رئيس التحرير
عصام كامل

أنا وابني ومصر !!


في ليلة من ليالي القاهرة المزدحمة، وبعد عناء وشقاء يوم طويل من العمل والجري وراء لقمة العيش، ذهبت إلى سريري لألتقط أنفاسي وأريح عقلي من التفكير فيما ينتظرني أنا وأولادي وأبناء جيلي ووطني في المستقبل، وبعد انتظار طويل لمخدرات العصر الحالي "الكهرباء"، ومحاولات مضنية مع سلطان الحياة "النوم"، دخلت في سبات عظيم، لكن هيهات أن تتمتع في هذا الزمان بشىء.

ووسط نومي فوجئت بابني "مالك"، وهو ابن الرابعة، يقف أمامي وكأنه أصبح شابًا في العشرين من عمره، لكن تبدو عليه علامات الكبر والعجز، فأصبت بالذهول وهرولت إليه سائلًا: "ماذا دهاك يا ولدي"، فأجابني بكلمة واحدة: "إنتوا السبب"، وكانت عيناه مملوءتين بالدموع، مع قليل من الغضب، وكثير من الغل، فعاودته: "إحنا السبب في إيه، وانت ايه اللي جرالك"، فوقف أمامي صامتًا ووضع يده في جنبه، ونظر في عيني متحديًا ثم قال: "مفيش حرية، مفيش كهربا، النيل منسوبه بيقل والأراضي بتبور، الاقتصاد منهار، والقمع وصل مداه، وكل ده بسبب جيلكوا اللي سكت من الأول، وأدينا إحنا بندفع التمن".

هذه الكلمات نزلت على كالصاعقة، وابتلت الأرض من تحتي، ووقفت أمام ولدي كالتلميذ البليد، وبعد لحظات حاولت تدراك الأمر، وما أن بدأت أنطق، فإذا بابني يتركني وهو يهمهم ببعض الكلمات غير المفهومة، داخلًا إلى غرفته، وبعد دقائق وجدته حاملًا حقيبة بها ملابسه، وبدأ في وداعي وكأنه ذاهب بلا رجعة، فسألته: "رايح فين وإيه اللي معاك ده"، فأجابني: "خارج ومش راجع غير لما مصر ترجع لشبابها، ونصلح ما أفسدته أنت وأمي وجدي".

وبعد لحظة صمت غريبة قررت أن ألجأ للقوة لمنعه من الخروج، فإذا بي أمسك يديه حتى فوجئت به يدفعني بعنفوان الشباب، ليخرج مسرعًا من البيت وسط صرخات أمه وأخته، لأقوم من نومي مفزوعًا مذهولًا مضطربًا، غير مصدق لما رأيت، حتى أدركت أنه كابوس، وعدت مرة أخرى للنوم.

وفي الصباح استيقظت مبكرًا، فإذا بي وأنا أتصفح المواقع والقنوات الإخبارية، أجدهم يتحدثون عن نية وزارة الداخلية فرض رقابة صارمة على وقود الثورة "مواقع التواصل الاجتماعي، وآخرين يتكلمون عن إقرار واعتماد قانون التظاهر، والبعض الآخر عن غلاء الأسعار وارتفاع فاتورة "ياميش رمضان"، فازادت كآبتي، وقررت أن أذهب لعملي، فلم ترحمني الظروف مرة أخرى حيث واجهت حربًا ضروسا وسط زحام الطرق التي تحولت إلى جراجات متحركة، حيث قطعت المسافة بين منزلي ومكان شغلي في أكثر من ثلاث ساعات، كان معها مؤشر سيارتي يعلن عن حاجته الملحة للتزود بالبنزين، فقررت على الفور الدخول في أقرب محطة وقود، فكانت الصدمة الجديدة بارتفاع أسعار البنزين لأكثر من الضعف، فجن جنوني فأنا لا أمتلك نقودا تغطي تكاليف ما أخذته، لأدخل بعدها في "خناقة" مع مدير المحطة، والذي اتصل بدوره بالشرطة للحصول على حقه.

وفور وصولي لقسم الشرطة، رأت عيني مشاهد جديدة من التعذيب والإهانة لمواطنين آخرين لا أعرفهم ولا أعرف تهمهم، وتخيلت أنني سأنضم إليهم بعد قليل، لكن سرعان ما ألهمني القدر للاتصال بأحد أقاربي من أصحاب السلطة والنفوذ لينقذني مما فيه، فأجرى اتصالا بالمسئول عن القسم، وتمت معاملتي كالوزير أو أكثر قليلا، بل وفرض الضابط على مدير المحطة أن يدفع فارق السعر من جيبه الخاص قائلًا: "يا ابني روح شوف شغلك، أنت مش عارف ده مين ؟!"، فأدركت وقتها أنني أعيش في زمن "مبارك"، وأن ما رأيته في منامي لم يكن من قبيل الصدفة، وأنه سيأتي اليوم الذي أقف فيه أمام ابني بهذا الشكل..

والسؤال هنا للجميع.. ماذا ستفعلون لو أتت عليكم هذه اللحظة ؟، وهل سنرضى نحن أبناء هذا الجيل أن يتهمنا أبناؤنا بنفس ما نتهم به آباءنا اليوم ؟، وماذا نحن فاعلون اليوم للرد على سؤال الغد ؟.

بعيدًا عن ذلك...
# عبد الفتاح السيسي.. العرش زائل والشعب حارس !.
# حمدين صباحي.. الاعتزال فريضة !.
# عدلي منصور.. رئيس لن يذكره التاريخ !.
# حسني مبارك.. رجالك أوفياء وأذكياء !.
# قيادات الإخوان.. غباؤكم دمرنا وعودتكم مستحيلة!.
# باسم يوسف.. كنت أملنا الوحيد في إعلام حر!.
# القوات المسلحة.. باقي من الزمن 27 يوما !.

للتواصل:
https://www.facebook.com/ali.nossier.1
alinossier88@yahoo.com 

الجريدة الرسمية