رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا نجح السيسي وفشلت حملته !؟


يمكن القول إن المشير عبد الفتاح السيسي بدأ عمليا حملته العاطفية، عن غير قصد، لغزو قلوب وعقول المواطنين المصريين، في اﻷيام العشر الأخيرة من شهر يونيو العام الماضي، حين وجه إنذارا، أسماه تأدبا بمهلة اﻷيام السبعة، إلى كافة الفرقاء السياسيين، رغم أن الرسالة قصدت في المقام الأول رأس النظام الإخواني، داخل القصر الجمهوري، أو داخل وكر مكتب البرشام والتضليل في المقطم، وطالبتهم الرسالة الصارمة بالتوافق السياسي، والبحث عن مخرج يحفظ للبلاد وحدتها، ويشعر معه المصريون بالأمان، كي يحفظ لمصر شرفها الوطني.

مر الأسبوع دون استجابة من القوى السياسية ولا من رأس الجواسيس محمد مرسي في قصر الاتحادية.. ثم جاء إنذار الـ 48 ساعة ليمنح المعزول الفرصة اﻷخيرة، لإجراء استفتاء على تجديد شرعية بات مشكوكا فيها بفعل الرفض الشعبي الشامل إلا من الأهل والعشيرة، اسم الدلع للعصابة الحاكمة وقتها! وتدخل الجيش، استجابة لدموع ودماء وهتافات الملايين، وانتصرت الإرادة الشعبية. أيامها استقرت في الوجدان القومي عبارة بليغة هي أن"الشعب لم يجد من يحنو عليه، أو يرفق به".. أظن أن هذه العبارة المشحونة بالحنان من قوة نار بحكم موقعها المهني والقيادي، كانت بمثابة توقيع على عقد اجتماعي عاطفي هو الثاني من نوعه في تاريخ الأمة المصرية، باعتبار أن عقد الحنان السياسي الأول كان بين جمال عبد الناصر وشعبه عام 1952.. 

جرت في النهر الثائر مياه مضطربة كثيرة، انتهت بقبول المشير النزول إلى سباق الانتخابات الرئاسية، وأعلن في بداية السباق أن حملته لن تكون تقليدية بالمرة، ويمكن فهم ذلك في ضوء ضرورة الحفاظ على حياة الرجل المهدد بالاغتيال، ومن ثم غيابه الاضطراري عن السرادقات الجماهيرية..غير أن مفهوم عدم التقليدية، تجاوز ما فهمناه، وربما ما قصد إليه المشير، فلقد شحب وجود الحملة الإعلامية للمشير، وتركته وحيدا، معتمدا على محبة الناس ورضا الله.. 

ليس جديدا الشعور بعدم وجود رجال مؤثرين في حملة السيسي، فلا رأينا متحدثا منطلقا موضحا، وشارحا، ولا رأي الشعب لهم سوي البوسترات الرائعة المصورة، وتلك من أعمال وكالات إعلانية متخصصة، أبرزها وكالة طارق نور.. ولقد تسربت تقارير عن استغناء المرشح السيسي عن طاقم الكتع، وواصل مد الجسور بينه وبين الشعب عبر إعلام ممتن له، كان رموزه سيعلقون على أعواد المشانق، لولا 30 يونيو.

أساس نجاح الحملة الشخصية للمشير أن إنجازاته سبقت شعاراته، وهو عكس ما يحدث في حملات التسويق السياسي أو تسويق سندوتش هامبرجر، حيث الوعد يسبق الواقع.. فقد حرر حكم مصر من التتار، وأنهى بالشعب حقبة كريهة من التاريخ.. نتوقع من الرئيس السيسي، أن يختار بروية عقولا تعزف معه لحن العمل لا التنظير، تبادر ولا تنتظر الأوامر، ليثبت للشعب حسن اختياره لفريقه الرئاسي... تلك نقطة كاشفة على الفصل التالي.
الجريدة الرسمية