لماذا يحتاج السيسي لتنظيم سياسي ؟
كل الذين روجوا وأشاعوا أن المشير السيسي سيعتمد في الانتخابات الرئاسية على "الفلول"، ورجال الحزب الوطنى القديم، خانهم الواقع، ولم يدركوا أن ذكاء السيسي، سيجعله يتهرب ولو "مؤقتا" من أي التزام سياسي تجاههم، قد يثقل من مهام الحساب حين "الحساب"، هو لم يسع إليهم، لكنهم طافوا كحجاج حوله، من كل حدب وصوب، قدموا قرابين لنيل الرضا والعطف، لم يرفض، ولكن كان القبول على استحياء، يخشي على نفسه من الوقوع في براثن الفساد وسيطرة رأس المال، لكنه في ذات الوقت في حاجة لتنظيم سياسي يدعمه، لكن الفلول - وإن كان أكثرهم - ليس على هوى السيسي.
أبعدهم عن المشهد، وأقصاهم تدريجيا، فردوا الصفعة بما هو أقسى وأشد، وكانت رسالتهم صارمة في الانتخابات، حتى بدا أن المؤتمرات التي أقامها رجال الحزب الوطنى وبعض رجال الأعمال، كأن لم تكن، لم يخرج أحد في أيام التصويت من هؤلاء ليعلن حشده للمشير السيسي، نفس الطريقة القديمة التي أعقبت ثورة يناير، وكأنهم تحللوا واختفوا، فأرادوا إحراجه، أمام الجميع، وأنه بدونهم سيبدو ضعيفا، ودرس يناير استوعبوه، وأنه لا شيء يهمهم سوى " مصلحتهم "فقط".
من وجهة نظرهم قدموا السبت والأحد، لكنهم لم يسمعوا ما يطيب خاطرهم من المشير أو من حملته، فاعتبروا أن الرجل يدير ظهره لهم، فأحرجوه.
وإذا كان الفلول لم يقفوا صراحة مع السيسي في الانتخابات، فإن الأحزاب المدنية التي أعلنت دعمها للسيسي لم تظهر هي الأخرى على الساحة، ولم يبدو أن هناك أي تأثير لهذه الأحزاب في الشارع، وفى الأغلب اعتمدوا هم أيضا على شعبية الرجل، مقتصرين فقط على غرف عمليات لمتابعة الانتخابات، لا تختلف عن غرف عمليات بعض القنوات الفضائية والإعلامية.
لكن الذي يثير علامات الاستفهام، هو ذلك الدور المحسوس والمنظم وغير التقليدى لحزب النور في هذه الانتخابات، وهو الحزب الوحيد ربما، الذي وقف بجانب المشير السيسي، في أيام التصويت، وإن كانت غير محسوسة في كل محافظات الجمهورية، لكنها كانت منظمة في عدد من المحافظات ذات الثقل السلفى، وقدم النور ما يفيد بأنه كشف حساب لحملة المشير على ما قدموه في الانتخابات، في انتظار العطايا، وهذا ما يجعل بعض الأحزاب المدنية، لا تختلف كثيرا في طريقة تعاطيها مع الرئيس الجديد عن رجال الحزب الوطنى، الذين اعتبروا أن معركة الرئاسة هي معركتهم في البرلمان، وهى نفس طريقة تفكير الأحزاب المدنية.
لذا فإن الخطر الذي يهدد هذه الأحزاب المدنية، هو في اقتراب مؤسسة الرئاسة القادمة وتفاعلها مع حزب النور، الذي قد يهدد بدوره أي حياة مدنية قادمة مصيرها محتوم في علاقة محتومة بين جنرال وبين تيار سلفى.