مش إخوان.. بس بيندس لهم!
جلست في ساعة حظ لأشاهد فيلم "المُندس" الذي أنتجته قناة الجزيرة مباشر إخوان مصر، لا لشيء إلا بسبب ما سمعته عن شهرة لذلك الفيلم بين أوساط الإخوان الأصلى، والإخوان التايوانى والصينى اللى هُما مش إخوان بس بيحترموهم، ومش إخوان بس بيساندوهم، ومش إخوان بس بيتظاهرولهم ويكتبولهم ع الحيطان، وكُل ما شابه من الناس اللى مش بتحب الإخوان بس بتدعم قال إيه الشرعية ضد قال إيه (والنبى ما تضحك) الانقلاب، وبمناسبة الانقلاب، أرجوك تنسى الفيلم الهندى إياه اللى من عشرتلاف جزء بتاع (الانقلاب بيترنح) و(السيسي اتقتل ميت مرَّة) و(الجيش المصرى انشق) وما شابه من هذا الكلام الفارغ الذي تضحك به الجزيرة وقيادات الإخوان على عقول البلهاء من الأصليين واللى بيحترموهم وخلافه!
وعندما فكرت فى الكتابة عن الفيلم، وإبداء بعض المُلاحظات على بطله الوحيد السوبر مان، والذي قام بأداء كُل الأدوار فيه، بدايةً من التصوير للتحليل للتمويل للتعليل للاندساس، ليتغلَّب ماديًا ومعنويًا على أفلام نجمة الجماهير (نادية الجندى) التي لم تكن تترك مشهدًا في أفلامها لمُمثل أو مُمثلة سواها، فتقوم بالطبخ والقتل والإغراء والرقص ومسح السلالم كُل ده في فيلم واحد.
تمام زى ما عمل بطل فيلم المُندس، وقالت لى نفسى الأمَّارة بالسوء: إنت كدة بتعمل دعاية للفيلم، والحقيقة إن الفيلم مش ناقص دعاية، فناس كتيرة شاهدته فعلًا، ومعظمهم تأكد إن العالم دى هِبل، وحتى الكذبة مش عارفين يكذبوها زى الناس، والحقيقة الثانية هي أنى أنصح كُل مَن لم يُشاهده بألا يفعل مثلى ويضيع ساعة من وقته هباءً، لمُشاهدة بعض الهُراء عديم القيمة، والذي ظل صاحبه يهرى وينكُت لمُدة ساعة تقريبًا وبلا حتى حبكة درامية أو خدعة معقولة (أو كذبة مُقنعة على طريقة: كذب مُنسق ولا صدق منعكش) أو تمثيل جيد، وفقط يرغب بطل الفيلم ومخرجه ومصوره ومؤلفه (اللى هو شخص واحد اسمه مُهند) في إثبات ثلاثة أمور فحسب!
الأمر الأول الذي رغب مؤلف الفيلم في إثباته، هو إن فيه حاجة اسمها فلول ومؤيدين لـ(مبارك) ونظامه وأيامه، وهذا شيء لا يحتاج لأى إثبات أو مجهود؛ فصاحبنا هنا يفسر الماء بالماء، يعنى بيجيب كوباية ميّة ويقول لك اللى فيها ده ماء.. ماء.. ماء، فكما كان لعصر (مبارك) مستفيدين راغبين في الدفاع عنه، من أجل مصالحهم وفسادهم الذي استشرى أيامها، كان لعصر (مرسي) مُستفيدين راغبين في استمراره هو وجماعته، وإلا فماذا عن الإرهاب والتفجيرات وخلافه مما شاهدناه بعد خلعه؟ إذن لا جديد هُنا، وكُل نظام فاسد أو فاشل أو متآمر سيجد مَن يدافع عنه حتمًا (مهما اختفلت طرق الدفاع)، باختصار لا جديد أبدًا في إنك تقعد تعمل فيلم طويل عريض علشان تثبت إن نظام (مبارك) كان له فلول وأتباع ومستفيدون، وإنت لسَّة فاكر نفسك بتجيب التايهة، بينما لا زلت حضرتك تقوم باجتهاد مبالغ فيه بتفسير الماء بالماء.. ونازل ماء ماء ماء!
الأمر الثانى، هو أن بطل الفيلم اللى هو مؤلفه أصلًا حاول جاهدًا أن يثبت لنا إنه مش إخوان، لكنه بيحترم الشرعية، ومثل هذا الهُراء، ومن كُتر حرصه على ذلك، قال إيه كان خايف يمنح "الداتا" التي قام بتجميعها لمسئولى الإخوان في قصر الاتحادية، خوفًا من إنهم ياخدوها ويقولوا مخدناش على حَد قوله، ولا أعلم لماذا لم يظهر مؤثر صوتى في الخلفية في هذه اللحظة بأغنية (أديك تقول مخدتش)، وكأن هذه "الداتا" لا يُمكن أن تكون نسخة، يحتفظ هو ـ صاحبها ـ بالأصل بتاعها، لأ وكمان حاول يحذرهم إن فيه محاولات لانقلاب عسكري، أو لعودة نظام (مبارك) لكنهم لم يستجيبوا له، وكمان قالوله (والدليل قالوله) في البداية إن القصر متراقب ـ يا عينى ـ وهذا دليل على إن محدش بيتعاون مع (مرسي) من الدولة العميقة (مقالش الدولة العميقة بصراحة لكن الشماعة معروفة)، وبعدين رجعوا تانى يوم قالوله طيب تعالى القصر، كأنهم اكتشفوا يعنى إن المراقبة اترفعت، أو إن المُخبر اللى كان واقف بيراقب القصر خد أجازة عارضة علشان مراته بتولد واللا حاجة!
ثالث الأمور كانت في أن أخونا (هيتشكوك) يرغب في ترسيخ المصطلح الأهبل بتاع (الانقلاب العسكري)، وقد قام بطبعه على كُل لقطات الفيديو، وسرده وهات يا إعادة ولت وعجن طول الوقت، من أجل تأصيل الفكرة، وهى أن ثورة يونيو التي أطاحت بأسياده، كانت انقلابًا عسكريًا مُدبرًا من زمان، يمكن من قبل ثورة 1952 ذات نفسها كمان، مين يعرف؟!
أخونا البطل المؤلف الموسيقار المصوِّر الذي تحوَّل لمؤسسة كاملة، تقول لمترو جولدن ماير قوم وأنا أقعد مطرحك، الباشا المُندس قام بالتصوير والمونتاج والتحميض والطبع وتهريب الكاميرات السرية واستعمالها داخل قصر الرئاسة، مع الإجادة التامة لاستخدامات الكمبيوتر والكاميرات وبرامج التحليل والتشخيص والأشعة المرئية وأشعة المرحوم (رونتجن)، كان يُجيد أيضًا (حسب شهادته نفسها) التنكر في شكل بائع غزل البنات والزبال والسلفى، وتقريبًا اتنكر في هيئة اتنين إخوات توءم في لقطة واحدة أو ده في الجزء التانى من الفيلم، وكان ناقص يقول لنا إنه بيجيد قيادة كُل أنواع المركبات، بداية من مركبات الفضاء والغواصات لحد طائرات الرَش والتكاتك، يعنى من الآخر (أدهم صبرى) يقعد في البيت لما يتقارن بالأخ (مهند) بطل الفيلم وصانعه وضيفه الوحيد!
والغريب أن البطل الهُمام، الذي عمل حساب كل حاجة في الفعل المضارع، وكمان قرأ كافة الأفعال المستقبلية، وتنبأ بـ(الانقلاب والنبى ما تضحك)، عمل غلطة في منتهى العبط، لما قال إيه صوَّر رجالة الشرطة وهما بيضربوا الناس بالرشاشات أيام السفارة الإسرائيلية، وبعدين وقف يزعق ويقول: صورتهم صورتهم.. قام اتنين منهم خدوا منه الكاميرا وسابوه.. دى شُرطة رحيمة فعلًا اللى اكتفت بأنها تاخد الكاميرا وتسيب الراجل من غير حتى ما حد فيهم يفكر يديله منابه من الرشاشات المفتوحة على البحرى، ولا تسأل نفسك أبدًا، راحت فين المهارات والخبرات والاحتياطات العالمية بتاعة أخونا (مُهند) في اللقطة دى بالذات، خاصةً وهو يستعين بصور كارتونية بديلة للصور اللى أخدتها الشرطة وسابته في حاله، يمكن بسبب خوفهم من قوته البدنية ونبوغه العقلى وكمان قدراته التنكرية الفائقة، أو حتى فلسفته البارعة وهو لا يزال حتى بعد انتهاء الفيلم يُفسر الماء بالماء.. ماء ماء ماء.. وفى الآخر يقول لك: أنا مش إخوان!