رئيس التحرير
عصام كامل

ليس كل شباب مصر على حق


إن مانراه فى مصر هذه الفترة من سيطرة مشجعى كرة القدم على المشهد السياسى فى مصر يُذكرنى برواية "النظام البرتقالى" عام 1962 للأديب "أنتونى برجيس"، والتى تتناول الفوضى التى تهدف إليها بعض المجموعات التى تكونت من خلال زمرة من الشباب، والذين يمارسون العنف المتطرف أو "الألترا-عنف" فى الشوارع، ونتيجة ممارسة تلك المجموعات لذلك العنف المبالغ فيه باستمرار يفقدون تدريجيًا هوايتهم، وأسماءهم وأنفسهم فى سبيل المجموعة المنتمين إليها التى تريد أن تُحقق العدالة والحرية فى المجتمع عن طريق نشر الفوضى والعنف.

 

وتخبرنا قصة الأديب "برجيس" الهوية الحقيقية لهؤلاء "الهوليجانز" مثيرى الشغب، وهم بعض الشباب فى سن المراهقة الذين فقدوا احترام العالم لهم، وشعروا بالظلم من قبل حكوماتهم والجيل الأكبر منهم، الذى أهدر فرصتهم فى حياة كريمة، لذلك تمردوا وتحرروا من تلك القيود التى تحكمهم، خاصة فى بلد شرقية مثل مصر التى تتمتع بالعادات والتقاليد.

 

والحقيقة أن مصر قد خرجت من طورها القديم، وبالفعل نسيج المجتمع التقليدى القديم قد تفكك، فنرى الألتراس ومشجعى كرة القدم لا يبالون بإصدار الحكومة قوانين الطوارئ أو حظر التجوال، بل يردون بخروجهم كل ليلة معتصمين، متحدين بذلك قرارات الحكومة، ويدخلون فى مناوشات مع الشرطة، وذلك ما يصفه علماء الاجتماع بالاغتراب وانعدام المعايير، فهؤلاء الشباب يشعرون بالفعل بإهدار حقهم فى البلد التى من المفترض أن تحتضنهم بدلًا من أن تقسو عليهم، وذلك ولّد عندهم شعورًا بالتمرد.

 

والألتراس فى مصر لديهم ثقل فى المشهد السياسى عن طريق مشاركتهم فى ثورة 25 يناير 2011 التى أطاحت بنظام "مبارك"، ونتيجة لذلك الثقل تكونت مجموعات جديدة شبيهة بالألتراس، هم الـ"بلاك بلوك" الذين يتحدون أنصار مبارك -أو ما يُطلق عليهم فلول- ويتحدون أيضا الرئيس "محمد مرسى" والإخوان المسلمين.

 

ويرى بعض المحللين أن "مبارك" قد سمح بنشأة "الألتراس" لأنه لم يكن يخاف منهم، بل كان يحتاج لتلك المجموعات التى تصب جام همومها فى مباريات كرة القدم بعيدًا عن المساجد والجماعات الدينية، وفى الوقت نفسه بعيدًا عن الأحزاب المعارضة، ولكن ما لم يكن يعلمه "مبارك" أن الألتراس كانوا من أوائل المجموعات التى تجمعت فى التحرير لحماية التظاهرات التى أطاحت به، وتصدوا لقوات الشرطة وحموا ميدان التحرير، وأهم ما يلفت الأنظار للألتراس أنهم لايزالون يكافحون السلطات والحكومات لتحقيق الديمقراطية والحرية، والمطالبة بحقهم، ورفض سرقة ثورتهم.

 

نقلًا عن واشنطن بوست

 

الجريدة الرسمية