رئيس التحرير
عصام كامل

يا أبناء النوبة.. هذه العصبية مرفوضة!


للمرة الثالثة أكتب عن أهلنا في إحدى أعرق بقاع أرض مصر، وهى النوبة الجميلة بأهلها قبل أي تاريخ يزين 
تاريخ مصر، وتاريخ الإنسانية، قادنى القدر لحضور لقاء بين الصديق الكاتب الصحفى د.سعيد اللاوندى، الخبير بالعلاقات الدولية، وله تجربة متميزة عندما قضى عشرين عامًا في باريس وكان فاعلًا في جميع الأوساط الثقافية الفرنسية والجاليات العربية، وبل مع عدد كبير من النوبيين في باريس وأبرزهم د. أحمد عثمان الذي أشرف على رسالة الدكتوراه التي كانت عن المفكر الكبير عباس محمود العقاد، الذي كانت أمه نوبية الأصل كما أشار العقاد نفسه، كان الحوار عن العلاقات الدولية إلا أن د. اللاوندى أشار إلى العقاد بصفته رمزا وفخرا للعالم العربى كله 
بل الإنسانية !!

بل إن د. اللاوندى أشار إلى أن النوبة مثلما قدمت العقاد مفكرا فذا فقد سبق أن قدمت الفيلسوف أفلاطون - وغير أفلاطون بالطبع- نوبى كما أكد د.عبدالرحمن بدوى.. وفى ظل هذه الأجواء الجميلة انبرى أحد النوبيين، وصل إلى منصب وكيل وزارة الإعلام سابقا وأخذ يتحدث عن النوبة الكل وأن مصر هي الجزء....!!!! وأضاف على من يتحدث عن النوبة يتحدث عن تاريخها وتراثها وليس عن العقاد..!

رد د. سعيد اللاوندى بحسم، بأن مصر هي الكل وأن التراث المصرى يملأ العالم وفى كل مكان في مصر، والنوبة أحد أهم مفردات النسيج المصرى، إلا أن عباس العقاد لم تنجب الإنسانية غيره وهو واحد فقط في العالم كله وفخر لمصر والنوبة والإنسانية هذا المفكر.

في اليوم التالى اتصل الصديق رسام الكاريكاتير بأخبار اليوم الرائع محمد عمر، وكان حاضرًا اللقاء، ربما لا يعرف الأغلبية أن جذوره نوبية، الذي قال إننى متزوج من القاهرة وأولادى ليس لديهم أي نعرة تعصبية؛ لأننى كلما اختصرت كيانى في الجذور أو مسقط الرأس، أكون كمن ينظر تحت قدميه، إننى كمصرى من جذور نوبية أرفض تمامًا ما جاء على لسان هذا الإعلامي، وإننى أسأل هذا الإعلامي لماذا ترك النوبة وهو لم يهجر وعاش وسيموت في القاهرة ّ!؟ وأشار محمد عمر إلى أنه ابن العطارين بالإسكندرية، ويعيش في القاهرة ونوبى الجذور وهى عظمة الشخصية المصرية، التي يحتوى نسيجها كل الألوان والأجناس والأديان بلا تفرقة.

الحقيقة أن ما طرحه هذا الإعلامي أزعجنى بأن النوبة هي الكل ومصر هي الجزء وهذا ينطبق مع ما كان يروج له البعض بأن هناك تطهيرا عرقيا يجرى تجاه أهل النوبة، وهذه الأمور غير صحيحة ولا تتوافق إلا مع ما ردده أعداء الوطن الذي لا يهدف إلا لتمزيق وحدة النسيج الوطنى المصرى وهو ما فشل فيه كل الأعداء منذ آلاف السنين 
ولن ينجح إن شاء الله، والمدهش في الشخصية المصرية هو أنها مصرت كل من وفد إليها سواء كانوا من الرومان أو الإغريق أو الشام - ربما لا منا أن عائلات العراقى- نسبة إلى العراقى، اليمنى لمن جاء من اليمن، الشامى من أهل الشام، المغربى، التونسى، السعودى، السودانى إلخ...

وكلها عائلات لها تاريخ وجذور ولكن تمصروا بحياتهم في مصر ويكفى محمد على الذي أحبه المصريون واختاروه حاكما عليهم، وأصبح مصريا بالرغم من اختلاف الجذور، فما بالنا بالنوبة أصل الحضارة والمنبع الذي جاء منه المصرى القديم وبالتالى فإنه من العيب كل العيب أننا في القرن 21 يكون هناك من يتحدث بخطاب عنصرى تجاه أبناء الوطن الواحد..! وكيف يكون هذا ونحن نحلم بأن يكون هناك الوطن الأكبر والوحدة العربية..!!؟

هذا النموذج وخطابه لابد أن يختفى وهذا ليس دور أحد بقدر ما يكون دور أبناء النوبة أنفسهم مثل الشاعر محيى صالح ود.صالح الباقر والإعلامي محمد عمر وغيرهم.. أفيقوا يرحمكم الله حتى لا تكونوا لسان أعداء مصر.

الجريدة الرسمية