جمهورية مصر الجديدة
نحن الآن على وشك الدخول إلى مصر الجديدة، ومصر الجديدة هي الجمهورية الثانية لمصر، فقد انتهى عهد الجمهورية الأولى بسقوط حكم مبارك، وكانت فترة حكم المجلس العسكري هي البوابة التي من خلالها كان من المفترض أن ندخل فورا للجمهورية الثانية، لكن حدث خطأ تاريخى وعدنا أدراجنا للوراء فخضعنا لحكم ينتمى إلى مفاهيم أخرى وزمن آخر، ولكن الشعب المصرى بوعيه وعبقريته أجرى عملية تصحيح فأسقط حكم الإخوان الذي كان اسمه الصحيح هو “حكم القبور”.
أما مصر الجديدة التي نقف الآن على أعتابها الآن فهى مصر ذات المشروع الحضارى الذي سيقدم مصر للعالم في ثوب جديد، وسيسعى الرئيس القادم لدعم الأزهر الشريف كى يقود أكبر حركة للإصلاح الديني، وسيدعم الرئيس خطابا دينيا يناهض مشروع الإسلام السياسي هو مشروع “الإسلام الإنساني” الذي يستهدى بالعدالة والحرية والمساواة وحفظ الكرامة، والفصل بين الحكم والدعوة، والعمل على تديين السياسة لا تسييس الدين.
وعلى يد الرئيس القادم يجب أن تكون مصر العلمية والأدبية والفنية، مصر التي ستضيف للحضارة الإنسانية، فإذا رفع العهد الجديد من قيمة الإنسان وحريته وأمنه ولقمة عيشه وتعليمه فسنعود إلى ريادتنا، وأهم المؤسسات التي ستحمل مصر لعقود طويلة هي مؤسسة القضاء، القضاء يحتاج إلى ثورة لا إلى إصلاح، يجب فصل النيابة العامة عن القضاء، فالنيابة ليست سلطة قضائية، ويجب إلغاء انتدابات القضاة للعمل لدى جهات السلطة التنفيذية، وإلغاء منصب وزير العدل والحصول على استقلال كامل للقضاء.
وفى المؤسسات الثقافية والإعلامية يجب أن تقود وزارة الثقافة ثورة ثقافية كبرى تقدم فيها إبداعات الشباب وترعاها على أن ينتهى عهد الرقابة والقيود على حرية الإبداع، فشعب بلا حرية شعب عقيم، ومن ناحية أخرى فإن إصلاح التعليم يجب أن يكون من أكبر أولوياتنا، حيث ننتقل من عهد التعليم التلقينى الذي لا يعرف إلا استظهار الحفظ، إلى التعليم الإبداعى الذي يستنهض القدرة على الحوار والفهم، أي أننا يجب أن ننتقل من مدرسة النقل إلى مدرسة العقل، على أن يكون ماثلا في أذهان من يضعون المناهج التعليمية الفارق بين العلم وتاريخ العلم، إذ ما زلنا إلى الآن نجتر تاريخ العلم على أنه علم مع أن هذا غير ذاك، ومع ثورة في التعليم يجب على الرئيس أن يضع خطة للقضاء على الأمية بحيث لا ينتهى عهد الرئاسة الأول إلا ونكون قد قضينا على الأمية تمامًا، والقضاء التام على الأمية سيجعل للديمقراطية معنى، فالديمقراطية مع الجهل والفقر ديمقراطية منقوصة.