التخريب المقصود
كثير من الكتاب والمفكرين والمعلقين السياسيين يصفون ما تفعله حكومة الإخوان المسلمين، وما يفعله الرئيس محمد مرسى بالتخبط الناتج عن قلة الخبرة أو انعدامها، فلقد اتضح للجميع أن ما قالوه قبل انتخابات مجلس الشعب السابقة وانتخابات الرئاسة عن مشاريع اقتصادية وعن النهضة التى ستعم البلاد كان كلامًا مثل كلام الليل "مدهون بزبدة يطلع عليه النهار يسيح"! وأى عاقل يقول: إن هذا حقيقى؟! لكن العاقل أيضًا يقول: طيب.. ولماذا بعد أكثر من سبعة أشهر على انتخاب الرئيس وخمسة على تشكيل الوزارة لا نرى أى محاولة لإصلاح الأخطاء التى على رأسها إسناد الوزارات لقليلى الخبرة، وعلى رأسهم رئيس الوزراء نفسه الذى صار أضحوكة الدنيا بعد حديثه الأخير عن إسهال أطفال الفلاحين فى بنى سويف واغتصاب نسائهم فى الحقول، إلى آخر الكلام الفارغ الذى أدلى به بشكل جاد جدًّا كأنه يقوم بتشريح الفاهم العارف بقضايا المجتمع.
الذى أراه أنا أن لجماعة الإخوان رغبة كبيرة فى خراب البلاد، وهم يهيئون لهذه الرغبة بالأوامر لوزارة الداخلية أن تقتل وتعذب وتفعل ما لم تفعله فى أى عهد، لا مبارك ولا السادات ولا عبد الناصر، لم تكن الداخلية تقتل الناس أو تعذبهم ثم تلقى بهم فى الطريق أمام المستشفيات، هذا الدور الذى تقوم به الداخلية هو الدور الأكبر فى تصفية الثورة، جماعة الإخوان معنية بتصفية الثورة والثوار أكثر من عنايتها بالمجتمع والاقتصاد وحل مشاكل الناس، العمل الحكومى روتينى كما هو، والاقتصاد الصغير للشعب؛ البيع والشراء والبقالة والجزارة والأسواق وما إلى ذلك كما هو؛ يمشى ويعمل بالدفع الذاتى أو بشكله التقليدى، وهذا هو الذى يجعل البلاد حتى الآن لم تدخل فى الكساد المنتظر، إذن دع كل شىء كما هو وتفرغ للقضاء على الثورة .
لن ننزل الاتحادية مرة أخرى، وسنترككم تنزلون وتحتجون، لكن وزارة الداخلية ستقوم بما نريد وأكثر تحت شعار "حماية المنشآت"، ونحن الإخوان المسلمون نعرف أنها تصفى لنا الثورة والثوار، وسيادة النائب العام سوف يستقبل كل شكاواكم وبلاغاتكم، لكنه لن يتحرك إلا فى القضايا التى تلفق للمتظاهرين، أما من عذّب أو قتل من الداخلية أو غيرها قبل ذلك عند الاتحادية أول مرة وتم تصويرهم فستظل بلاغاتكم عنده فى الحفظ والصون لن تتحرك، هكذا أرى ما يفعله الإخوان المسلمون الآن.
صمتوا لأن غيرهم يفعل ما يريدون، هذا ما يراه أى مراقب، لكن الأخطر هو أن الشعب المصرى من غير الإخوان ليس شعبًا مسلمًا فى نظر الإخوان، ومن ثم لا يستحق أى شفقة، وإذا تم التعاون مع أفراد منه فسيكونون من النظام السابق لكى يكونوا خدما لنا، ولكى يكونوا تحت سيطرتنا؛ لأن ملفاتهم من الفساد يمكن أن نخرجها لهم فى أى وقت، المسألة إذن ليست قصورًا فى الإدارة ولا عدم خبرة؛ لأن عدم الخبرة لا يجعل أى جاهل يمد يده للقروض وتحت قدميه ما يغنيه عن ذلك، وعدم الخبرة لا يجعل أى جاهل يلجأ إلى طرق النظام القديم وما هو أبشع منها وهو يعرف أن الثورة لم تقم إلا احتجاجًا على ذلك، ومن أجل الكرامة قبل الحرية، لقد تفوق الإخوان المسلمون على النظام السابق أنهم أضافوا إلى البلطجية الذين كان يستخدمهم النظام السابق ضد معارضيه، أضافوا فرقًا منظمة للتحرش واغتصاب النساء؛ أجمل ظواهر الثورة، وفى المقابل لا ترى أى ردود فعل من الرئاسة إلا كلامًا ساذجًا من نوع كفالة حق التظاهر وكرامة المواطن، فى الوقت الذى تستباح فيه الكرامة أمام العالم، ما يحدث فى مصر تخريب مقصود حتى تصبح مصر تحت رحمة الدول العربية والأجنبية الغنية، ولا تقوم لها قائمة، حسبها أنها ستكون إمارة إسلامية تعرف ربنا، هل هناك أحسن من ذلك؟!! وليس مُهمًّا أن يكون شعبها شحاذين أو منتهكى الكرامة أو عبيدًا لذوى الإحسان من الدول العربية كالسعودية أو قطر.
ibrahimabdelmeguid@hotmail.com