رئيس التحرير
عصام كامل

عمال الأثاث بدمياط يدفعون ثمن "الخامات القاتلة".. "البوليستر" يسبب الالتهاب الرئوي.. أصحاب الورش يرفضون إقامة كبائن معزولة.. العمال يدفعون الثمن والتجار يجنون الأرباح.. والحملات الرقابية "أجازة"

عمال الأثاث بدمياط
عمال الأثاث بدمياط

سادت حالة من الاستياء بين أهالي محافظة دمياط عامة، وصناع الأثاث بشكل خاص، والذين يبلغ عددهم أكثر من 40 ألف صانع ينتشرون في ورش ومصانع ممتدة في مراكز وقرى المحافظة، بسبب تجاهل المسئولين في المحافظة لمطالبهم والتي تمثلت في توفير مناطق لتجمعات الورش تكون آمنة لهم، بعد أن تسببت عمليات التصنيع والمواد الخام المستخدمة فيها في إصابة ووفاة العديد من الصناع جراء الإصابة بأمراض الصدر والالتهاب الرئوي.


خطر البوليستر

وتأتي الدهانات المستخدمة في عملية رش الأثاث من أبرز أسباب معاناة الأهالي، خصوصًا أنها تتكون من مواد كيماوية مضرة "البوليستر"، ويعمل عليها العديد من الأطفال والشباب في مناطق ضيقة لا تسمح بمرور الهواء، حيث تتكون الورشة من مساحة ضيقة تنتشر فيها دخان تلك المواد النافذة لتؤثر على الصدر والرئة.

"فيتو" تجولت في منطقة "الشعراء" والتي تعد من أبرز المناطق التي تضم ورش الدهانات في المحافظة، كما أنها من أكثر المناطق عرضة لأمراض التلوث البيئي، حتى إن الأهالي يعانون من إصابة بعض الأطفال بالالتهاب الرئوي نتيجة انتشار العديد من الورش في مساحات ضيقة من المنطقة.

يقول أحمد محجوب، صاحب ورشة للدهان، إن مادة "البوليستر" تؤذي العمال لكنها الأفضل من حيث الجودة والسعر، وهناك تقنيات فنية أفضل لكنها مرتفعة السعر، مشيرًا إلى أن عدد من عمال الأثاث سبق أن التقوا اللواء محمد فتحي البرادعي محافظ دمياط الأسبق وطالبوه بنقل الورش إلى خارج الكتلة السكنية حماية للأهالي وفرصة لتوسيع العمل، مؤكدًا أن الورش المنتشرة في المحافظة غير مناسبة سواء للرش بالدهانات أو بالعمل على الميكنة المختلفة والتي تؤدي كذلك إلى الإصابة بأمراض الصدر بسبب نعومة الخشب المتناثر نتيجة التقطيع أو أعمال الحلي.

وأضاف "العمال وحدهم يدفعون الثمن والتجار هم الذين يربحون بشكل كبير، وفكرة نقل الورش إلى منطقة صناعية في شطا أو في مدينة دمياط الجديدة تحمي العمال والأهالي على حد سواء".

كبائن آمنة

فيما يشرح محمد السيد، صاحب ورشة لدهان الأثاث بمادتي البوليستر، والبروتان، أنه قام مع عدد من صناع الأثاث بعمل كبائن مجهزة في مناطق مختلفة بالمحافظة لاستخدامها بشكل صحي لا يضر بالأهالي، لكن أصحاب الورش رفضوا استخدامها بسبب ارتفاع سعرها بالمقارنة مع ورش الدهانات العادية.

وطالب السيد الجهات المسئولة بالمحافظة بشن حملات للأمن الصناعي وإدارة البيئة والوحدات المحلية، من أجل تنفيذ الاشتراطات البيئية، وتابع "أطفالنا في المستشفيات كل يوم بسبب تلك الورش التي تسبب العديد من الأمراض.. ونعرف زملاء لنا توفوا نتيجة العمل بهذه الدهانات وتأثر آخرون بالمرض حتى إنهم غادروا المهنة".

منظومة فاشلة

من جانبه، قال طه حبيب، منسق اتحاد حركة "عمال دمياط"، إن المنظومة كلها تعاني من الفشل، بداية من عدم الوعي والاهتمام فقط بالمصلحة المادية وجني الأرباح، مرروًا بغياب الحملات الرقابية وإذا حدث ومرت حملة تكون شكلية، وليس انتهاء بالأمراض التي أصابت العمال جراء استخدام تلك المواد في عملية التصنيع، داعيًا الدولة إلى البحث عن بدائل آمنة وصحية وفي الوقت ذاته تحمي صناعة الأثاث بدمياط.

وأشار حبيب، إلى أنه سبق أن طالب اللواء محمد عبد اللطيف منصور، المحافظ الحالي، بتوفير خامات جيدة وآمنة للمواطنين، وتقديمها إلى صناع الأثاث ما سيعمل على توفيرها دون احتكار التجار، وكذلك ضمان اشتراطات المقاييس الفنية.

وتابع قوله "الغرفة التجارية لا تهتم بمصالح العمال، والنقابات العمالية المستقلة تتاجر بهمومنا ولا أحد يهتم بنا".

ودشن نشطاء في دمياط صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "معًا لنقل ورش الموبيليات من وسط التجمعات السكنية بمحافظة دمياط"، بهدف حماية الموطنين من مخاطر الخامات المستخدمة في صناعة الأثاث.

من جانبه، قال الدكتور محمد عبد الله، مدير مستشفى الصدر السابق، إن مستشفيات المحافظة تستقبل العديد من حالات الاختناق والإصابة بالربو، وكذلك الالتهابات الرئوية، وتعمل على تحويل مرضى الصدر إلى المستشفى المتخصصة التي تفتح أبوابها من أجل علاج العمال والأهالي المصابين بتلك الأمراض، مؤكدًا أن تلك الخامات تسببت في وفاة وإصابة العديد من العمال نظرًا لخطورتها على الصحة العامة، داعيًا إلى توفير بدائل آمنة على الصحة العامة وصالحة للاستخدام البيئي.
الجريدة الرسمية