تجيبها كده..تجيبها كده..هي كده!
عزيزى المواطن.. لو حسيت إننا اتغيرنا ابقى تعال خد اللى نفسك فيه!!!
سنة 1924 ترددت نكتة على نطاق واسع في مصر ونشرت بالصحف الفكاهية تقول إن رجلًا قال للجزار معاتبًا: «قطعية اللحمة اللى أخدتها منك آخر مرة ماكانتش أد كده يا معلم.. فقال الجزار: إزاى؟! عليَّا الطلاق اللى أنا قاطعها لك منه كان بيجر عربية عليها 70 شوالا لوحده».
اخترت البدء بهذه النكتة، كى أنْحَت منها عنوانًا لوجهة نظر ربما تبدو صادمة «مصر هي مصر أمس واليوم وغدًا»!..النكتة تؤكد أن المصريين أكلوا لحم الحمير منذ تسعين عامًا، وما زالوا يتعاطونه حتى اللحظة.. فهل تظن أننا تغيرنا؟!
في تقديرى أن مصر «لن تتغير».. وإن شئنا التفاؤل أقول لن تتغير للأحسن ولا للأسوأ.. وأغلب ظنى أن حالها سيبقى على ما هو عليه حتى إشعار آخر.. متى موعده؟ الله أعلم.. وعندى الأدلة..ربما يرى البعض أن مثالًا على مستوى أكل لحم الحمير، لا يصلح معيارًا لقياس التغيير من عدمه.. لهؤلاء أقول لا بأس..دعونى أستدعى كلام الراحل حجازى إحدى علامات فن الكاريكاتير المصرى، في معرض تبرير قراره بالاعتزال والاعتكاف ببلدته بطنطا.. قال اعتزلت لأننى منذ أربعين عامًا انتقد في رسومى أوضاعًا اكتشفت بعد أربعة عقود أنها نفس المشاكل، فشعرت بأننى لن أقدم أي جديد.. وهذا منذ أربعة عقود.. تعالوا الآن نطل على مصر منذ نحو ثمانين عامًا سنكتشف وياللعجب.. أن البلد كما لو كان في حالة جمود تام!
منذ أكثر من سبعين عامًا كتب العم الكبير بيرم التونسى ناقدًا كل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية.. لم يترك مجالًا إلا وقد رسم كل ملامحه شعرًا.. يكتب عن الأسعار والغلاء في ذلك الوقت، فتشعر بأنه يعيش اللحظة بيننا ويمشى معنا بالأسواق يقول: يادى الغلا اللى وَرَانا بالخرزانة والمَقْرَعَة لَمَّا هَرَانا وبقينا حمير..
ويكتب عن جشع وغش التجار فتكتشف أن عِرْق الجشع والغش دَسَّاس يقول: الأكل والشرب في إيد اللومانجية، والطماعين اللى غَلُّوا الملح والميَّه.. حتى طفح المجارى الذي انتهى من كل بلاد العالم ما زال الآن بمصر كما كان من 70 سنة، يقول بيرم..حارتنا زينة المجارى في وسطها نهر جار، بفَضْل مجلس بلدنا، وفَضْل فيض المجارى.. كتب أيضًا في الرشوة والمحسوبية والتسيب والانفلات الأخلاقى، ويكاد يكون صورة بالكربون مما نعيشه ونعانيه الآن.
دعونى أصحبكم إلى ختام خفيف برباعية من النوع «المسجَّل خَطَر» لعمنا بيرم.. يكشف فيها سفه الجباية والإنفاق الحكومى، بكرباج على قفا المجلس البلدى بالإسكندرية..يقول: يا مجلس إسكندرية طال عليك صَبْرى، أكلمك بالرُّومِيكا وللا بالعِبْرى؟ تاخُد فلوس الناس تبعتَر فيها عَ الكوبرى؟ بَدَل ما تاخُد فلوس الناس تعال خُد!.. مَشِّيها «كوبرى»!
عزيزى المواطن.. لوحسيت اننا اتغيرنا ابقى تعال خد اللى نفسك فيه!!!