رئيس التحرير
عصام كامل

أستحلفك بالله يا جيش مصر لا تنجدنا


هتف شباب كُثر، وناضجين مصريين غيرهم، "يسقط يسقط حكم العسكر"، بينما كان جيش مصر العظيم يقوم بواجب لم يطلبه وإنما أُملى عليه. أدار المرحلة الانتقالية من منطلق رؤية دولية شاملة فى ظرف حالك السواد، بينما المُغيبين لم يروا إلا الداخل المصرى، بل ميدان فى قلب الوطن!!

وبينما الإخوان يستعدون للانقضاض على الوطن ليقتنصوه، أدركت قيادة هذا الجيش أن الدستور لو أنه صيغ فى البدايات، بينما شعبية الإخوان فى أوجها والمصريون لا يزالون غير مُدركين بحقيقة المُتأسلمين- ومن طبيعة هؤلاء المصريين الافتتان بالرموز وتصديق الشعارات الكاذبة- لاستلب الإخوان مصر. فأجل المجلس العسكرى صياغة هذا الدستور، ليكتشف الشعب بنفسه الإخوان وما يريدونه بالوطن. وفى ذات الوقت كان يُصر الخبثاء على أن يُصاغ الدستور فى اللحظات الأولى!!
وإن برر هؤلاء الخُبثاء، أنهم لم يكونوا يدركون تلك الحقائق، فهم يُكررون إثبات كونهم هواة لا يعرفون المصريين ولا تاريخ مُمارستهم للسياسة. ولكننى لا أظُن ذلك من وحى ما قاله البرادعى تحديداً، فى البدايات من إصرار على تغيير "عقيدة" القوات المُسلحة. فلقد كان هذا الإصرار وبتكرار غريب لما سبق أن طلبته الولايات المتحدة، دليل لا لبس فيه على ارتباطه بسياسة أمريكا!!
ولقد أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، إعلاناً مُكملاً للدستور ليضمن بذلك فصل السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية لرئيس الجمهورية، فى ظل حل مجلس الشعب قُبيل بدء الانتخابات الرئاسية بأيام.
فاذا بالإخوان يُصدِرون إلى المشهد، شباباً مُغيباً مُطالبين باسقاط الإعلان المكمل، وظل هذا المطلب حتى بعد انتخاب مرسى، واستمر الاعتداء بالسب وسوء الأدب على قواتنا المسلحة، نتيجة لوجود هذا الإعلان الحامى للمصريين من طُغيان الإخوان.
إلا أن القوات المسلحة ومن وحى احترامها لدورها وفصل عملها عن السياسة المدنية وباتفاق داخلى بها، تترك السلطة كلياً، ليصدر مرسى إعلانه الدستورى الأول بالغاء الإعلان المُكمل. وكان هذا كله وفقاً لرغبة الثوار، فإذا بهم يقولون إن ضباط المجلس العسكرى خرجوا "خروجاً آمناً"، مُرددين "أجندة الإخوان" المُصدَرة لهم، وكأنهم نسوا ما طالبوا به بدايةً!!
ومع حدوث المتوقع من الإخوانى مرسى، وانتهاكه المُتكرر للقانون واعتداء ميليشيات الإخوان على المواطنين، بل وقتلهم شباباً أبرياءً منهم إذا بنفس هؤلاء الثوار يعودون مرة أخرى إلى المشهد، ويطلبون تدخل القوات المُسلحة!! والغريب أنهم يطلبون هذا من قيادة الجيش، وبعضهم لا يزال يعتدى عليه ويقول لقائده إن وقوفه صامتاً على الإخوان يُعد خيانة!! والمثل العربى يقول: إن لم تستح فافعل ما شئت!!
وإذ أوردت أعلاه تحليلا من مُتابعتى لما حدث وبشكلٍ مُختصر، فإننى أستحلف جيش مصر بألا ينجدنا مما نُعانيه!! أستحلف المجلس الأعلى لقواتنا المسلحة عدم التدخل، رُغم أننى أُدرك رؤيته المتوافقة مع الشرعية والقانون، إلى حدٍ بعيد!!
فمثلى مثل الأغلبية القصوى من المصريين ممن لن يرضوا بتعرض جيشنا للسب أو الإهانة مرة أخرى، ممن لا يعرفون ما يريدون وينسون ما يطلبون ويسبون ويلعنون ويعتدون على ضباط وجنود جيش بلادى، الذى وقى الأمة المصرية شر السقوط فى وقت عصيب، بينما أعلن بعض هؤلاء الأغبياء عن تعمدهم إسقاط الدولة بالفعل لتتم ثورته المزعومة!!
لا تتدخلوا يا ضباط مصر، واتركوا هؤلاء ممن باع الوطن بغبائه وجهله بمعنى التضحيات من أجل تراب هذه الأرض، حتى يعتذروا لأشرف الرجال الذين عانوا الأمرين، دون انتظار لثمن أو دور فى "حكومة إنقاذ وطنى" أو "كل نياشين" مصر، فى سبيل عشقهم لتراب هذا الوطن ومسئوليتهم التاريخية أمام هذا الشعب!!
والله أكبر والعزة لبلادى،
وتبقى مصر أولاً دولة مدنية..
الجريدة الرسمية