رئيس التحرير
عصام كامل

ارحموا جنود الأمن المركزى


والله العظيم حرام ما يحدث لجنود الأمن المركزى، هؤلاء الشباب الذين لم ينالوا حظا من التعليم ومعظمهم إن لم يكن جميعهم من أفقر طبقة اجتماعية فى مصر، أولاد الفلاحين الذين يعانون من الفقر والجهل والمرض ولا يستطيعون تعليم أبنائهم نتيجة لظروفهم المادية الصعبة، ومن أجل العمل ومساعدة أسرهم فى مواجهة أعبائهم المعيشية القاسية.. هؤلاء الشباب قدرهم السيئ أنهم اتولدوا فى بلد ظالم لا يعرف معنى الرحمة والإنسانية ليس للمواطن فيه قيمة وكرامة بل خُلق من أجل خدمة الحاكم فقط، ويأتى جنود الأمن المركزى فى أدنى مرتبة الخلق والبشر وكأنهم جاءوا لهذه الدنيا للوقوف فى مواكب وتشريفات الحكام ومواجهة المظاهرات والتعرض للضرب والإهانة والخدمة فى البيوت والمزارع والحقول، ونهايتهم إما الموت والإصابة برصاص المجرمين البلطجية أو المندسين فى المظاهرات أو تحميلهم المسئولية ومحاكمتهم عن قتل وإصابة المتظاهرين.

لماذا يتم تجنيد هؤلاء الشباب لمدة ثلاث سنوات؟ لماذا لا يكونون مثل أقرانهم من الشباب الحاصلين على مؤهلات متوسطة أو عليا لمدة عام واحد أو عامين أو يتم إعفائهم نهائيا من أداء الخدمة؟ رغم أن شباب مصر الذين لم يتعلموا نتيجة لظروف آبائهم المادية الصعبة هم الأكثر فائدة سواء لأسرهم أو لبلدهم من خلال عملهم فى الحقول أو المهن المختلفة.
 كلامى هذا ليس معناه عدم فائدة شباب مصر المتعلم، ولكن مقصدى هنا أنه فى ظل أزمة البطالة المزمنة نجدها أكثر فى الحاصلين على مؤهلات، قبل الثورة حينما كنت أتألم كثيرا لمشاهد جنود الأمن المركزى وهم مصلوبون فى الحر الشديد والبارد القارس فى الشوارع من أجل تأمين موكب الرئيس أو التصدى للمظاهرات والوقفات الاحتجاجية.
كما أننى كنت أتألم كثيرا لهؤلاء الجنود وهم مكدسون فى سيارات غير آدمية وهناك عشرات جنود الأمن المركزى قُتلوا سواء فى هذه السيارات أو قطارات الدرجة الثالثة المتهالكة، كان ذلك قبل الثورة التى تمنيتُ بعدها أن تتحقق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية التى قامت من أجلها، وأبسط قواعد العدالة هى المساواة بين كل شباب الوطن فى الحقوق والوجبات التى من أهمها أداء الخدمة العسكرية، لماذا نفرق بين شاب متعلم وآخر غير متعلم يتم تجنيده ثلاث سنوات وآخر سنتين أو سنة أو إعفائه نهائيا من الخدمة؟ ولماذا الإصرار على استمرار تجنيد الشباب غير المتعلم فى الأمن المركزى؟
كنا نفهم ذلك قبل الثورة من أجل خدمة الحاكم المستبد وقمع المتظاهرين، على اعتبار أنه يتم استغلال طيبة هؤلاء الشباب فى تنفيذ الأوامر دون تفكير.. هكذا كان الحال قبل الثورة أما الآن يجب على المسئولين رفع الظلم عن شباب مصر غير المتعلم وعدم تجنيدهم فى الأمن المركزى وتخفيض مدة تجنيدهم مثل أقرانهم من الشباب ومنحهم رواتب محترمة، فمعظمهم يتحمل مسئولية أسرهم فيكفى حرمانهم من التعليم أيضا نظلمهم بالخدمة العسكرية لمدة ثلاث سنوات كلها ظلم وذل وإهانة. وإن لم يفعل المسئولون ذلك وهذا هو المتوقع يجب على كل منظمات حقوق الإنسان أن تتبنى هذه القضية إذا كانت هناك ثورة فعلا فى مصر ودستور جديد يسوى بين المواطنين فى الحقوق والواجبات.
egypt1967@yahoo.com


الجريدة الرسمية