ولكم في مقاطعة السلفيين حياة!
من حسن حظ الرئيس الجديد أن السلفيين قاطعوا الانتخابات؛ فتحقق له ما قال عندما ردد على الملأ: «ليس في عنقي فواتير لأحد» ومن حسن طالعه أيضا أن جماعة الإخوان قاطعت، ومن مفاخره التي يجب عليه أن يرددها أن قيادات الحزب الوطنى لم تقاطع الانتخابات فحسب، وإنما أرادت حصار المشير فيما عبر عنه أحدهم بقوله: قرصة ودن.. وقرصة الأذن التي أرادت «جحافل» الحزب الوطنى ورجال أعماله إنما جاءت لتصب في صالح الرئيس؛ ليصبح حر الحركة دون قيد شركاء أرادوا له أن يكون تابعا لا متبوعا.
وميزة المقاطعة التي مارستها الكيانات الثلاثة، أنها لم تؤثر في أعداد الناخبين؛ ليعرف كل تيار حجمه الطبيعى؛ ويصبح الرئيس مستقلا بلا أعباء أو فواتير تفرض عليه، ويكون الالتزام بها انتقاصا من حريته، وانتهازية سياسية تضحي بمشروعه الحالم لبلد مستقل، وقادر على الوفاء بالتزاماته تجاه مواطنيه.
صحيح ليس كل إخواني شيطانا، وليس كل سلفى منافقا، وليس كل منتم للحزب الوطنى فاسدا غير أن عدم مشاركة الأطياف الثلاثة في الانتخابات الأخيرة، كان بمثابة التصويت النقي، أو المشاركة الحقيقية لمواطنين لم يساقوا في التكاتك، ولم يمنحوا بضعة جنيهات للمشاركة، ولم يحصلوا على كرتونة زيت وسكر؛ لكى يكونوا مواطنين صالحين؛ فكانت الملايين العشرين التي حصل عليها عبد الفتاح السيسي صافية.. اختارت عن قناعة من تصورت أنه بطلها ومحقق حلمها.
وميزة المقاطعة السلفية أنها أفقدت حزب النور أهم مصادر قوته، فلم يعد من المنطقى أن يجالس ياسر برهامى من يجالسون السلطة للتفاوض؛ فالرجل قال كلاما لم تلتزم به قواعده الحزبية، فأفقدته أهم مصادر قوته، إذ لم يعد من المنطقى أن يتفاوض باسم قواعد لا تعترف به من الأساس، ولا تلتزم بما قرره حزبه، وقد يتفق ذلك مع رواية تاريخية في إحدى الدول العربية، عندما طلب حاكمها من قبيلتين في دولة مجاورة تسليم كشف بأهم خمسين شخصية في كل قبيلة، لدعمهم بالمال؛ فأرسلت القبيلة الأولى كشفا بخمسين اسما، في حين أرسلت القبيلة الثانية كشفا ليس فيه إلا اسم كبير القبيلة، فلم يكن من الدولة الداعمة إلا أن تعاملت مع القبيلة التي أرسلت اسما واحدا، لأنها استوعبت ما أرادت القبيلة تأكيده، بينما لم تتعامل مع قبيلة لا ترى أن لها قائدا وحيدا.. هكذا الحال بالنسبة للسلفيين.. لماذا نتعامل مع حزب ليس له رئيس ولا يعترف بقيادة واحدة، ولا يمتلك قرارا نافذا بين قومه؟!!