رئيس التحرير
عصام كامل

بين الفساد.. والإفساد


من يحمى الفساد..؟
سؤال نردده بل ونصرخ به منذ سنوات.. قبل 25 يناير وبعدها وحتى الآن.. فالفساد هو أكبر وأول معاول هدم أي مجتمع، وهو ينتشر في مجتمعنا منذ سنوات كالسرطان في محاولة للإجهاز على الوطن.. لقد استشرى سرطان الفساد في مجتمعنا وتغلغل في أعماق أعماقه.. تستر وراء شعارات الانفتاح مرة.. والإصلاح مرة.. والتطوير مرة..و..و.. ودفع معظم الشعب وخاصة الفقراء الثمن.. تحملنا فاتورة الفساد التي دخل حسابها إلى جيوب الفسدة والمُفسدين والفاسدين.. 

من يحمى الفساد هو المُستفيد الأول منه..  هم أصحاب المطامع.. ومن هنا يلجئون للإفساد بالعمولات والرشاوى وشراء الذمم.. لتتسع الدائرة وليُصبح الكل في قارب واحد إن حاول أحدهم الفرار منه أو الكشف عنه..أكله الباقون وأجهزوا عليه حماية لمصالحهم وبقائهم.. فالفساد والفَسَدة.. يحتمون ببعضهم البعض.. ويتسترون خلف بعضهم البعض..

بالله عليكم.. من يحمى الاعتداء على البحيرات.. وعلى المجرى الملاحى لنهر النيل.. من يحمى تبوير الأرض الزراعية التي عاشت آلآف السنين ولكننا بورناها وبنينا عليها المبانى.. وذهبنا لنزرع الصحراء ونتكبد ملايين الملايين بدلًا من التوسع فيها وبناء المدن على طريقة "ودنك منين يا جحا".. ورغم ما نتكبده من خسائر فادحة في الأمرين.. نخسر أجود الأراضي الزراعية وننفق الملايين لاستصلاح أراض صحراوية.. نكتفى بإصدار القوانين وتطبيقها بين الحين والآخر ذرًا للرماد في العيون.. والمثير في الأمر أنه حين يسعى بعض الأفراد لاستزراع الأرض الصحراوية نتهمهم بالاعتداء على الأموال العامة وأملاك الدولة ونسحبها منهم ونبورها من جديد وكأنه عداء للخضرة وللأرض.. وهو في الحقيقة حماية لمنظومة الفساد والفسدة.. 

بالله عليكم من يحمى الفساد في التعليم..الدروس الخصوصية جهارًا نهارًا.. وأمام أعين وزارات التربية والتعليم المتعاقبة.. الغافلة أو المتغافلة عن هذا السوس الذي ينخر في عظام التعليم المصرى حتى وصل بنا إلى ما نحن عليه الآن من تعليم متدن ومستوى هابط سواء للمناهج أو للطلبة أو حتى المدرسين..أو الأبنية التعليمية.. 

بالله عليكم، من يحمى فساد المحليات وخاصة في مجال الإسكان.. من يحمى تجاوزات البناء.. والأدوار المخالفة التي يدفع ثمنها الباحثون عن شقة أو مأوى.. من يحمى مخالفات مواصفات البناء جهارًا نهارًا ثم تنهار العمارة تلو الأخرى لمخالفات واضحة لكل العيان إلا عيون بعض مهندسى الأحياء من الفسدة والفاسدين.. 

من يحمى فساد الاستيراد المفتوح على مصراعيه لكل شىء وأي شىء فبارت بسببه صناعات وأغلقت مصانع.. و لمصلحة من.. حفنة من المستوردين لم يُراعوا إلاّ أنفسهم.. بالله عليكم من يُصدق أن مصر تستورد الفول والثوم.. ونحن من المفترض دولة زراعية.. أو هكذا كنا.. من يتصور أننا نستورد أكل الكلاب والقطط بملايين الدولارات أو الجنيهات وهناك ملايين يبحثون عن لقمة عيش في المخلفات.. 

هل تتحكم في بلدنا "مافيا" من الفسدة والفاسدين؟. نعم علينا الاعتراف بوجودهم وعلينا الاعتراف بأن مافيا الفساد يُساند أعضاؤها بعضهم البعض لحماية مصالحهم ولو لم نعترف بذلك فلن نجد طريق أو وسائل الإصلاح.. كفانا دفنًا للرءوس في الرمال..كفانا تعاميًا عن الفساد..كفانًا سكوتًا على الفسدة.. 

من حقنا بعد ثورتين أن نحمى أنفسنا.. حاضرنا ومستقبلنا.. وبالقانون..علينا تفعيل وتطبيق القانون على الفسدة والفاسدين.. علينا التصدى لهم بكل الوسائل والسبل.. فضحهم وفضح مخططاتهم في كل وسائل الإعلام الشريفة.. نعم الشريفة لا المغرضة التي تتواطأ مع الفساد..نعم هناك وسائل إعلام تبيع الوهم للناس وتدلس عليهم لمصلحة الفسدة والفاسدين.. 

فشبكة الفساد لم تترك مكانًا لم تتسلل إليه..إنهم حولنا في كل مكان يُريدون الإجهاز على الوطن لمصلحتهم..هم ومن بعدهم الطوفان..آن الأوان ونحن ننتظر رئيسًا جديدًا جاء ليحكم باسم الثورة وباسم الشعب.. أن تتصدى الدولة للفساد والفاسدين والمفسدين..أن تحمينا من شرورهم وفسادهم الذي ينخر في جسد المجتمع منذ سنوات.. 
الجريدة الرسمية