رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مواجهة الفساد لا تقل عن مواجهة الإرهاب!


الجماهير التي انتخبت الإخوان للبرلمان لم تنتخبهم لكفاءاتهم وقدراتهم، لكن لاعتقادها أن هؤلاء ناس "بتوع ربنا".. بمعنى أنهم سوف يتصدون للفاسدين، تشريعًا ورقابة.. فمصر تسبح في بركة من الفساد الذي يمتص دمها وخيرها.. والجماهير التي انتخبت الدكتور مرسي، بغض النظر عن الظروف التي اضطرت عاصرى الليمون لانتخابه، فعلت ذلك لأنه رجل "بتاع ربنا"، ولأنه سوف يطهر مصر من اللصوص والمرتشين ومافيا التصدير والاستيراد، وأراضي الدولة، والآثار..إلخ.

لكنّ شيئًا لم يحدث.. وخرجت قطاعات عريضة من الشعب للثورة عليهم في ٣٠ يونيو، والإطاحة بهم في ٣ يوليو.. السؤال: هل سيكون المشير السيسي -إذا قدر الله وأصبح رئيسا لمصر- قادرا على مواجهة الفساد وشبكاته وعصاباته المتغلغلة في المجتمع، والجهاز الإداري، ومؤسسات الدولة؟! لقد تكلم الرجل عن ضرورة مواجهة الفساد، لكن أي فساد؟ لا شك أن المشير السيسي -بحكم وظائفه السابقة- على قدر من المعرفة بحجم الفساد في مصر، لكنه في حاجة لمن يضيف إليه، سواء فيما يتصل بالأشكال المختلفة للفساد أو بالوسائل المختلفة لمواجهته.

في تصورى، سوف تكون حربًا -ربما لا تقل شراسة وضراوة- عن حرب الإرهاب.. لذا من المهم جدًا أن يجلس الرجل مع ممثلى ورجال الأجهزة الرقابية، وأن تكون هناك صراحة وشفافية، وأعتقد أنه سيسمع أشياءً ربما لا تخطر له أو لنا على بال.. وكما أن للفساد أشكالا وألوانا، هو أيضا درجات.. فهناك من يسرق جنيهًا، ومن يسرق ألفًا، ومن يتجاوز الملايين..

لكن لا تندهش إذا وجدت إنسانًا يعطيك انطباعًا بأنه لا يقبل على نفسه جنيهًا حرامًا، لكنه "يبلع" بلدا بأكمله في جوفه(!) عهدنا أن يتابع ويحاسب ويعاقب السارق أو المختلس أو الهارب من سداد مبلغ تافه، أما الذين امتلأت خزائنهم و"أكراشهم" بالملايين من الحرام، فلا متابعة ولا حساب ولا عقاب.. أخشى أن يصدق فينا قول الحبيب صلى الله عليه وسلم: "إنما أهلك الأمم من قبلكم كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد".

معروف على المستوى الشعبى أن كنس السلم يبدأ من الدرجات العليا، وليس العكس.. لكن هناك من يستسهل كنس الدرجات السفلى.. فهذه لا ظهر لها ولا سند ولا مدافع.. كما أنها قليلة الحيلة، لا تستطيع هربًا ولا فرارًا.. فهل سيبدأ المشير السيسي بكنس السلم من درجاته العليا؟ وهل لديه خطة للقيام بذلك، خاصة أن هذه النوعية من الفاسدين تمتلك قدرات كبيرة على التخفى والتعمية والهروب، باستخدام وسائل تقنية حديثة؟!

من المعلوم أن لدينا فسادًا يرتع في مجالات وميادين شتى، بل يتطور وينمو بسرعة مذهلة.. ومن المعلوم أيضًا أنه من الصعب -لكن ليس مستحيلا- ملاحقته.. فقط يحتاج الأمر تشريعًا يحقق المتابعة والملاحقة والردع، وأجهزة رقابية مؤثرة وفاعلة، ولا تخشى في الحق لومة لائم.. وقبل ذلك وبعده رئيس يتقى الله فينا، ويوقن أن الموت أقرب إليه من شراك نعله.

أجهزة الرقابة لابد أن تنشط، وأن تكون لديها الحصانة والصلاحية الكافية التي تمكنها من اقتحام قلاع الفساد، أيًا كانت، إذ من المؤكد أن نهضة مصر لن تتحقق دون تجفيف منابع الفساد بكل أشكاله وصوره.

Advertisements
الجريدة الرسمية