رئيس التحرير
عصام كامل

ثلاث شخصيات تاريخية!


انتهت الخطوة الثانية الحاسمة من خطوات خارطة الطريق التي أعلنها المشير "السيسي" في 3 يوليو، والتي تتمثل في انتخاب رئيس جمهورية بناء على تصويت جماهير الشعب.

أعلنت نتيجة الانتخابات الرئاسية بفوز كاسح للسيد "عبد الفتاح السيسي" على منافسه الأستاذ "حمدين صباحى". ولا بد لنا أن نهنئ الشعب المصرى بكافة طوائفه ممن صوت منهم "للسيسي" ومن صوت "لصباحى" على السواء بالممارسة الديمقراطية الرائعة التي شهدها العالم عبر الفضائيات.

ويمكن القول بدون أدنى مبالغة إن الانتخابات كانت شهادة تاريخية للمرأة المصرية التي قادت ببسالة وإخلاص منقطع النظير طوابير المصريين منذ ساعات الصباح المبكرة في اليوم الأول وما تلاه من أيام. ونستطيع أن نؤكد أن هذه الانتخابات الرئاسية التي تأتى بعد ثورة 30 يونيو التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، والتي كادت أن تعصف بهوية مصر وتتلاعب بأمنها القومى في سبيل "أممية إسلامية مزعومة"، هي الخطوة الجسورة في مجال بناء ديمقراطية مصرية عصرية وأصيلة، لا تقف فقط عند حدود آليات الديمقراطية التي تتمثل في صناديق الانتخابات، ولكنها تحترم أيضًا وقد يكون أولًا قيم الديمقراطية..وأبرز هذه القيم على الإطلاق هو التداول السلمى للسلطة، والحوار السياسي بين الحكم والمعارضة، والتوافق السياسي الذي يحرص على ألا يستأثر فصيل سياسي واحد أيًا كان توجهه؛ بالحكم.

في المشهد السياسي الراهن تبرز ثلاث شخصيات تاريخية بكل ما في الكلمة من معان.. الأول هو شخصية القاضى الجليل المستشار "عدلي منصور" رئيس الجمهورية المؤقت.. فقد استطاع هذا الرجل أن يعيد الهيبة إلى منصب رئيس الجمهورية بعد أن أهدر قيمته الرئيس المعزول "محمد مرسي"، واستطاع - مستندًا في ذلك إلى ثقافته القانونية الرفيعة وإلى تقاليد القضاء المصرى الراسخة وعلى رأسه المحكمة الدستورية العليا- أن يوازن بين السلطات وأن يكون حكمًا عادلًا بينها، وألا يعلى من شأن سلطة أيًا كانت على سلطة أخرى، وإذا أضفنا إلى ذلك تواضعه الجم وزهده في المناصب واستعداده لكى يسلم الراية إلى رئيس الجمهورية المنتخب "عبد الفتاح السيسي"، فمعنى ذلك كله أننا أمام شخصية مصرية فريدة ستكون نموذجًا للسلوك السياسي والشخصى الرفيع لكل الأجيال القادمة.

أما الشخصية التاريخية الثانية فيمثلها الأستاذ "حمدين صباحى" المناضل السياسي المعروف والذي خاض الانتخابات الرئاسية بجسارة وشهامة ولم يتخل –رغم الضغوط عليه- عن واجبه الوطنى في مساندة خارطة الطريق.. دخل الأستاذ "صباحى" الانتخابات وهو يعرف جيدًا حجم التأييد الشعبى الجماهيرى "للسيسي"، ولكنه لم يتراجع وأسهم بمنافسته "للسيسي" في جعل الانتخابات تأخذ الشكل الديمقراطى الأصيل الذي تستحقه، والتي تقوم عادة على المنافسة بين مرشحين متعددين. ولن ينسى له التاريخ أنه رفض كل الضغوط التي فرضت عليه حتى ينسحب من الانتخابات في الساعات الأخيرة، مما كان يمكن - لو حدث- أن تشوه صورة الانتخابات الديمقراطية المصرية.

لم يخضع "حمدين" للابتزاز السياسي الذي مارسته عليه جماعات شاردة من الناشطين السياسيين في حملته، والذين تقودهم عواطفهم قبل عقولهم، وأصر على استكمال الانتخابات، وهذا موقف تاريخى سيسجل له.

ونصل أخيرًا وقد يكون أولًا "لعبد الفتاح السيسي" الذي حصل على الأغلبية في الانتخابات من الجماهير الغفيرة التي سبق أن ضغطت عليه حتى يترشح للرئاسة.

ونقول له "كنت أملًا لملايين المصريين، وآن الآوان الآن -بعد أن توليت منصب الرئيس بناء على تأييد جماهيرى غلاب- أن تفى بوعودك الأساسية، وأن تصوغ رؤية استراتيجية متكاملة لمصر، وأن تكون برامج التنمية المستدامة التي ستصدر تركز أساسًا على الجماهير العريضة التي حرمت طويلًا من كافة حقوقها الأساسية.

ويمكن القول إنه يقع على عاتق الرئيس مهمة أساسية هي تجديد مؤسسات الدولة، وإمدادها بأجيال الخبراء والقيادات من الشباب المؤهل الذي يتطلع إلى خدمة بلده.. ولابد في هذا المجال من إعادة تنظيم جهاز رئاسة الجمهورية وذلك بإنشاء مجالس متخصصة من الخبراء والمفكرين، لتكون عونًا للرئيس في عملية إصدار القرارات المختلفة، كما هو الحال في الدول المتقدمة وفى صدارتها الولايات المتحدة الأمريكية.

وفى هذا المجال لا يأخذ الرئيس قراراته بمفرده، وإنما من خلال التشاور المنهجى مع أعضاء هذه المجالس والتي عادة ما تضم خبرات متنوعة.
حان وقت العمل من قبل الرئيس، ومن قبل المجتمع بكل فئاته، حتى ننتصر في معركة التنمية وحتى نفى بوعود ثورة 25 يناير.
الجريدة الرسمية