التقدير والتبجيل لسيادة المستشار الجليل
شهدت مصر يوم أمس عزفا فريدا لملحمة الوطنية والفرحة الحقيقية، بمشاركة الملايين في جميع الميادين بطول البلاد وعرضها، ابتهاجا بإعلان فوز المشير عبد الفتاح السيسي برئاسة الجمهورية.. وهي أبلغ رد على من تسول له نفسه التشكيك في نزاهة الانتخابات الرئاسية أو الترويج لضعف الإقبال.
وقبل أن نبدأ عهدا جديدا تحت قيادة "منقذ مصر" الرئيس عبد الفتاح السيسي، لابد من وقفة احترام وتبجيل وشكر وتقدير إلى الرئيس السابق سيادة المستشار عدلي منصور، فهو القاضي الجليل الذي عمل كثيرا وتكلم قليلا، واصل الليل بالنهار من أجل رفعة مصر ونصرة شعبها، ومنذ أن وافق على "حمل الأمانة" في وقت عصيب، وجدناه يضحى بحياته ويتجاهل تهديدات الجماعة الإرهابية بإعدامه على رءوس الأشهاد، وواجه منصور الكثير من المشاق والمشكلات بإرادة صلبة وإصرار، ولم يتردد أو يتوانى في إنجاز خارطة الطريق في مواعيدها المحددة سلفا بعزم وحزم ونزاهة متناهية، ليثبت للعالم كله الالتزام المصري والرغبة في التحول نحو مستقبل اختاره الشعب بإرادته الحرة.
بعد أيام من تولي المستشار منصور رئاسة مصر، وحين كان العالم يترقب أداءه وكيفية إدارته شئون "أم الدنيا"، إذا به يستقبل مؤسسي وقادة حركة "6 أبريل"، يومها صدمت كما الملايين غيري وقلت في نفسي "الكتاب يبان من عنوانه"، وإن لم يكن رئيسنا مدركا أبعاد الدور العميل الذي لعبه هؤلاء في خراب ودمار مصر، فهي المصيبة بعينها!!.
لم تمض سوى أيام قليلة وتوالت المواقف والقرارات فشعرت معها بعظمة ونبل أخلاق الرئيس منصور، ووجدت أنه يمثل حالة فريدة بين حكام مصر. إذ لم يسع إلى الرئاسة بل هي التي سعت إليه من دون أن يشارك في ثورة أو انتخابات بل تولى الرئاسة بنص الدستور، والمفارقة أنه أدى اليمين مرتين في دقائق معدودة، فقد أقسم اليمين رئيسا للمحكمة الدستورية، وبعدها مباشرة أقسم اليمين مرة أخرى رئيسا للجمهورية. وهو أيضا الرئيس المصري الوحيد الذي رفض أن يتقاضى راتبا أو امتيازات رئاسية لقاء توليه أعلى منصب في الدولة، وهذه الأخلاق الرفيعة أورثها لأسرته وأبنائه، فلم نعرف منهم أحدا ولم نر صورة أيا منهم، ولم يطل أحدهم في الإعلام، حتى إن أحمد عدلي منصور نجل الرئيس، رفض إنهاء إجراءات وصوله من الخارج في قاعة كبار الزوار، وخرج من الصالة العادية كحال عامة المصريين، رغم أن المرور من صالة كبار الزوار هو حق يكفله له القانون باعتباره نجل رئيس الجمهورية.
تضاعف احترام العالم للرئيس منصور حين بادر بزيارة الكاتدرائية المرقسية بالعباسية لتقديم التهنئة بعيد الميلاد المجيد لقداسة البابا تواضروس الثاني وهي سابقة أولى في تاريخ رئاسة الجمهورية. ولا ينتهي تفرد الرئيس عدلي منصور، الذي يشع وجهه بهيبة ووقار القضاة، فهو أيضا أول رئيس في تاريخ مصر ينتخب رئيس آخر، كما أنه أول رئيس يدعو ملوك ورؤساء وقادة العالم إلى حفل غير مسبوق ليشهدوا على تسليمه مقاليد الحكم إلى رئيس آخر، جاء بانتخاب حر شفاف ونزيه يؤسس لعهد جديد من تداول السلطة في مصر.
سيذكر التاريخ أن المستشار عدلي منصور كان جديرا برئاسة مصر وأهلا لها، فهو لم يدخر جهدا وبذل ما في وسعه لإنجاز أهم مراحل خارطة الطريق، ونجح في توفير سبل صياغة دستور مدني يليق بحضارة مصر ويحفظ حقوق وكرامة شعبها، كما أنجز الاستفتاء الشعبي على الدستور وإنفاذه، ثم وافق على تقديم الانتخابات الرئاسية على البرلمانية، وقاد ببراعة مع الحكومة ترتيبات الاقتراع الرئاسي بمعايير دولية شهد لها الجميع، ولم يتبق من خارطة المستقبل سوى انتخابات البرلمان التي يتولاها الرئيس السيسي.
تبنى الرئيس منصور كثيرا من القوانين والمشروعات العملاقة، وترسيخ العمل المؤسسي، وبعد أن أدى الأمانة على الوجه الأكمل يبقى أن نرد له التحية بأفضل منها، "لأن من لا يشكر الناس لا يشكر الله".