الشعوب العربية تلفظ الإخوان والفضل لثورة ٣٠ يونيو.. حفتر اقتدى بالسيسي ويأمل في دعمه على طريقة "ناصر للقذافي".. الجزائريون ردوا بإعادة انتخاب بوتفليقة.. تونس تراقب نجاح السيسي في رئاسة مصر
خرج الشعب المصري في ثورة ٣٠ يونيو، لإسقاط نظام الإخوان بعد سنة من حكم جماعة حاولت الاستئثار بالمشهد السياسي، ليس في مصر فقط، ولكن في الوطن العربي بشكل عام، ودول ما اصطلح عليه بالربيع العربي على وجه الخصوص.
ويعتبر انتصار إرادة المصريين على جماعة الإخوان وإقصائهم من المشهد كان بداية لتقليص حجم وجودهم في المشهد العربي عامة، وإرباك تواجدهم في المنطقة العربية.
وإذا كانت ثورات الربيع العربي التي بدأت في تونس، انتشرت كالعدوى بين الدول العربية، لا سيما بعد نجاح الثورة في مصر، فإن ثورة الشعب المصري الثانية، في ٣٠ يونيو مرشحة لانتشار تأثيرها على مجمل الدول العربية، وخاصة بعد نجاح المشير عبدالفتاح السيسي بالرئاسة، وعدم دخول مصر في الفوضى التي منيت بها أغلب دول الربيع العربي التي تصدر فيها الإخوان المشهد.
ووجه المصريون ضربة قاسمة للتنظيم الدولي في مقر قيادته، ومهد ولادته، وما أن ظهرت حالة النجاح حتى بدأت محاولات التشبه بمصر، عبر محاولات إقصاء تأثير الجماعة على الوضع الليبي الراهن، وهو ما حاول اللواء خليفة حفتر القيادي العسكري المتقاعد تنفيذه عبر عملية الكرامة.
ويأمل حفتر عبر عملية الكرامة القضاء على تأثير وسيطرة الإخوان على الوضع في ليبيا، وعملهم على جر البلاد إلى حالة من الفوضى، وفقاً لما يذهب إليه المحللون، وتيارات في الداخل الليبي التي اعتبرت العملية العسكرية التي يقودها حفتر اتجاه في مسار بناء الدولة، وتوحيد صفوف الجيش في وجه المليشيات.
ويعتبر المشهد الليبي، اقتضاء بالمشهد المصري قريب الشبه من الوضع في أعقاب ثورة يوليو 1952، وعلى ما يبدو أن حفتر يطمح إلى دعم من المشير السيسي، على غرار الحالة التي جرت قبل عدة عقود من دعم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، للعقيد معمر القذافي آنذاك، ومساعدته في ثورته.
مشهد وإن اختلفت المحددات المرافقة له إلا أنه قريب الشبه من بعضه، ولا يقف الأمر عند ليبيا فحسب فالجميع ينظر إلى مصر بعين الترقب في انتظار ما سيقوم به الرئيس السيسي بعد تنصيبه، ومدى نجاحه في إدارة مصر من عدمه.
الجزائر ورفضها للتغيير
ثورة ٣٠ يونيو غيرت المشهد العربي كاملاً، وحولت المسار من تحول عربي نحو الأخونة، بدعم قوي من جانب الولايات المتحدة، التي كانت تعمل على تجييش منطقة الشرق الأوسط، تحت لواء جماعة واحدة، لتستطيع أن تتعامل مع شخص واحد في إدارة المنطقة (المرشد) إلى حالة من الخوف والعودة للوراء حينا، وهو ما بقى واضحاً في الحالة الجزائرية.
ويمكن القول إن الفوز الساحق للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، في الانتخابات التي عقدت قبل شهرين، بعد تأكيد من جانبه بعدم ترشحه عقب احتجاجات تزامنت مع رياح الربيع العربي، توضح مدى تخوف الشعب الجزائري من التغيير في الوقت الراهن.
كما أن الشعب الجزائري يتابع الأزمات العربية، والحكومات الجديدة التي جاءت بعد ثورات، ولم تنجح في تحقيق مطالب الشعوب، بل ذهبت في طريق لا يختلف عن الأنظمة السابقة له، أضف إلى ذلك حالة الفوضى التي أضحت تعيشها هذه الشعوب.
الجزائريون كانت لهم ذكريات أليمة مع التيارات الإسلامية، جعلتهم ينظرون بترقب لكل الخطوات التي يقومون بها، حتى أنهم لم ينساقوا في طريق الثورة، بمجرد أن رد الرئيس بوتفليقة على احتجاجات جرت، ببعض الإصلاحات، وإعلان عدم نيته للترشح في الانتخابات القادمة، الأمر الذي تغير فيما بعد.
وبرغم أن ذلك لاقى اعتراضا كبيرا من المعارضة الجزائرية، إلا أن إقبال الجزائريين على إعادة انتخاب بوتفليقة كان بمثابة محرك جديد يؤكد أنهم بذلك يرفضون التيار الإسلامي من جانب، ويرفضون أيضًا أي بديل ضعيف لبوتفليقة.
سوريا مشهد ملتبس
وإذا كان انتخاب بوتفليقة أبعد المشهد الجزائري عن سلطة تيار الإسلام السياسي، فإن انتخاب "بشار الأسد" ترك سوريا في حالة التباس أكبر، بلا أي أمل لحل سياسي للأزمة الدائرة هناك.
حالة سوريا تختلف عن أي حالة عربية أخرى في المنطقة من كافة الجوانب، إلا أن هناك اتفاقًا على أن إخوان سوريا أيضًا غابوا عن المشهد بشكل واضح، فبعد أن كان تيار الإخوان وحلفاءهم هو المتحكم في مشهد المعارضة، عبر التمثيل الكبير في المجلس الوطني السوري، الذي كان أبرز كيانات المعارضة السورية، قبل تدشين الائتلاف الوطني، أفل نجمهم عن الظهور بشكل علني على الساحة.
ويأتي ذلك في ظل الرفض الكبير للإخوان، وحالة الاتهام التي بدأت توجه إلى كل ما هو إخواني، ومسألة الرفض لهم من بعض دول الخليج الداعمة للثورة في سوريا ولا سيما المملكة السعودية، والإمارات.
ليس هذا وحده كان سببا في غياب الإخوان عن تصدر المشهد في سوريا، ضمن فصائل المعارضة فحسب، ولكن بسبب التيارات الإسلامية التي تقاتل في سوريا، وفي مقدمتها جبهة النصرة التي أعلنت تبعيتها الصريحة للقاعدة، وهو الأمر الذي غير الوضع في الساحة السورية، حتى فيما يتعلق بتقديم الدعم العسكري للمعارضة من تجمع أصدقاء سوريا.
انتخاب بشار الأسد، وبرغم ما يذهب إليه محسوبون على التيار القومي، العروبي بأنه انتصار له، إلا أنه لن يؤثر في شيء على الأرض فمازالت الحرب مستمرة، ومازال الموقف العربي ممثلا في الجامعة العربية يرى الأسد يعمل ضد سوريا ويعتبر الائتلاف الوطني السوري ممثلا للشعب السوري.
تونس وانتظار لموقف السيسي
وإلى مفجرة الشرارة الأولى لثورات الربيع العربي " تونس" وثورة الياسمين، التي وكما الحال في مجمل دول العربية العربي، انقض عليها الإخوان، ليصبح حزب النهضة هو المهيمن على الأوضاع في المشهد السياسي برغم حالة الرفض والحنق الكبيرة في الشارع.
ويرى محللون أن تونس الآن تترقب وتتابع المشهد المصري، وتحلل كل كبيرة وصغيرة فيه انتظارا لما سيحققه الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسي.
وبالتأكيد فإن نجاح السيسي في إدارة شئون مصر سيؤدي بتونس إلى ثورة على النهضة، لتلفظ هي الأخرى الإخوان، لاسيما أن هناك تزمرًا كبيرًا في تونس، خاصة مع ما جرى من عمليات اغتيال لرموز سياسية كان أبرزهم المناضل الراحل شكري بلعيد.
وسيكون نجاح المشير السيسي في إدارة مصر مشجع قوي لتونس للتحرك تجاه "النهضة"، وقد يخرج الجيش التونسي هو الآخر من ثباته ليغير المعادلة في تونس.