رئيس التحرير
عصام كامل

ناعوت: الحاقدون مزقوا نسيجنا الوطني إلى "حمديني" و"سيساوي" و"ربعاوي"

فيتو

  • الإخوان يحتاجون 400 سنة لاستعادة ثقة الناس 
  • الانفتاحيون انحدروا بالعقل المصري منذ الستينيات إلى الدرك الأسفل
  • مصر حملتنا وهنا على وهن
  • رغم كل شيء أرى المستقبل مشرقا وواعدا
  • «النور» حزب تكفيري وأخطر من داعش والإخوان
  • تشويه الأحزاب العلمانية في مصر أدى لاختفائها 
  • الدولة لا تدعم الثقافة وتعتبرها رفاهية
  • في مسألة الإخوان.. الحل هو التأهيل وليس البطش
  • السلفيون يمارسون سياسة «الاستهبال» 
  • الأحزاب الدينية «مسمار جحا» لعودة الإرهاب 
  • «برهامي ومخيون» مزقا المصريين
  • المثقفون يتصارعون على توافه الأمور
  • أحذر الرئيس القادم من مغازلة الجماعة
  • مصر تمر بانتكاسة اقتصادية كبيرة
كانت تحلم منذ طفولتها بأن تكون نسرًا لا يخطف الطيور الصغيرة بل يدافع عنها.. أرادت أن تحلق في السماء لترى العالم بقوة عين الشمس الذهبية.. فأصبحت صاحبة آراء جريئة.. معارضة ومشاكسة وتناصر الحق والعدل والجمال. 
وتجيب الكاتبة والشاعرة فاطمة ناعوت في حوارها مع «فيتو» عن تساؤلات عدة في مقدمتها "كيف سيكون شكل مصر عقب انتهاء الانتخابات الرئاسية؟ وإلي أين ستصل سفينة الأحزاب السياسية والحركات الثورية؟، وأين تقف جماعة الإخوان من المشهد، وما مصير الثقافة والإعلام في الفترة المقبلة؟".
وإلى نص الحوار: 

*كيف تقرئين المشهد المصري في ظل الانتخابات الرئاسية التي جرت أمس واليوم؟ 
بعد الثورات تمر المجتمعات بحالة من "السيولة السياسية"، يرتبك فيها الشعب ومن قبله مفاصل الدولة، ويصبح اقتصادها ضعيفًا، وترابطها المجتمعي تصيبه بعض المشاكل والأزمات؛ حيث يكون المجتمع ككل مرتبكا وحائرا، وهذا حدث بالفعل في مصر، فتسود حالة من التخوين وعدم الثقة في الغد، والتشكيك في النوايا، وهذه أمور مؤلمة وحزينة ولكنها طبيعية فيما بعد الثورات.

*وجود تلك الحالة.. هل يكون سببًا في تسرب القلق لقطاع عريض من الشعب الذي ينتظر أن يجني ثمار الثورات؟ 
لا أقلق من تلك المرحلة؛ لأننا يجب أن نمر بها، فهي الفترات التي تسبق النقاهة، البلاد أوشكت على الدخول في مرحلة النقاهة، فبعد الانتخابات البرلمانية تتم العملية بنجاح، وأشعر بالتفاؤل الشديد برغم أن الفترة المقبلة ستكون صعبة للغاية، فمصر تمر بانتكاسة اقتصادية كبيرة، وهناك حاقدون كثيرون مزقوا النسيج الوطني "مسلم ومسيحي وشيعي، وحمديني وسيساوي وربعاوي"، تصنيفات كثيرة تم إدخالها على المجتمع المصري قسمت الأسرة الواحدة، ويعقب هذا التحام مجتمعي قوي جدا، بين تلك الفئات المشتتة التي تقترب من العداءات بينهم الآن، حينما يرون مصر تنهض وتستعيد مكانتها والقيم السامية، والمواطن بدأ يشعر بالانتعاش، فكل ذلك يزول تماما. 

*هل ترين أن المصريين لديهم رغبة حقيقية في المشاركة بعملية الانتخابات؟ 
طبعًا.. فهذه هي صناعة المستقبل، فكل من ينزل للمشاركة في الانتخابات الرئاسية يفخر بعد ذلك بصناعة المستقبل، ومن يقاطع يندم على عدم مشاركته، فنحن نقرأ عن ثورة 1919، و1952 في كتب التاريخ دون أن نعشها، وكانت حياة كاملة عاش فيها أجدادنا وآباؤنا ويفخرون بها. 

*ماذا عن المستقبل في ظل تلك التحديات التي تحدثت عنها؟ 
مصر تمر بحالة وهن، كما أشرت في رسالتي إلى الرئيس المستشار عدلي منصور قبل أن يحمل صولجانه ويترك القصر، "حملتنا وهنا على وهن" خلال ثورتين، وأرى المستقبل مشرقا وواعدا، وهذه هي الوثبة التي نثبها إن شاء الله كما وثبها قبلنا النمور الصغيرة كوريا وماليزيا، هذه البلاد الشرسة في التقدم والتطور. 

*ماذا عن مستقبل الأحزاب والحركات السياسية؟ 
ما شهدناه غير مقبول أن تؤسس الأحزاب على أساس ديني، فيكفينا كل التمزقات التي حدثت، يكفينا تدليلا لكل من لا يستحقون التدليل، أرى تدليلا ومغازلة لمن يقطعون الرءوس، فيما يشبه الكوميديا السوداء، فإذا كان حزب النور يضع على قوائمه شخصية مسيحية ويقول إنه ليس على أساس ديني، فهذا نوع من «الاستهبال» فإذا كان يستصغر عقولنا، فعقول المصريين ليست صغيرة، فحزب النور حزب ديني تكفيري أيضا، غير مقبول وجوده على الإطلاق، ويكفي أن ياسر برهامي ومخيون مزقا المصريين شر ممزق، وغير مسموح لهم أن يلعبوا أي دور سياسي في المرحلة المقبلة.

*هل معنى ذلك أن بقاء الأحزاب السياسية الإسلامية هو "مسمار جحا" لعودة الإرهاب من جديد؟ 
بالطبع.. وأظن أن الرئيس القادم سواء كان المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع السابق أو مؤسس التيار الشعبي حمدين صباحي، أذكى من أن يترك تلك الجماعات المريضة لتعود مرة أخرى، وأقول أهلا بكل مصري على أرض مصر، لكن في العمل السياسي غير مقبول أن يمارس السياسة إلا النجباء، والتكفيري ليس نجيبا، فالتكفيري شخص مريض يحتاج رعاية عقلية وحضانة فكرية وتعليمية وتأهيلية، فلا يصلح أن يقودوا المجتمع سياسيا، وأطالب الرئيس القادم بأن ينتبه من حزب النور، وكل من على شاكلة ياسر برهامي، فهم أخطر من الإخوان، فهؤلاء هم "داعش" بلا سلطة.
وفيما يتعلق بمستقبل بقية الأحزاب والحركات الثورية، فأقول لدينا العديد من الأحزاب والحركات الثورية لكنها ضعيفة، وهذه مشكلة كبيرة، وهم لديهم فرصة قريبة جدا قبل الانتخابات البرلمانية بأن تتكتل تلك الأحزاب كل تبعا لتوجهاته الفكرية وأيديولوجياته السياسية، وأتساءل لماذا اختفت الأحزاب العلمانية من مصر؟، وأرد لأنه تم تشويهها، فالعلمانية معناها أن تقف الدولة على مسافة متساوية من كافة الأديان، وتحفظ وجود كافة الأديان، وألا نكون عدو الأديان كما يروج لذلك، فهي المبدأ الذي قاله «المسيح» عليه السلام: "ما لقيصر لقيصر.. وما لله لله"، وما قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أنتم أدرى بشئون دنياكم"، فلندع الدين في المسجد والكنيسة ونخرج منهما مصريين فقط. 

*ماذا عن وضع جماعة الإخوان الإرهابية بعد نجاح الانتخابات الرئاسية؟
"الإخوان".. هي الفئة المشاغبة التي تحاول تخريب كل شيء، وحلها الوحيد هو القانون والتأهيل السياسي وليس البطش، فأنا مع تأهيل الإنسان إلى آخر لحظة إلى أن يرتكب جريمة، ومكانه يكون العزل المجتمعي.

*ماذا عن حالة الرفض المجتمعي التي يتعامل بها الشارع مع "الإخوان"؟ 
نعم هذه حقيقة، فالجماعة الإرهابية جنت على نفسها، أنا أكتب ضد جماعة الإخوان منذ عام 2005 عندما حصلوا على 88 مقعدا في البرلمان ولم يقتنع الناس بما أقوله، فالإخوان هم من قتلوا وشوهوا أنفسهم بأنفسهم، فكل الكتاب المستنيرين حاولوا مرارًا وتكرارًا أن يكشفوا عورات الجماعة وتنبيه المجتمع لخطرهم ولم يستمع إلينا أحد، بل على العكس اُتهمنا بالإسلام فوبيا، إلى أن أظهروا هم أنفسهم قبحهم الذاتي، فهم من جعلوا المجتمع يلفظهم نهائيا، فـ"سيد قطب" يقول: "ما الوطن إلا حفنة من التراب العفن"، ويقول حسن البنا: "لا وطنية في الإسلام". 

*هل معنى ذلك أن الحديث عن "المصالحة" لن يتم؟ 
المشكلة مع جماعة الإخوان أصبحت أعقد؛ لأنها تمس علاقتهم بالمجتمع، فإذا حاول الرئيس القادم أن يعيدهم مرة أخرى للمشهد السياسي عن طريق المصالحة، فلن يستطع أن يعيد محبة الناس إليهم ولا ثقتهم فيهم، على الأقل لمدة 400 سنة قادمة، والرئيس الذي يغازل الإخوان ليعيدهم للمشهد السياسي من جديد يرتكب خطأ فادحا في حقه وفي حق مصر ولن يسامحه المصريون.

*لا زالت بعض الدول تدعم الجماعة..هل يستمر هذا الدعم بعد نجاح الرئيس؟ 
الدعم يستمر وفقا للمصالح المتبادلة، فهذه الدول تدعم الإخوان لأنها جماعة إرهابية تفيد بعض الدول في تقسيم المجتمعات، والأمن المصري هو من يحمل على عاتقه هذه المهمة من حماية أمن واستقرار البلاد.

*ماذا عن قوة مصر الناعمة "الثقافة والإعلام" بعد نجاح الرئيس؟ 
الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي طلب في لقاء الأدباء مع المشير السيسي الأسبوع قبل الماضي، أن تكون الثقافة مشروعا قوميا، وأنا أؤيده في ذلك، فنحن بلد مثقفين كل يعمل في جزيرة منعزلة، والحركة الثقافية المصرية عثرة، فالمثقفون أنفسهم يتصارعون على توافه الأمور، بالإضافة إلى أن الدولة لا تدعم الثقافة وتعتبرها رفاهية، فالكتاب والمسرح والأوبرا لا تدعم، على الرغم من أنها العقل المصري، وهذا كان سؤالي للمشير السيسي «ما هي خطتك لاستعادة العقل المصري؟»، فالعقل المصري منذ الستينيات ينحدر إلى أسفل، نتيجة ما فعله الانفتاحيون، لأنه من يملك المال، فظهر المسرح والغناء الهابط، واختفت الفنون الراقية، وجاء رد المشير السيسي: إن هذا هو دور المثقفين، ضعوا خطة وحركوا قاطرة الثقافة وأنا معكم. 

*متى تختفي كلمة «حظيرة» مثقفي فاروق حسني؟ 
الحل الوحيد هو أن يكون هناك مشروع ثقافي قومي، يشترك فيه كل مثقفي مصر، فنحن نعاني من المراهقة الثقافية، فهناك الكثير من أمراض الحياة الثقافية التي آن الأوان لأن نتخلص منها.
الجريدة الرسمية