مصر كانت فين.. وبقت فين!
هي مصر كانت تايهة، ولا كانوا متوهينها.. ! هي كانت رايحة للسقوط، ولا كانوا مروحينها.. ! هي كانت غايبة، ولا كانوا مغيبينها ! مصر كانت فين ؟ وعشان نعرف هي كانت فين.. كان لازم نعيش يوم الأحد 8 يونيو 2014 من الصباح وحتى المساء.. كان لازم نشوف المحكمة الدستورية في أبهي صورة لها وهي تطرد الصورة الكريهة التي سجلتها الجماعة الإرهابية عندما حاصرتها وداست على القانون وعطلتها عن العمل، وكان لازم نشوف قضاتها الأجلاء في ملابسهم المهيبة ونسمع منهم كلمات بليغة جامعة مانعة..تنساب منها حكمة الأجداد وتمتد بعمقها إلى التاريخ السحيق حيث كان القانون الأول في عمر الإنسانية على ضفاف النيل، وليس صدفة أن يقع المبني بطرازه الفرعوني على ضفاف النهر الخالد ليقول للعالم..أنا القانون في أقدم دولة كانت فجر الضمير للإنسانية. وكان لازم نشوف رئيسا يحلف اليمين الدستورية بكل عزة ووقار في مشهد مهيب على الهواء حتى تتلاشي صورة رئيس عضو في جماعة إرهابية لا تعرف قانونا غير قانون مكتب إرشادها كان يصر على عدم حلف اليمين أمام المحكمة الدستورية على الهواء مباشرة حتى لا يلتزم بالدستور والقانون لذلك حاصرها وشوه صورتها وحول محيطها إلى اصطبل !
وكان لازم نشوف قصر الاتحادية من الداخل على الطبيعة فكما هو قصر للحكم.. هو قصر للشعب خصوصا بعد أن شاهدنا صورا للمعزول وعصابته وهم يفترشون أرض قاعاته الفسيحة ويضعون (صواني) عليها ما لذ وطاب من الطعام ويتحلقون في حلقات وهم يجلسون القرفصاء بجلاليبهم وذقونهم وبأيديهم ينكبون عليه وكأنهم يأكلون آخر زاد لهم على الدنيا !! صور شاهدها القاصي والداني عبرت عن عودة إلى الخلف وخروج من دوائر التحضر والرقي !!
كان لازم نشوف مصر الجديدة.. كان لازم نشوف الديناصور وهو يتحرك.. كان لازم نشوف الانضباط والبروتوكول.. كان لازم نشوف حضور عربي وأفريقي غاب كثيرا عن هذا القصر.. كان لازم نشوف رئيسا انتهت ولايته منذ أقل من ساعة وهو يستقبل ضيوف مصر من كل أصقاع الأرض بمستويات مختلفة بشوشا ضحوكا يعبر عن وجه مصر الحقيقي.. كان لازم نشوف مشهدا لم نره من قبل.. رئيس محترم راق يسلم الأمانة بروح مطمئنة إلى رئيس محترم جاء بإرادة شعبية كاسحة خالصة ليس فيها شائبة.. كان لازم نشوف رئيسا جديدا جاء من رحم ثورة 30 يونيو يستعرض حرس الشرف الذي غابت صورته عن عيوننا كثيرا..
كان لازم نسمع من الرئيس أنه رئيس لكل المصريين.. لم يخاطب أهله وعشيرته وسائقي التوك توك (مع احترامي لهم جميعا) لكنه في جمع عربي وإقليمي ودولي خاطب كل المصريين ولم يقص أحدا إلا من قتل وخرب وحرق وروع وتلوثت يديه بالدماء.
وكان لازم نشوف قصر القبة ونتجول في التاريخ ونري بهاء الصورة ونري مصر العظيمة التي غيبها حكم الجماعة في عام أسود انطلقت فيه كل خفافيش الظلام، وتجمعت فيه كل عناصر الهدم، وتكتلت فيه كل قوي الشر والعدوان لتنقض على مصر تمتص دماءها وتنهش جسدها الطاهر!!
كان لازم نشوف للمرة الثالثة في يوم واحد رئيس منتخب يرسي قواعد الاحترام وتوقير الكبار والاعتراف بالجميل وتقدير من يقدمون للوطن عطاء بلا حدود.. كان لازم نشوف للمرة الأولى في تاريخ مصر رئيس يقلد رئيس أرفع وسام في الدولة وهو على قيد الحياة.. كان لازم نشوف رئيسا سابقا يوصي رئيس جديد بمصر وشعبها خيرا، ويدله على طريق الخير والصواب.
وكان لازم نسمع الرئيس في أول خطاب مطول يحدد فيه رؤيته لمستقبل هذا الوطن ويحدد فيه ملامح العمل الوطني.. كان لازم نشوف رئيسا مستقلا لا يخاف ولا يهاب إلا الله وإرادة الشعب المصري.. رئيس يعيد لمقام الرئاسة هيبته ووقاره بعد أن ضيعهما مرسي في سنة واحدة.. رئيس يقول لن أسمح بدولة موازية داخل الدولة.. ولن تكون هناك غير قيادة واحدة لأنه رئيس لكل المصريين لا ينتظر قرارا من جماعة أو تنظيم دولي !!
كان لازم نشوف مصر بعد فك أسرها وبعد أن عادت لتشع من جديد، لأنه بالفعل كان هناك من غيبوها ومن توهوها !! حمدا لله على سلامتك يا مصر.
