رئيس التحرير
عصام كامل

"الحرية والإسلام"


بعد خمسة عشر عامًا قضيتها فى فرنسا خارج مصر بلدى الحبيب وجدت أنه من واجبى أن أنقل بعض الأفكار والآراء الغربية التى تتفق وديننا وتقالدينا كشرقيين خاصة بعد قيام ثورة 25 يناير التى تفجرت لنبدأ عهداً جديداً من الديمقراطية .


الحرية والعدل والمساواة هم أساس تحضر أى دولة متقدمة أو أى دولة تريد أن تتقدم حيث ينخرط فيها المواطن كفرد فى المجتمع له حقوق وعليه واجبات وصوته له قيمة ويؤخذ فى الاعتبار وهذا هو أساس الشعور بالانتماء .

والحقيقة أن كثيراً من المصريين بالخارج الآن أصبحوا يشعرون وكأن هناك فجوة بينهم وبين المصريين بالداخل ...فجوة فى التعامل وفجوة فى أسلوب الحوار والنقاش وليس هذا بسبب الغربة بقدر ما هو بسبب ذلك التغيير الذى طرأ على الشخصية المصرية فى السنوات الأخيرة فى غفلة منا فتحولت إلى استخدام السخرية اللاذعة للتعبير عن الرأى التى تصل إلى حد التطاول أحيانًا وتراشق اتهامات وهجوم مبالغ فيه لمجرد اختلاف فى وجهات النظر ....وهنا أتساءل عن مفهوم الحرية لديهم...وعن ثقافة الاختلاف المنعدمة فى مصر....وعن السبب الحقيقى فى تدهور الحوار إلى هذا المستوى ..

الحرية ليست فقط أن تعبر عن رأيك ولكن أن تحترم أيضًا آراء الآخرين أيًا كانت حتى وإن كانوا على باطل من وجهة نظرك ....إن الحوار يكون حوارًا إذا كان بين اثنين مختلفين وهذا الاختلاف يكشف أحيانًا زاويا غائبة للطرفين فيحقق هدفه الأساسى وهو تبادل الآراء والمعلومات التى تعود بالمنفعة على المتحاورين، وليست حربًا لابد أن ينتصر فيها طرف على الآخر ...أصبح اختلاف وجهات النظر فى مصر يفسد للود كل قضية وكأننا لسنا شركاء وطن وكأننا لسنا فى مركب واحد .

وأتخيل الحرية فى مصر وكأنها مارد ظل مسجونًا عشرات السنوات وخرج للحياة فجأه فراح يتخبط فى كل اتجاه .... والحرية المطلقة وهم لن يطول بالناس الأمد ليفهموا أنه غير موجود ولا أعلم أضع مسئولية كل هذا على من بالضبط ؟ ولكنى أرى أن دور رجال الدين فى مصر انحسر فى المواعظ والنصائح المباشرة ولم يساعدوا الناس على تطبيق الدين بشكل عملى على الحياة .

ولعل البلاد الأوروبية طبقت بعض تعاليم الإسلام العملية على أرض الواقع بالفطرة فى الوقت الذى أهملنا نحن فيه هذه التعاليم حيث ركزنا على العبادات والمظهر الدينى ونسينا أو تناسينا أن الدين عمل ولا أرى إلا قلة قليلة لديها استعداد للعمل والدين معاملة ولا أرى فى مصر معاملة تناسب عظمة الإسلام .

حين نتحدث عن الإسلام فلنتحدث عن الأخلاق لأن الأخلاق هى من ستجعل للعبادات خشوعاً وطاعة وخوفاً من الله والإيمان إن لم يطبقه العمل كيف يكون إيمانًا ...الإيمان إن لم تعبر عنه عفة اللسان..كيف يكون إيمانًا؟ ... كيف تهدى شخصاً للإسلام مستخدمًا أسوأ الألفاظ .....حين نركز فى تعليم أبنائنا الدين بشكل ظاهرى ونتجاهل جوهر الدين ونتجاهل روح الدين نحن نرتكب فى حقهم وفى حق الإسلام أكبر جريمة ..لأن الإسلام أخلاق قبل كل شىء .
 
وللحديث بقية .

الجريدة الرسمية