وإن تخلى سيحقق خسائر، وفى الغالب هذا لايحدث إلا قليلا، ولكن نقول إن هناك مشاكل لو أن بعض المنتجين أفلسوا أو أن بعض الصناعات توقفت عن العمل أو أن بعض الاستثمارات الأجنبية هاجرت من مصر وخرجت لدول أخرى، هذا ما أسميه بالكوارث الاقتصادية الكبرى، أما البورصة لو كنت قد تابعت المضاربات منذ عشرة أيام مرت، كنت تأكدت أنها هبطت في بعض الأيام 4% وخسرت من رأسمالها مايقرب من 19 مليار جنيه في أقل من ساعة، وفى اليوم التالى حققت مكاسب بأربعة مليارات جنيه؛ إذن نحن نتحدث هنا عن تغيير يومى وليس لدينا مؤشر منخفض باستمرار.

*ماهى أسباب الأزمة الاقتصادية التي واجهتها مصر خلال المرحلة الحالية؟ وماهى أبعادها على المستويين المحلى والعالمى؟
أعترف بأن مصر تعانى من أزمة اقتصادية، ولكن جزءًا من عجلة الإنتاج توقف بسبب الظروف الأخيرة التي مرت بها البلاد، ونحن بصدد الحديث عن انخفاض لايزيد عن 10% في مطلع العام 2013/2014 ولكن من يتابع الربع الأول من عام 2014 يتأكد أن هناك زيادة بنسبة 12% في الصادرات، وهذه الزيادة معناها أن هناك إنتاجًا وحركة، وأن سمعة مصر في الأسواق الخارجية مازالت جيدة وعلى المستوى الآخر لم تتوقف الحكومة عن سداد ديونها أو التزاماتها، والأزمة الاقتصادية في مصر بمعناها الحقيقى غير موجودة ولكن لدينا مشاكل مثل ارتفاع الأسعار والتضخم، وأراها أمورًا عادية ومقبولة في كثير من الحالات الاستثنائية للاقتصاد، وماحدث في مصر منذ فترة مؤقتة هو عدم وضوح الرؤية الاقتصادية وأسميه أزمة إدارة خلال الفترة الانتقالية وهذا معقول، فعندما كنا نتحدث عن إستراتيجيات التنمية الاقتصادية سواء خلال خطة استثمارية طويلة الأجل ومحاولات لإيجاد نوع من الاستقرار السياسي والأمني وخفض الأسعار والتضخم، هذا شىء مقبول ولايمكن أن يصنف على أنه أحد أشكال الأزمة الاقتصادية الموجودة في مصر، لكن بالتأكيد ارتفاع الأسعار أدى إلى وجود مشاكل على المستوى المحلى وهذا يعنى أن المواطن المصرى اضطر أن يدفع أكثر مما كان يدفع للحصول على بعض السلع والخدمات، وهذا أدى إلى ما رأيناه في الثلاثة شهور الأخيرة من اضطرابات عمالية للمطالبة بحصة من الأرباح، ولكن عندما جاءت حكومة المهندس إبراهيم محلب كان هناك حديث عن نوع من التواف، ولا أعتقد أن هناك أبعادًا للأزمة الاقتصادية في مصر على المستوى العالمى.

*هل لك أن تعرفنا معنى التحليل والتوقع الاقتصادى؟
التحليل والتوقع الاقتصادى عبارة عن قراءة للمؤشرات والشواهد الاقتصادية على مستوى البيانات، أوحتى قراءة لبعض التقارير التي تظهرها المؤسسات الإعلامية، حيث نحاول أن نستخلص منها بعض النتائج وبناءً على هذه القراءة التحليلية نحاول أن نتوقع ماذا يمكن أن يحدث في المستقبل، ولدينا بعض التنبؤات بعضها للمستقبل القريب، وهناك من يشارك في إعداد الخطط طويلة المدى. 

*هل هذا التوقع يتم بناءً على مؤشرات موجودة حاليًا؟
نعم، حيث نقوم بعمل بعض المعالجات سواء لبعض هذه النماذج على الاقتصاد والقياس أو حتى قراءة تحليلية عادية، ونقوم من خلالها بتقديم بعض التوصيات لمتخذى القرار بما يمكن أن يتم مستقبلا أو حتى ببعض التوصيات التي يمكن أن تساهم في عدم حدوث أزمات.
الجريدة الرسمية