رئيس التحرير
عصام كامل

أن يرى الرئيس ويتأمل!


أريد أن أجمل ما هو مطلوب من الرئيس عبد الفتاح السيسي في جملة قصيرة وهي "أن يرى ويتأمل وحده".. يرى ما جرى في مصر منذ ثورة 25 يناير.. وهل فعلا تحققت أهداف الثورة.. وماذا حدث بعدها؟.. سيرى أنها لم تتحقق، والذي جرى أنها سرقت وأن كل شيء حولها عاد ليكون ضدها وضد شعاراتها، وعاد بها إلى العالم القديم- عالم نظام حسني مبارك- إذًا الاستمرار في هذا الطريق يعني العداء مع الثورة، وطريق الثورة سهل جدا، ومحاولة العودة عنه لن تنجح، ولقد قال هو في أكثر من حديث "ما أنا لازم أعمل اللي الناس عايزاه وإلا يطلعوا الميادين تاني"، والناس تريد الكثير بعضه يمكن تحقيقه بسرعة وبعضه يحتاج وقتا.. 

والمطلوب لابد أن يكون جذريا وليش شكليا.. وأول ما هو مطلوب حقنا للدماء القادمة وفتحا لطريق حقيقي للديمقراطية هو إلغاء قانون التظاهر وما ترتب عليه من آثار.. لقد كان هذا القانون أحد أسباب الاحتقان الكبيرة في المجتمع لأنه ارتكب جنايتين: 

الأولى هي وضع وزارة الداخلية من جديد في مواجهة الشعب، لأنه قانون أعطاها الحق في الموافقة على المظاهرة من عدمه.. وقانون حملت مواده الكثير مما يعني عدم تحقق المظاهرة أصلا، وعلى رأس هذه المواد مادة مضحكة تقول "أن يذكر المتظاهرون في طلب المظاهرة الشعارات التي ستقال".. 

للأسف وجد هذا القانون عشرات من قاصري النظر يقولون إن هذا يحدث في العالم.. والذي يحدث في العالم شيء واحد فقط هو الإخطار دون انتظار للرد، ويكون من حق الداخلية أن ترجئ المظاهرة فقط إلى يوم آخر لأسباب تخبر بها المتظاهرين.. هذا القانون جعل مجهود وزارة الداخلية كله يعود ليكون في خدمة السياسة وعملها الوحيد الذي سيعيد الثقة بينها وبين الثورة، هو أن تكون فقط في خدمة الأمن العام.. مظاهرة سلمية لا تحتاج أكثر من أفراد أمن يراقبونها ويحمونها أيضا، أما المظاهرة الممنوعة فتحتاج إلى سيارات وقنابل ومدرعات.. 

وفي يوم مثل الجمعة وعلى مدى عام تقريبا الآن أنفقت الداخلية مئات الملايين من القنابل والعتاد، بل وفي مثل هذه الحالات لا يتم القبض على من خالف القانون فقط ولكن كثيرا جدا ممن يتم القبض عليهم يكونون أبرياء، خرجوا في تظاهر سلمي وربما لم يخرجوا وألقى بهم حظهم العاثر في طريق المظاهرة.. الإحصاءات تقول إن خمسة وخمسين ألف معتقل أو مقبوض عليه تحت ذمة قضايا العنف أو استخدامه بسبب قانون التظاهر.. 

هل هذا العدد حقا من الإرهابيين، لو كان كذلك لاستولوا على البلاد.. إذًا لير الرئيس الجديد عبد الفتاح السيسي إلى أين أخذ القانون البلاد والناس، ولير الرئيس عبد الفتاح السيسي كيف صارت وزارة الداخلية في مواجهة الناس أكثر من مواجهة الإرهاب الحقيقي.. إبعاد وزارة الداخلية عن السياسة هو الطريق الصحيح للديمقراطية، هل صعب أن يرى ذلك الرئيس عبد الفتاح السيسي ويتأمله ويأخذ قراره قبل مجلس الشعب؟.. لو فعل ذلك أيضا لابد أن يكون ضمن رؤية وليس شيئا يداعب به أرواح الناس ثم يفعل كل ما يخالفه بعد ذلك كما فعل مبارك والسادات.. فكلاهما فتح السجون للمعتقلين ثم أغلقها على الوطن كله.. ونهايتهما لا تنسى.
ibrahimabdelmeguid@hotmail.com 
الجريدة الرسمية