رئيس التحرير
عصام كامل

ربيع؟! بل شتاء قاتل!


لم تمر على لحظة واحدة، اعتقدت فيها أن ما تعرضت له تونس، ومن بعدها، مصر ثم ليبيا، ثم اليمن، وحاليًا سوريا، ثورات ربيع عربى.. الربيع يعنى ازدهار الروح، وما جرى ويجرى وأد للروح، الربيع يعنى تفتح الزهور.. يعنى البهجة، يعنى الجو بديع.. الكون فى حالة نشوة، وما يجرى هو كآبة ودم واكتئاب، وفى عز الدم المراق، كان القلب ينزف، والعين تجهش بالبكاء، إنه الخماسين العربى، رياح السموم، الإعلام الغربى والمخابرات الغربية مولعان بإطلاق أسماء تلخص «الحالة» السياسية أو «العملية» العسكرية.

ظنوا أن ما تشهده الدكتاتوريات هو عملية ديمقراطية، هات ديمقراطية واحدة بازغة الآن، سقطت الدكتاتوريات، ومعها سقطت الشعوب فى قبضة الفوضى والتشاحن والتكالب، بعد عامين، فى تونس تحول الغضب الشعبى إلى يأس، جاءت رصاصة التحريض المتطرفة فقتلت شكرى بلعيد المعارض اليسارى.. فى مصر خرجت فتوى «شعبان» بقتل الصباحى والبرادعى.. وفتوى بإقامة حد الحرابة على المعارضة، الغطاء الدينى متوفر، تبقى ضغطة واحدة على الزناد، تدخل مصر نفق الدم وبحاره، تونس تسبق بخطوة، نحن وراءها قد نتجاوزها، المقدمات مخيفة، حرائق المولوتوف والعنف فى الشوارع علامات، ليس ثائرًا أو مصريًا من يحرق قصر الرئاسة، ليس بجندى مصرى من يردى مصرياً قتيلاً أو يفجر عينيه، دعوات المعارضة فى الشارع سبقت قادة الإنقاذ ورفعت شعار إخراج مرسى من الحكم، ليس من مصلحة الرئيس المقبل إخراج أو طرد الرئيس الحالى من الحكم، سيتم إخراجه وطرده هو الآخر، نحن لا نعيش الربيع العربى، ولا الخماسين، نعيش الشتاء العربى، برد سياسى، حر سياسى، قارص، نيران فى وهج الشتاء، وجوه غاضبة، ملثمة، دعوات قتل، ناجح إبراهيم صوت عاقل، الإسلام لا يبيح قتل المعارض قط، الإسلام لا يكفر الخصوم، يوجد مندسون، إذا تأملنا المشهد، كل جمعة غضب أو رحيل أو كرامة أو خلاص، سنجد مندسين على الطرفين: الحكم والمعارضة، المندسون وسط المعارضة هم قاذفو كرات النار على الممتلكات العامة وحرق الأقسام، المندسون على نظام الحكم هم المتطوعون بإصدار فتاوى القتل، هم المتبرعون بالمزايدة على الحاكم، حسناً فعلت الرئاسة إن وصفت من يقتل باسم الدين بأنه إرهابى، حسناً فعلت المعارضة إذ تنسحب من المظاهرات التى تندلع فيها كرات اللهب، صوت عاقل آخر.. كان من أسباب الشقاق ألقى بطوق نجاة: المستشار القانونى للرئاسة أصدر تصريحات أظنها ستجد صدى طيباً، قال ما تقوله المعارضة، حيث قال: تغيير رئيس الوزراء ضرورى، تغيير المواد الخلافية فى الدستور ضرورى، ياه!! أحتاج رئيس الجمهورية كل هذا الوقت وكل هذا التخريب وكل هذا الدم المصرى، وكل هذا التفكير، لينتهى أخيراً إلى ما تريده المعارضة؟! إن الرئيس مبارك، تأخر كثيراً، فكانت الفاتورة فادحة، وأظنه كان سيكسب الشعب كله لو بادر بإلغاء نتائج انتخابات 2010، أحسب أيضاً أن د. مرسى سيكسب محبة الناس لو دعا إلى بناء دستور يرضى الناس، والعمل بدستور 71 مؤقتاً، أظنه سيكسب لو أعلن الطلاق الرسمى بينه وبين جماعة المقطم، واختار جماعة الشعب!
رد موسى أو مبادرة مرسى عبر فؤاد جاد الله المستشار القانونى بالتأكيد على أن أحدًا لا يريد إسقاط الرئيس المنتخب، ولا الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة!
تصريح جاد الله يجذب المعارضة يرضيها، تصريح مرسى فى الشق الأخير منه سيقسم المعارضة، لن يرضيها.
الجريدة الرسمية